الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعدم مقابلة الجاهل حسب حماقته، ثم يعود ليدعو إلى مقابلة الجاهل حسب حماقته، ليترك للقارئ دهشًا لا يدري بأي الوصيتين يعمل، يقول السفر:"لَا تجاوِبِ الجْاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلَّا تَعْدِلَهُ أنتَ. جَاوِبِ الجْاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ. "(الأمثال 26/ 4 - 5)، فكيف يقابل أولئك الذين يهتدون بهدي الكتاب حماقة الجاهل؟ .
4 -
ومن التناقضات التي وقع فيها كُتَّاب التوراة أنه جاء في سفر الملوك أن الله وعد داود فقال: "وَيَكُونُ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ وَبَيْتِهِ وَكُرْسِيِّهِ سَلَامٌ إِلَى الأَبَدِ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ". " (الملوك (1) 2/ 33).
لكن في سفر صموئيل ما ينقض ذلك تمامًا، فقد قال له الله:"وَالآنَ لَا يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الحثِّيِّ لِتكُونَ لَكَ امْرَأَةً. "(صموئيل (2) 12/ 15)، فهل وُعِد بالسيف الأبدي أم بالسلام الأبدي، فالسيف والسلام ضدان لا يجتمعان.
رابعًا: التناقض التاريخي
ومن تناقضات العهد القديم التناقض في وصف أشياء محسوسة محددة، أو أخبار تاريخية معينة ذكرت في أكثر من موضع في أسفار التوراة، ولم يتنبه الكتبة الملهمون إلى تناقضهم مع نصوص سابقة:
1 -
ومنه أنه جاء في سفر الأيام وصف دقيق للمذبح النحاسي الذي صنعه سليمان، ومما جاء في وصفه أنه " وَيَسَعُ ثَلَاثَةَ آلَافِ بَثٍّ."(الأيام (2) 4/ 5).
وكان سفر الملوك قد أورد وصفًا دقيقًا للمذبح يتطابق مع ما جاء في سفر الأيام غير أن سعة المذبح تختلف بنسبة 33% إذ جاء فيه". يَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ."(الملوك (1) 7/ 26).
فهل نسي الروح القدس ما كان أملاه أم ماذا سبب هذا التفاوت بين الرقمين؟
2 -
ويذكر سفر الملوك أن لسليمان أربعين ألف إصطبل لخيوله، فيقول:"وَكَانَ لِسُلَيمانَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مِذْوَدٍ لِخَيْلِ مَرْكَبَاتِهِ، وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ."(الملوك (1) 4/ 26).
وهذا الرقم كبير جدًّا، خاصة مع صغر أورشليم زمن سليمان عليه السلام، وهو على
كل حال مناقض لما جاء في سفر الأيام، وفيه "وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مِذْوَدِ خَيْل وَمَرْكَبَاتٍ، وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ"(الأيام (2) 9/ 25).
ويحاول القس استانلي شوبرج كبير قساوسة السويد إزالة هذا التناقض في مناظرته مع العلامة ديدات، فيقول في محاولة يائسة منه تدعو للضحك:"إن هذا يبرهن على بركة الله، في البداية كان عند سليمان أربعة آلاف مذود، زادت إلى أربعين ألف مذود بانتهاء العام". (1)
3 -
وتتحدث الأسفار عن غنائم داود التي غنمها من ملك صوبة، فيقول سفر صموئيل:"وَضرَبَ دَاوُدُ هَدَدَ عَزَرَ بْنَ رَحُوبَ مَلِكَ صُوبَةَ حِينَ ذَهَبَ لِيَرُدَّ سُلْطَتَهُ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ. فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْهُ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِل. وَعَرْقَبَ دَاوُدُ جَمِيعَ خَيْلِ المُرْكَبَاتِ وَأَبْقَى مِنْهَا مِئَةَ مَرْكَبَةٍ."(صموئيل (2) 8/ 3 - 4)، فقد أخذ منه 1700 فارس، سوى ما أخذه من راجلته.
وهذه الأرقام لا تتفق مع الأرقام التي ذكرها سفر الأيام، حين جعل الفرسان المأسورين 7000 فارس، عدا ما أخذه من راجلته، فقال:"وَضَرَبَ دَاوُدُ هَدَرَ عَزَرَ مَلِكَ صُوبَةَ فِي حَمَاةَ حِينَ ذَهَبَ لِيُقِيمَ سُلْطَتَهُ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ، وَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْهُ ألفَ مَرْكَبَةٍ وَسَبْعَةَ آلَافِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِل، وَعَرْقَبَ دَاوُدُ كُلَّ خَيْلِ المُرْكَبَاتِ وَأَبْقَى مِنْهَا مِئهَ مَرْكَبَةٍ."(الأيام (1) 18/ 3 - 4).
4 -
ويقص سفر صموئيل عن حرب أرام مع بني إسرائيل، فيقول:"وَقَتَلَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ سَبْعَ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ فَارِسٍ"(صموئيل (2) 10/ 18).
ثم أعادت الأسفار ذكر حرب إسرائيل مع أرام فقال كاتب سفر الأيام: "وَهَرَبَ أَرَامُ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ، وَقَتَلَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ سَبْعَةَ آلَافِ مَرْكَبَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ رَاجِل"(الأيام (1) 19/ 18).
وبين السفرين تناقض واضح في نقطتين:
(1) انظر: مناظرتان في استكهولم، أحمد ديدات، ص (60).
