الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلًا عَلَيْهِ".
وورد في إنجيل متى (3/ 11): "أَجَابَ يُوحَنَّا الجَمِيعَ قِائِلًا: "أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ".
وفي إنجيل مرقس (16/ 16): "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ". (1)
(4) التشابه في فكرة الفادي بين الوثنيات القديمة والنصرانية
.
وكذلك سرت في الوثنيات فكرة الفادي والمخلص الذي يفدي شعبه أو قومه، وكانت الأمم البدائية تضحي بطفل محبوب، لاسترضاء من تسميهم آلهة السماء، وفي تطور لاحق أضحى الفداء بواسطة مجرم حكم عليه بالموت، وعند البابليين كان الضحية يلبس أثوابًا ملكية - كتلك التي ألبسها النصارى للمسيح في قصة الصلب -، لكي يمثل بها ابن الملك، ثم يجلد ويشنق.
وعند اليهود خصص يوم للكفارة يضع فيه كاهن اليهود يده على جدي حي، ويعترف فوق رأسه بجميع ما ارتكب بنو إسرائيل من مظالم، فإذا حمل الخطايا أطلقه في البرية.
وأما فكرة موت الإله فهي عقيدة وثنية حيث كان العقل اليوناني يحكم بموت بعض الآلهة.
والفداء عن طريق أحد الآلهة أو ابن الله أيضًا موجودة في الوثنيات القديمة كما وقد ذكر السير آرثر فندلاي في كتابه "صخرة الحق" أسماء ستة عشر شخصًا اعتبرتهم الأمم آلهة سعوا في خلاص هذه الأمم. منهم: أوزوريس في مصر 1700 ق. م، وبعل في بابل 1200 ق. م، وأنيس في فرجيا 1170 ق. م، وناموس في سوريا 1160 ق. م، وديوس فيوس في اليونان 1100 ق. م، وكرشنا في الهند 1000 ق. م، وأندرا في التبت 725 ق. م، وبوذا في الصين 560 ق. م، وبرومثيوس في اليونان 547 ق. م، ومترا (متراس) في فارس 400 ق. م. (2)
ولدى البحث والدراسة في معتقدات هذه الأمم الوثنية نجد تشابهًا كبيرًا مع ما يقوله النصارى في المسيح المخلص.
(1) المصدر السابق (179 - 181).
(2)
هل العهد الجديد كلمة الله؟ (ص 91) نقلا عن: العقائد المسيحية بين القرآن والعقل، هاشم جودة (ص 219).
فأما بوذا المخلص عند الهنود الوثنيين فلعله أكثر الصور تطابقًا مع ما يقوله النصارى عن المسيح، فقد ذكر صاحب كتاب "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" التشابه بين بوذا والمسيح من ثمانية وأربعين وجهًا، ولعل مرد هذا التشابه إلى تأخره التاريخي، فكان تطوير النصارى لذلك المعتقد ضئيلًا.
وكذلك التشابه الكبير في الألقاب التي يطلقها هؤلاء وهؤلاء على ما يعبدونه، فالبوذيون كما نقل المؤرخون يسمون بوذا المسيح المولود الوحيد، ومخلص العالم، ويقولون: إنه إنسان كامل وإله كامل تجسد بالناسوت، وأنه قدَّم نفسه ذبيحة ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم من ذنوبهم حتى لا يعاقبوا عليها. (1)
وجاء في أحد الترنيمات البوذية عن بوذا: "عانيتَ الاضطهاد والامتهان والسجن والموت والقتل بصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس، وسامحتَ المسيئين إليك".
ويذكر مكس مولر في كتابه "تاريخ الآداب السنسكريتية" فيقول: "البوذيون يزعمون أن بوذا قال: دعوا الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع عليّ، كي يخلص العالم".
ويرى البوذيون أن الإنسان شرير بطبعه، ولا حيلة في إصلاحه إلا بمخلص ومنقذ إلهي.
وكذلك فإن المصريين يعتبرون أوزوريس إلهًا ويقول المؤرخ بونويك في كتابه "عقيدة المصريين": يعد المصريون أوزوريس أحد مخلصي الناس، وأنه بسبب جده لعمل الصلاح يلاقي اضطهادًا، وبمقاومته للخطايا يقهر ويقتل".
ويوافقه دوان في كتابه "خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى".
لذا يقول آرَثر ويجال: "إن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني، وهي حقًّا من آثار الوثنية في الإيمان". (2)
(1) العقائد الوثنية في الديانة النصرانية (203 - 219).
(2)
انظر: الغفران بين الإسلام والمسيحية، إبراهيم خليل أحمد (118)، معاول الهدم والتدمير في النصرانية وفي التبشير، إبراهيم الجبهان (147)، حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر، أحمد عبد الوهاب (70 - 71)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (90 - 92).