الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعترف الفاتيكان إلى حد كبير بموقف بولس من المسيحية وعدم حرصه عليها، فقد جاء في كتاب نشره الفاتيكان سنة 1968 بعنوان "المسيحية عقيدة وعمل" ما يلي:
كان القديس بولس منذ بدء المسيحية ينصح لحديثي الإيمان أن يحتفظوا بما كانوا عليه من أحوال قبل إيمانهم بيسوع". وذلك أمر يستدعي الدهشة فليس لإنسان أن يسمح لمؤمن أن يظل على ما كان عليه قبل الإيمان، ولكن بولس لم يكن يهتم بالمسيحية، وكان تشويهها وتدميرها هدفا من أهدافه. (1)
خامسًا: أخلاق بولس الرسول
كما يرفض المحققون وسم النصارى لبولس بالرسول، إذ ليس له شاهد على دعواه النبوة إلا شهادته لنفسه بأنه رأى المسيح فجعله رسولًا، ومثل هذه الشهادة لا يعتد بها (انظر يوحنا 5/ 31) كما قد رفض المحققون - كما أسلفنا - قصة تجلي المسيح له التي رواها عنه تلميذه لوقا في سفر أعمال الرسل لما فيها من تناقضات تبطل قدسيتها ووقوعها.
كما وجد المحققون في أقوال بولس ما يستحيل أن يصدر من نبي ورسول.
فمن ذلك:
1 -
إساءته الأدب مع الله في قوله: "لأَنَّ جَهَالةَ الله أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ الله أَقْوَى مِنَ النَّاسِ! "(كورنثوس (1) 1/ 25)، فلا يقبل أن يقال بأن لله ضعفًا أو جهالةً من أحد، سواء كان رسولًا أو غير رسول، وصدور مثله عن الرسل محال، إذ هم أعرف الناس بربهم العليم القوي المتعال.
2 -
ومثله يقول بولس: "لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ الله."(كورنثوس (1) 2/ 10).
ويقول مستحلًا المحرمات: "12 كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي"" (كورنثوس (1) 6/ 12).
يقول التفسير التطبيقي للكتاب المقدس تعليقًا على هذه الفقرة: "استغلت الكنيسة هذا
(1) المسيحية، أحمد شلبي ص (130).
القول أسوأ استغلال في أوقات كثيرة، فكان بعض المسيحيين يبررون الكثير من خطاياهم بالقول إن المسيح قد رفع كل خطية، فأصبح لهم الحرية أن يعيشوا كما يشاؤون".
3 -
إلغاء بولس للناموس، ومثل هذا الموقف لا يكون من الأنبياء والرسل الذين تأتي دعوتهم لتؤكد على طاعة الله وتدعو إلى السير وفق شريعته، يقول (1):"فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَال الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ (التوراة وشرائعها المختصة بالكهنوت اللاوي) مِنْ أَجْلِ ضَعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا. وَلكِنْ يَصِيرُ إِدْخَال رَجَاءٍ أَفْضَلَ بِهِ نَقْتَرِبُ إِلَى الله."(عبرانيين 7/ 18 - 19).
ويقول مبررًا إلغاء نظام الكهنوت التوراتي: "فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذلِكَ الأَوَّلُ بِلَا عَيْبٍ لمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ."(عرانيين 8/ 7).
4 -
وصفه للناموس بالشيخوخة: "وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الاضْمِحْلَالِ."(عبرانيين 8/ 13).
5 -
ضعفه أمام الشهوات بما لا يليق بأحوال الأنبياء، فيقول: "لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ
…
لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ .. وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي." (رومية 7/ 15 - 23).
6 -
اعتقاده أن شيطانًا قد وكل إليه أن يضربه، فيؤدبه لكي يتجنب الغرور:"رسول الشيطان وكل إليه بأن يلطمني لئلا أتكبر"(كورنثوس (2) 12: 7". (2)
وعجبًا أن تكون هذه الصفات في إنسان ثم يصبح رسولًا ومؤسس ديانة (3).
وأما المعجزات المذكورة له في الرسائل (أعمال 14/ 3) (انظر قصة شفائه للمقعد في
(1) رسالة العبرانيين لا يعرف قائلها على الحقيقة، لكن بعض المفسرين نسبها إلى بولس - من غير دليل عليه -، قد نسبنا هذه الأقوال إليه تبعًا لهؤلاء المفسرين.
(2)
الإسلام والأديان الأخرى نقاط الاتفاق والاختلاف، أحمد عبد الوهاب (ص 142).
(3)
المسيحية، أحمد شلبي (112).
أعمال 14/ 8 - 11)، وقصة إحيائه أفتيخوس في أعمال 20/ 9 - 12) فلا تصلح دليلًا على نبوته لأن المسيح أخبر بمقدم الكذبة المضلين الذين يصنعون العجائب، فقال محذرًا من الاغترار بمعجزاتهم:": "انْظُرُوا! لَا يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ المسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ .... وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ .... لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آياتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ المُخْتَارِينَ أيضًا." (متى 24/ 4 - 25)، فقد يكون بولس أحد هؤلاء الكذابين الذين يعطون الآيات والعجائب، التي تضل حتى المختارين من التلاميذ. (1)
كما أن الأعاجيب -وكما سبق- لا تصلح أكثر من دليل على الإيمان فحسب، إذ كل مؤمن -حسب الإنجيل - يستطيع أن يأتي بإحياء الموتى وشفاء المرضى، فقد نقل متى عن المسيح قوله:"فَالحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الجْبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ."(متى 17/ 20).
وقال: "الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَال الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أيضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي."(يوحنا 14/ 12).
ويقول يوحنا محذرًا من الأنبياء الكذبة: "، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا .... مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلَّا الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ المسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ المسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ"(يوحنا (1) 2/ 22).
وقد حذر بطرس أيضًا فقال: "وَلكِنْ، كَانَ أيضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أيضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلَاكٍ .... "(بطرس (2) 2/ 1 - 3).
وهكذا كما قال المسيح عن هؤلاء المبطلين: "فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ."(متى 7/ 5 - 23)، فقد كانت ثمار بولس بدع الهلاك التي أدخلها في المسيحية: ألوهية المسيح،
(1) هل العهد الجديد كلمة الله؟ (39 - 41).