الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع التناقضات الواردة في العهد الجديد:
أولًا: تناقضات الإنجيليين في رواياتهم بعض الأحداث
1 - نسب المسيح:
لعل أهم وأصرح تناقضات العهد الجديد تناقض متى ولوقا في نسب يوسف النجار، فقد اختلفا اختلافًا لا يمكن الجمع فيه، كما تناقض لوقا ومتى مع ما جاء في سفر الأيام الأول، وهو يتحدث عن بعض ملوك إسرائيل الذين جعلهم متى من أجداد المسيح.
يقول متى: "كِتَابُ مِيلَادِ يَسُوعَ المُسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ المُلِكَ. وَدَاوُدُ المُلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ اسَا. وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا. وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى المُسِيحَ. فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، وَمنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، وَمنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى المُسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا."(متى 1/ 1 - 17).
لكن لوقا يورد نسبًا آخر للمسيح يختلف تمام الاختلاف عما جاء في متى يقول لوقا: " وَلمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لَاوِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ يَنَّا، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ عَامُوصَ، بْنِ نَاحُومَ، بْنِ
حَسْلِي، بْنِ نَجَّايِ، بْنِ مَآثَ، بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ شِمْعِي، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يُوحَنَّا، بْنِ رِيسَا، بْنِ زَرُبَّابِلَ، بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ، بْنِ نِيرِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ أَدِّي، بْنِ قُصَمَ، بْنِ أَلمُودَامَ، بْنِ عِيرِ، بْنِ يُوسِي، بْنِ أَلِيعَازَرَ، بْنِ يُورِيمَ، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لَاوِي، بْنِ شِمْعُونَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يُونَانَ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ، بْنِ مَلَيَا، بْنِ مَيْنَانَ، بْنِ مَتَّاثَا، بْنِ نَاثَانَ، بْنِ دَاوُدَ، بْنِ يَسَّى، بْنِ عُوبِيدَ، بْنِ بُوعَزَ، بْنِ سَلْمُونَ، بْنِ نَحْشُونَ، بْنِ عَمِّينَادَابَ، بْنِ أَرَامَ، بْنِ حَصْرُونَ، بْنِ فَارِصَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يَعْقُوبَ، بْنِ إِسْحَاقَ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ تَارَحَ، بْنِ نَاحُورَ، بْنِ سَرُوجَ، بْنِ رَعُو، بْنِ فَالجَ، بْنِ عَابِرَ، بْنِ شَالحَ، بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ، بْنِ سَامِ، بْنِ نُوحِ، بْنِ لَامَكَ، بْنِ مَتُوشَالحَ، بْنِ أَخْنُوخَ، بْنِ يَارِدَ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ، بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَنُوشَ، بنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ الله" (لوقا 3/ 23 - 38).
توقف المحققون مليًا عند التناقض في نسب المسيح، وقد استوقفتهم ملاحظات منها:
1 -
أن متى ولوقا اتفقا في ابتداء النسب بيوسف النجار، ثم افترقا ليلتقيا من جديد بزربابل بن شألتئيل، حيث جعله متى الجد العاشر ليوسف النجار، فيما جعله لوقا الجد التاسع عشر ليوسف.
ثم اختلف الإنجيليان من جديد اختلافًا كبيرًا، فقد جعل متى المسيح من ذرية ملوك بني إسرائيل سليمان ثم رحبعام ثم أبيا ثم أسا ثم يهوشافاط .... ، بينما يجعله لوقا من نسل ناثان بن داود، وليس في أبنائه من ملك علي بني إسرائيل.
2 -
ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين، أي سليمان وناثان ابنا داود عليه السلام، كما لا يعقل أيضًا ذات الأمر بخصوص زربابل وأبوه شألتئيل، فإما أن يكونوا (المسيح وزربابل وشألتئيل) من نسل سليمان أو من ذرية أخيه ناثان.
3 -
وأيضًا بلغ الاختلاف بين القوائم الثلاث مدى يستحيل الجمع فيه على صورة من الصور، فالاختلاف في أعداد الأجيال كما الأسماء، وثمة خلل في الأنساب وإسقاط لعدد من الآباء.
4 -
وقد حرص متى على تقسيم سلسلة الأنساب التي ذكرها إلى ثلاثة مجموعات في كل منها أربعة عشر أبًا فيقول: "فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، وَمنْ دَاوُدَ إِلَى
سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، وَمنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى المُسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا." (متى 1/ 17).
لكن متى لم يوف بالأرقام التي ذكرها، إذ لم يذكر بين المسيح والسبي سوى اثني عشر أبًا. وقد تصرف متى في المجموعة الثانية، فأسقط عددًا من الأسماء ليحافظ على الرقم 14، فأسقط ما بين يورام وعزيا ثلاثة آباء، هم أخزيا بن يورام وابنه يواشى وابنه أمصيا والد عزيا. (1)
والسؤال كيف يجمع علماء الكتاب المقدس بين تناقضات أنساب المسيح؟
قال بعضهم: "لا يراد من هذا شجرة نسب كامل
…
أسماء قد سقطت من بعض الإنجيليين، وهذا للتوضيح الموصل إلى الرغبة بإثبات سلالة مؤسسة على الصحة التاريخية في خطوطها العريضة أو عناصرها الأساسية".
ولكن بوكاي لا يرى هذا التبرير مقبولًا؛ لأن النصوص لا تسمح بمثل هذا الافتراض، إذ أن نص التوراة الذي اعتمد عليه الإنجيليون يقول: فلان في عمر كذا أنجب كذا، ثم عاش كذا من السنين، وهكذا فليس ثمة انقطاع.
ويقول صاحب كتاب "شمس البر": "معرفتنا بطريقة تأليف جداول النسب في تلك الأيام قاصرة جدًّا"، ويعلق بوكاي:"لا شك أن نسب المسيح في الأناجيل قد دفع المعلقين المسيحيين إلى بهلوانيات جدلية متميزة صارخة تكافئ الوهم والهوى عند كل من لوقا ومتى". (2)
لكن النتيجة الخطيرة والمهمة المترتبة على وجود هذا التناقض هي: أن إنجيل متى لم يكن معروفًا للوقا مع أنه قد سبقه بنحو عشرين سنة، ولو كان لوقا يعرفه، أو يعتبره إنجيلًا مقدسًا لراجعه ولما خالفه، فدل ذلك على عدم وجود إنجيل متى يومذاك، أو إسقاط الاعتبار له. (3)
ثم ماذا عن يوحنا ومرقس لم أهملا نسب المسيح، فلم يذكراه؟ هل يرجع ذلك لشكهما في صحة متى ولوقا أم خوفًا من سخرية اليهود أم ..... ؟ . (4)
(1) المسيح في مصادر العقائد المسيحية (78 - 83)، إظهار الحق (1/ 187 - 190)
(2)
انظر: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاي، ص (119 - 120).
(3)
محاضرات في النصرانية (95).
(4)
هل العهد الجديد كلمة الله؟ (164 - 169).