الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(التثنية 27/ 2 - 8)، وقد عمل بالوصية وصي موسى يشوع فكتبها على حجارة الذبح.
وبعد إتمام البناء قرأ يشوع التوراة على الجموع، وهي له تسمع " 32 وَكَتَبَ هُنَاكَ عَلَى الحجَارَةِ نُسْخَةَ تَوْرَاةِ مُوسَى الَّتِي كَتبَهَا أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
…
34 وَبَعْدَ ذلِكَ قَرَأَ جَمِيعَ كَلَامِ التَّوْرَاةِ. 35 لَمْ تَكُنْ كَلِمَةٌ مِنْ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى لَمْ يَقْرَأْهَا يَشُوعُ قُدَّامَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَالنِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ وَالْغَرِيبِ السَّائِرِ فِي وَسَطِهِمْ." (يشوع 8/ 32 - 35). (1)
2 - تناقض سفر يشوع مع الأسفار الخمسة
.
ومما يؤكد أن التوراة التي كتبها موسى ليست الأسفار الخمسة: مخالفة يشوع وصي موسى لما جاء فيها، ولو كان يعرفها أو يعتقد صدقها لما خالفها، فإما أن يقال بأن سفر يشوع مزور، أو لا تصح نسبة الأسفار الخمسة إلى موسى.
وبيان هذه المسألة أن موسى قال: "17 كَلَّمَنِي الرَّبُّ قَائِلًا: 18 أَنْتَ مَارّ الْيَوْمَ بِتُخْمِ مُوآبَ، بِعَارَ. 19 فَمَتَى قَرُبْتَ إِلَى تجاهِ بَنِي عَمُّونَ، لَا تُعَادِهِمْ وَلَا تَهْجِمُوا عَلَيْهِمْ، لأنِّي لَا أُعْطِيكَ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَمُّونَ مِيرَاثًا، لأنِّي لِبَنِي لُوطٍ قَدْ أَعْطَيْتُهَا مِيرَاثًا."(التثنية 2/ 16 - 20) فكان أمر الله لموسى في حق أرض عمون أن لا يأخذ منها شيئًا.
ولكن يشوع في سفره ينسب إلى موسى أنه قسم أرض بني عمون، يقول: " 24 وَأَعْطَى مُوسَى لِسِبْطِ جَادَ، بَنِي جَادَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ: 25 فَكَانَ تُخُمُهُمْ يَعَزِيرَ وَكُلَّ مُدُنِ جِلْعَادَ وَنِصْفَ أَرْضِ بَنِي عَمُّونَ إِلَى عَرُوعِيرَ الَّتِي هِيَ أَمَامَ رَبَّةَ
…
هذَا نَصِيبُ بَنِي جَادَ" (يشوع 13/ 24 - 28)، فقد زعم سفر يشوع أن الله أعطى موسى نصف أرض بني عمون، وهو مخالف لما أمر الله به موسى.
فلو كانت هذه الأسفار توراة موسى لما نسب يشوع إلى موسى هذه المخالفة الصريحة لأمر الله بتقسيم أرض عمون.
3 - أحداث ذكرتها التوراة، وقد حصلت بعد وفاة موسى
.
كما أن التوراة ذكرت أحداثًا حصلت بعد وفاة موسى في سيناء، مما دل على أنها كتبت
(1) هل العهد القديم كلمة الله؟ (31 - 32).