الأولى: كم عدد المراكب التي قتلها جيش إسرائيل هل 700 أم 7000، ولم يوضح لنا السفر كيف تقتل المراكب؟ ولعله أراد من فيها.
الثانية: هل كان القتلى من الفرسان أم المشاة؟ فكيف لم يفرق الملهِم بين الفرسان والمشاة؟
5 -
ومثله وقع الخطأ في عمر يهوياكين الذي ملك بني إسرائيل، فقد جاء في سفر الملوك "كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمانِي عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ"(الملوك (2) 24/ 8).
وفي سفر الأيام ما ينقضه ولا سبيل إلى الجمع، إذ يقول:"كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمانِي سِنِينَ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ."(الأيام (2) 36/ 9).
6 -
ويذكر سفر صموئيل أنه "وَوُلدَ لأَبْشَالومَ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَبِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةَ المُنْظَرِ."(صموئيل (2) 14/ 27).
وفي سفر الملوك يذكر ابنة أخرى غير ثامار الوحيدة، فيقول:"مَعْكَةُ ابْنَةُ أَبْشَالومَ. "(الملوك (1) 15/ 2) فكيف زعم سفر صموئيل أنها وحيدة؟ .
7 -
ويتحدث سفر صموئيل عن ميكال بنت شاول فيقول: "وَلَمْ يَكُنْ لمِيكَال بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا."(صموئيل (2) 6/ 23)، ولكنه في السفر نفسه يذكر أن لها ذرية، وأن لهم خمسة من الأبناء من زوجها عدرئيل المحولي، فيقول:"وَبَنِي مِيكَال ابْنَةِ شَاوُلَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ لِعَدْرِئِيلَ بْنِ بَرْزِلَّايَ المُحُولِيِّ"(صموئيل (2) 21/ 8).
والحق أن ليس ثمة تناقض هنا، بل خطأ وقع فيه كاتب صموئيل الذي لم يميز بين ميكال وأختها ميرب التي تزوجت عدرئيل المحولي، فقد جاء في سفر صموئيل "وَكَانَ فِي وَقْتِ إِعْطَاءِ مَيْرَبَ ابْنَةِ شَاوُلَ لِدَاوُدَ أَنَّهَا أُعْطِيَتْ لِعَدْرِيئِيلَ المُحُولِيِّ امْرَأَةً."(صموئيل (1) 18/ 19)، ثم حكى السفر قصة زواج داود من أختها ميكال.
وقد اعترف محررو قاموس الكتاب المقدس بهذا الخطأ، وردوه إلى خطأ بعض المخطوطات القديمة، وقد أبدلت نسخة الكتاب المقدس المسماة "الكتاب المقدس الأمريكي
الجديد" الصادرة عام 1973 م، أبدلت ميكال بميراب، لتصحح هذا الخطأ الكبير الذي ما زال شامخًا في جميع الترجمات العالمية، ليدلل على أن هذا الكتاب ليس كلمة الله.
8 -
ومما تناقض فيه كتاب التوراة عدد وكلاء سليمان المسلطين على الشعب، فزعم سفر الملوك أنهم 550 وكيلًا، في حين ذكر سفر الأيام أنهم 250 وكيلًا فقط، يقول سفر الملوك:"هؤُلَاءِ رُؤَسَاءُ المُوَكَّلِينَ عَلَى أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ خَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ، الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ .... "(الملوك (1) 9/ 23).
في حين أن سفر الأيام يخالفه، فيقول في نفس السياق:"وَهؤُلَاءِ رُؤَسَاءُ المُوَكَّلِينَ الَّذِينَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ، مِئَتَانِ وَخَمْسُونَ المْتَسَلِّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ .... "(الأيام (2) 8/ 10).
9 -
ومن عجيب تناقضات الكتاب وقوعها في صفحة واحدة، يكذب آخرُها أولَها، ليترك القارئ في دهشة وحيرة مما يقرأ، إذ يخبرنا سفر الملوك عن مدة حكم الملك السامري يهوآحاز بن ياهو، وأنه قد ملك مدة سبع عشرة سنة، بدأت في السنة الثالثة والعشرين من حكم الملك اليهوذي يوآش "فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ ليُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَهُوأَحَازُ بْنُ يَاهُو عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سَبع عَشَرَةَ سَنَةً."(الملوك (2) 13/ 1)، ولو سألتُ القاري في أي سنة من سنين الملك يوآش مات يهوآحاز؟ فإنه سيجيب بأنها السنة الأربعين من حكم يوآش.
ولن أسهب في شكره على توصله إلى الجواب بسرعة، إذ لا صعوبة البتة في أن ندرك مهما اختلفت ثقافاتنا وقدراتنا الرياضية أن 23+ 17 = 40
لكن هذه النتيجة على بساطتها لم يتوصل إليها الكاتب المجهول لسفر الملوك، إذ يقول في نفس الإصحاح وهو يحدثنا عن موت يهوآحاز وتولي ابنه يهوآش:"فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ لِيُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَهُوآشُ بْنُ يَهُوأَحَازَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَة."(الملوك (2) 13/ 10)، فهل كان موت يهوآحاز في السنة الأربعين من حكم يهوآش - كما توصل القاري الكريم- أم في السنة السابعة والثلاثين منه؟ إني أختبئ الكثير من الشكر والتقدير لذلك العبقري الذي سيخبر في أي القولين كان الحق الذي أوحى به الله العليم؟