الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرض نفسها لم تكن مأهولة بالكائنات الحية حتى مجيء اليوم التالي أي اليوم السادس كما سنرى في الفقرة التالية من ذات سفر التكوين. من المؤكد أن الأصول العضوية للحياة جاءت من البحر. من البحر تم تشكيل الأرض كما هو الشأن في تكوينها الذي أعطاها شكلها المعروف لنا، وعلى ظهرها وجد عالم الحيوانات ومن الحيوانات التي كانت تعيش على سطح الأرض وعلى وجه الخصوص من نوع معين من الزواحف يعتقد أن الطيور قد نشأت. إن العديد من الخصائص البيولوجية المشتركة بينهما تجعل هذا الاحتمال الظني ممكنًا. ووحوش الأرض لم يتم ذكرها حتى اليوم السادس بسفر التكوين حتى فترة ما بعد خلق الطيور وهذا الترتيب في الظهور بحيث تظهر الوحوش بعد الطيور ليس مقبولًا. (1)
سابعًا: لهفة تفضحهم وتنسب إلى ربهم نقصًا
في سفر التكوين 2/ (1 - 3): "فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2 وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3 وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا.
التعليق: إن هذا الوصف التوراتي لليوم السابع يحتاج منا بعض التعليقات. وتنصب هذه التعليقات:
أولًا: وقبل كل شيء على ما تعنيه الكلمات المستخدمة في التوراة لوصف هذا اليوم السابع.
إن كلمة (جند) في تعبير: (وأكملت السموات والأرض وكل جندها) إنما هي كلمة غريبة في هذا السياق.
أما كلمة (استراح) التي وردت في النص فهي تفيد أن الله كان قد أصابه التعب في الأيام الستة الأولى (فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل) ومن هنا جاء يوم الراحة عند اليهود وهو يوم السبت.
ولا ريب أن هذه الراحة التي يفترض هذا النص التوراتي أن الله قد أخذها بعد اليوم
(1) التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث (59)، هل العهد القديم كلمة الله (171).
السادس من أيام العمل إنما هي خرافة اخترعها خيال كاتب الإصحاح الثاني من سفر التكوين. وربما كان هناك تفسير لوجود هذه الخرافة. إننا يجب أن نضع في اعتبارنا أن هذا الوصف لعملية خلق العالم الذي نعرض له بالدراسة كما ورد بالتوراة إنما هو من النصوص التي سبق أن أشرنا إليها باعتبار أنها نصوص المرحلة الكهنوتية وهي المرحلة التي أخذ فيها (الكهنة) وهم الورثة الروحيون للنبي حزقيال (نبي السبي البابلي) على عاتقهم كتابة أسفار التوراة في القرن السادس قبل الميلاد. ومن المعروف أن أولئك الكهنة قد أعادوا صياغة وكتابة أسفار التوراة حسب مفهومهم وخبراتهم التي اكتسبوها وفقًا لمشيئتهم واهتماماتهم الخاصة التي ذكر الأب دي فو أن طابعها التشريعي كان جوهريًا.
وعلى حين لا يشير النص اليهودي للتوراة إلى راحة الله الذي تعب من عمله في الأيام الستة فسبت أي (استراح) نجد أن الكاتب (الكهنوتي) يقحمها على النص الذي يصف عملية خلق الله للعالم.
إن هذا الكاتب (الكهنوتي) يقسم روايته إلى أيام بالمعنى الدقيق لأيام الأسبوع وهو يجعل الهدف الأهم من هذه الرواية هو راحة الله في اليوم السابع والله هو أول من احترم الراحة في اليوم السابع. ولا ريب أن العلم يصف مثل هذه المحاولة الكهنوتية لفرض الراحة من العمل يوم السبت بأنها مجرد وهم وتوهم.
إن تهافت الكاتب الكهنوتي لقصة الخلق في بدء سفر التكوين على استغراق كل مراحل الخلق المتعاقبة في نطاق أسبوع بهدف الحث على الطاعة الدينية من جانب الشعب اليهودي بقصد وجوب إلزامه بتقديس الراحة يوم السبت لا يقبل أبدًا إمكانية الدفاع عنه من وجهة النظر العلمية.
إننا اليوم ندرك تمامًا أن تكوين العالم والأرض قد حدث في غضون مراحل استمرت على امتداد فترات زمنية طويلة.
وحتى لو كانت عملية الخلق كما قدمتها لنا التوراة قد انتهت في مساء ذلك اليوم