الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الخامس: إذا اتفقت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على حكم، وجب إثباته، وتحريف ألفاظ أسفار أهل الكتاب نطق به القرآن الكريم والسنة النبوية وهو الراجح في المسألة، لوجود مرجحات عدة، أبرزها الكتاب والسنة، وما أكده الواقع وشهد به على مر العصور، فلا يعتد بمن قال خلاف ذلك، فالتحريف اللفظي والمعنوي واقع ولا شك في هذا كما سيأتي!
الأمر السادس: أنه على فرض أن الكتب السابقة لم تمسها أيدي المحرفين، فلا حجة للنصارى في ذلك، لأن عندنا التمسك بكتاب منسوخ ولو كان صحيحًا، كالتمسك بكتاب مبدل محرف.
ثانيًا: أدلة إثبات التحريف اللفظي والمعنوي للتوراة والإنجيل من القرآن، والسنة، وأقوال العلماء في ذلك
.
أولًا: إثبات التعريف من القران الكريم
تحدث القرآن الكريم عن تحريف التوراة والإنجيل في عدة آيات كريمة:
1 -
منها قول الله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)} [آل عمران: 71]).
2 -
وقال تعالى {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46].
3 -
وقال تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)} (البقرة: 75).
وعن تحريفهم بالنقص يقول:
{قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} (الأنعام: 91)، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)} [البقرة: 174] (البقرة: 174)، {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 15].
وعن تحريفهم بالزيادة والكذب على الله يقول:
قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ
مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران: 78)، وقال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 13].
قال الطبري: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودنا من بني إسرائيل قاسية، منزوعًا منها الخير، مرفوعًا منها التوفيق، فلا يؤمنون ولا يهتدون، فهم لنزع الله عز وجل التوفيق من قلوبهم والإيمان، يحرفون كلام ربهم الذي أنزله على نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم، وهو التوراة، فيبدلونه، ويكتبون بأيديهم غير الذي أنزله الله عز وجل على نبيهم، ثم يقولون لجهال الناس: هذا هو كلام الله الذي أنزله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أوحاها إليه. وهذا من صفة القرون التي كانت بعد موسى من اليهود، ممن أدرك بعضهم عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عز ذكره أدخلهم في عداد الذين ابتدأ الخبر عنهم ممن أدرك موسى منهم، إذ كانوا من أبنائهم، وعلى منهاجهم في الكذب على الله، والفرية عليه، ونقض المواثيق التي أخذها عليهم في التوراة. (1)
يقول الرازي مبينًا إعجاز القرآن الكريم في هذا الباب: قوله تعالى {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} هو إشارة إلى أن أهل الكتاب يذكرون التأويلات الفاسدة للنصوص التي عندهم وليس فيه بيان أنهم يخرجون اللفظة من الكتاب، أما في الآية الثانية فقوله تعالى
(1) تفسير الطبري 4/ 496.