الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا إِلَى الأَبَدِ". فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَال إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ."(الخروج 32/ 10 - 14).
ومثل هذا الندم في الأسفار كثير (انظر إرميا 26/ 19، 42/ 11، عاموس 7/ 6، التكوين 18/ 20).
رابعًا: هل يأمر الله بمثل هذا
؟
كما تذكر التوراة أن الله أمر أوامر غريبة يظهر لمن تدبرها مقدار العبث فيها والذي ينزه عنه الله جل وعلا، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
1 -
موسى إله فرعون، وهارون نبي موسى: جاء في سفر الخروج (7/ 1 - 3): "فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: "انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلهًا لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ. أَنْتَ تَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ، وَهَارُونُ أَخُوكَ يُكَلِّمُ فِرْعَوْنَ لِيُطْلِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِهِ. وَلكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ."
2 -
الله يأمر بالفاحشة: ومنها أن الله أراد أن يصور حال بني إسرائيل معه وإدبارهم عن عبادته إلى عبادة الأصنام، فأمر نبيه باتخاذ جومر الزانية زوجة تنجب له من غيره أبناء زنا" أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَال الرَّبُّ لِهُوشَعَ: "اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلَادَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ"."(هوشع 1/ 2)، وفي موضع آخر "وَقَال الرَّبُّ لِي:"اذْهَبْ أيضًا أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً، كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَمُحِبُّونَ لأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ"." (هوشع 3/ 1).
تقول مقدمة السفر في نسخة الرهبانية اليسوعية: "في جرأة هوشع النبي ما يدهش، فإنَّه يجسد في حياته الخاصة تجسيدًا رمزيًا ما من علاقات بين الرب وشعبه الخائن. . كان ولا يزال زواج هوشع أكثر الأمور جدلًا في التفسير الكتابي. . ولا يرجح على كل حال أننا أمام مجرد استعارة. . ليس زواج هوشع خيالًا، بل رمز، ولذلك فمن شبه المستحيل وغير المفيد أن نهتدي إلى الحدث التاريخي الذي فيه، إنه عمل نبوي، مثل تلك الأعمال التي قام بها الأنبياء (راجع إشعيا 20/ 1 - 6، وأعمال الرسل 21/ 10 - 14)، والتي يفسرونها هم بأنفسهم".
3 -
ومثل هذه القصة ما تنسبه التوراة إلى الله من أمره لنبيه إشعياء بالتعري، ولماذا؟ لكي يري بني إسرائيل ما ينتظرهم من الهوان والذل والعري على يد ملك آشور" فِي ذلِكَ الْوَقْتِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ قَائِلًا:"اِذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ". فَفَعَلَ هكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا. فَقَال الرَّبُّ: "كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلَاثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ، هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلَاءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي الأَسْتَاهِ خِزْيًا لمِصْرَ."(إشعياء 20/ 2 - 4).
يقول التفسير التطبيقي تعليقًا على هذه الفقرة: "كان أمر الله لإشعياء أن يتجول عاريًا لمدة ثلاث سنوات، وهو اختبار مُذِل، فقد كان الله يستخدم إشعياء لبيان ما ستختبره مصر وكوش من إذلال على يد آشور، ولكن كانت الرسالة في الواقع ليهوذا".
4 -
ويذكر سفر حزقيال أن الله أمر نبيه حزقيال بأوامر كثيرة منها أنَّه أمره وبني إسرائيل أن يأكلوا كعك الشعير مخبوزًا مع فضلات الإنسان، ولما صعب الأمر على حزقيال، خصه وسمح له أن يخبز كعكة الشعير مع فضلات البقر، بدلًا من فضلات الإنسان.
والنص بتمامه: "وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ". وَقَال الرَّبُّ: "هكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ". فَقُلْتُ: "آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلَا دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ". فَقَال لِي: "اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ، فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ"." (حزقيال 4/ 12 - 15).
5 -
ومن ذلك اعتقادهم أن الله يقذف - تعالى عن ذلك - الروث الحيواني في وجوه عصاة بني إسرائيل: "قَال رَبُّ الْجُنُودِ. فَإِنِّي أُرْسِلُ عَلَيْكُمُ اللَّعْنَ، وَأَلْعَنُ بَرَكَاتِكُمْ، بَلْ قَدْ لَعَنْتُهَا، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ جَاعِلِينَ فِي الْقَلْبِ. هأَنَذَا أَنْتَهِرُ لَكُمُ الزَّرْعَ، وَأَمُدُّ الْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ، فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ، فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ لِكَوْنِ عَهْدِي مَعَ لَاوِي،
قَال رَبُّ الْجُنُودِ." (ملاخي 2/ 2 - 4)، فمثل هذا لا يقبل ولو كان في باب الاستعارة والمجاز.
6 -
وتتحدث الأسفار أن الله أمر بني إسرائيل بسرقة أصحابهم من المصريين، وأنه شارك بهذا الغش عندما أمال قلوب المصريين إلى الموافقة على إعارة بني إسرائيل ما يطلبونه من ذهب وجواهر وثياب فتقول:"ثُمَّ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: "ضَرْبَةً وَاحِدَةً أيضًا أَجْلِبُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى مِصْرَ. بَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ مِنْ هُنَا. وَعِنْدَمَا يُطْلِقُكُمْ يَطْرُدُكُمْ طَرْدًا مِنْ هُنَا بِالتَّمَامِ. تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُل مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ". وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. . . . وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ."(الخروج 11/ 1 - 12/ 36).
7 -
وتتحدث الأسفار عن الرب وهو يأمر بالإغواء والكذب، ويبحث عمن يرشده إلى طريقة لإغواء آخاب" فَقَال الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَال هذَا هكَذَا، وَقَال ذَاكَ هكَذَا. ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَال: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَال لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ فَقَال: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَال: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا." (الملوك (1) 22/ 20 - 22).
8 -
ويتحدث سفر العدد عن شريعة غريبة يكتشف الرجل بموجبها خيانة زوجته أو براءتها، ألا وهو شرب ماء اللعنة المر الممزوج بغبار البيت، فإن ورمت بطنها وسقطت فخذها، فهي مذنبة، وإن قدر لها النجاة من هذا الماء الغريب، فإنها تكون بريئة.
ودعونا نتأمل طقوس هذا الاختبار الغريب، يقول سفر العدد: "يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلَى الْكَاهِنِ، وَيَأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ، لَا يَصُبُّ عَلَيْهِ زَيْتًا وَلَا يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا، لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَةٍ، تَقْدِمَةُ تَذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْبًا. فَيُقَدِّمُهَا الْكَاهِنُ وَيُوقِفُهَا أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنَ الْغُبَارِ الَّذِي فِي أَرْضِ المُسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي الماءِ، وَيُوقِفُ الْكَاهِنُ الْمرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَكْشِفُ رَأْسَ المُرْأَةِ، وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التَّذْكَارِ الَّتِي هِيَ تَقْدِمَةُ الْغَيْرَةِ، وَفِي يَدِ الْكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللَّعْنَةِ المرُّ.