بعده، ومنها:
1 -
تقول التوراة: "وَأَكَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ المَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا المَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ."(خروج 16/ 35)، فكاتب السفر أدرك انقطاع المنّ عن بني إسرائيل، وعرف أن مدة أكلهم للمنّ كانت أربعين سنة، وهو أمر لم يدركه موسى عليه السلام، فقد انقطع المنّ زمن يشوع وبعد وفاة موسى بزمن ليس بقليل، ففي سفر يشوع "10 فَحَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الجلْجَال
…
فِي عَرَبَاتِ أَرِيحَا. 11 وَأَكَلُوا مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ .. 12 وَانْقَطَعَ المَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ" (يشوع 5/ 10 - 12). فكيف يتحدث موسى عن أمر حدث بعد وفاته، وذلك حين دخلوا الأرض المقدسة مع النبي يشوع، ومن المهم التنبيه إلى أن الخبر عن الماضي، وذلك في النص السابق في قوله "فحلَّ وأكلوا وانقطع المن في الغد عند أكلهم"، وليس إخبارًا بالغيب والمستقبل، لذا لا يمكننا أن نعتبره نبوءة من موسى عليه السلام. (1)
2 -
ثم إن سفر العدد يصف المنّ لقارئيه، فمن المؤكد أنه يحدثهم عما لم يروه، ومن العجيب أن ينسب هذا الوصف إلى موسى، إذ ما الذي يدعوه لوصف المنّ وطعمه وطريقة طهيه لمن يصنعه ويأكله من معاصريه، يقول السفر:"7 وَأَمَّا المَنُّ فَكَانَ كَبِزْرِ الْكُزْبَرَةِ، وَمَنْظَره كَمَنْظَرِ المُقْلِ. 8 كَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَلْتَقِطُوهُ، ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي الْقُدُورِ وَيَعْمَلُونَهُ مَلَّاتٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ."(العدد 11/ 7 - 8) وانظر: (الخروج 16/ 31)، إنه شاهد آخر ببراءة موسى من كتابة هذه الأسفار. (2)
3 -
ويذكر سفر العدد ما يُشعِر بأن الكاتب قد كتبه بعد جلاء بني إسرائيل من برية سيناء ودخولهم فلسطين فيقول: "32 وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلًا يَحْتَطِبُ
(1) وانظر: الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف (77).
(2)
هل العهد القديم كلمة الله؟ (32 - 33).
حَطَبًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ." (العدد 15/ 32)، فالكاتب ليس في البرية حتمًا. أي ليس موسى عليه السلام، فإنه قد مات في البرية قبل دخول الأرض المقدسة.
4 -
ونحوه قول كاتب الأسفار: "وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفَرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ."(التكوين 13/ 7)، وهذا النص جعلته نسخة الرهبانية اليسوعية بين قوسين للإيهام بأنه ملحق بالسياق، والصحيح أصالته، وأن السفر متأخر التأليف.
5 -
ونحوه في قوله: "31 وَهؤُلَاءِ هُمُ المُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ، قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِأ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. "
وقد أقر المحقق آدم كلارك بوقوع التحريف في هذا النص، وقال:"غالب ظني أن موسى ما كتب هذه الآية، والآيات التي بعدها إلى التاسعة والثلاثين .. وأظن ظنًا قويًّا قريبًا من اليقين أن هذه الآيات كانت مكتوبة على حاشية نسخة صحيحة، فظن الناقل أنها جزء من المتن فأدخلها فيه". (1)
ولم يبين دليله الذي دفعه لهذا الظن الذي قارب اليقين، لكن هذا التبرير من كلارك يفضي إلى الشك بجملة الكتاب المقدس، إذ كما جاز للناسخ أن يدخل في المتن هنا ما ليس فيه، فإنه يجوز وقوع ذلك في سائر الكتاب. (2)
6 -
ورد في سفر اللاويين (5/ 15 - 16): "يَأْتِي إِلَى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ مِنْ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ الْقُدْسِ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ. 16 وَيُعَوَضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ الْقُدْسِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ، وَيَدْفَعُهُ إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنْهُ بِكَبْشِ الإِثْمِ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ."
وهذا الكلام في معرض التكفير عن الخطأ في أقداس الرب عندهم.
ومعروف كما سبق أن بني إسرائيل لم يكونوا دخلوا القدس في عهد موسى، ولم
(1) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (2/ 468).
(2)
هل العهد القديم كلمة الله؟ (34 - 35).