الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانوا يدعون إليها - وهو شرط من شروط المجمع المسكوني - ويرأسون جلساتها، ويصدقون على قراراتها، ويعملون على تنفيذها، وهذا يعني أن هذه المجامع قد خضعت لأهواء السلطات الحاكمة يدعون ويقررون ما يرونه في صالحهم وصالح سياستهم. (1)
وليس هدفنا في هذا الفصل تعداد المجامع المسكونية بالتفصيل، وإنما المقصود بيان أثر هذه المجامع في المسيحية، لذلك سنكتفي بذكر أهم هذه المجامع وخاصة المجامع الأولى منها؛ وذلك لأنها المختصة بتقرير القواعد والقرارات الدينية العامة التي ينبغي أن تلتزم بها كل الطوائف والكنائس.
أهم المجامع المسكونية:
1 - المجمع المسكوني الأوّل: مجمع نيقية 225 م
أولًا: سبب انعقاده:
له سببان: عام وخاص.
أما العام فهو: الاختلاف الشديد الذي وقع بين الطوائف المسيحية الأولى حول شخص المسيح وهويته.
والمشكلة من أساسها هي أن النصارى في القرون الثلاثة الأولى قد تعرضوا لألوان شتى من الاضطهاد والتعذيب، واستمر هذا الاضطهاد حتى عصر قسطنطين الذي منح النصارى الحرية والاطمئنان، لكنهم في الحقيقة لم ينعموا بالراحة والسعادة، ذلك أنهم حين استراحوا من نير الاضطهاد وشعروا بالاطمئنان جهر كل واحد بمسيحيته وباعتقاده في المسيح، وعندئذ فوجئوا بما هو أشد عليهم مما كانوا فيه، فلقد وجد النصارى أن بينهم من الخلاف ما لا يمكن وجوده في دين واحد.
يقول ول ديورانت: "إن أتباع المسيح قد انقسموا في الثلاثة قرون الأولى من ظهوره إلى مائة عقيدة وعقيدة". (2)
(1) تكوين أوروبا، كرستوفر دوس (45)، تأثر المسيحية بالأديان الوضعية (265).
(2)
قصة الحضارة (مج 3 ج 3 ص 291).
أما السبب الخاص فكان ما يسمى في تاريخهم (ببدعة آريوس)(1).
كان آريوس في مصر داعية قوي الدعاية، جريئًا فيها، واسع الحيلة، بالغ الأرب، قد أخذ على نفسه مقاومة كنيسة الإسكندرية فيما تبثه بين المسيحيين من ألوهية المسيح وتدعوا إليه، فقام هو محاربًا ذلك مقرًا بوحدانية المعبود، منكرا ما جاء في الأناجيل مما يوهم تلك الأوهية، وقد قال في بيان مقالته ابن البطريق:"كان يقول إن الآب وحده الله والابن مخلوق مصنوع، وقد كان الآب إذ لم يكن الابن". (2)
وقد اتسع الخلاف بين آريوس وبين بطريرك الإسكندرية في وقته، وقد تدخل قسطنطين إمبراطور الرومان في الأمر، فأرسل كتابا إلى آريوس والإسكندر يدعوهما إلى الوفاق، ثمَّ جمع بينهما، ولكنهما لم يتفقا، فجمع مجمع نيقية سنة 325 م.
يقول ابن البطريق في وصف المجتمعين: "بعث الملك قسطنطين إلى جميع البلدان، فجمع البطاركة والأساقفة، فاجتمع في مدينة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة، وكانوا مختلفين في الآراء والأديان، فمنهم من كان يقول إن المسيح وأمه إلهان من دون الله، وهم البربرانية، ويسمون الريميتين، ومنهم من كان يقول إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة من نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية منها، وهي مقالة سابليوس وشيعته، ومنهم من كان يقول لم تحبل به مريم تسعة أشهر، وإنما مر في بطنها كما يمر الماء في الميزاب، لأنَّ الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها، وهي مقالة البيان وأشياعه "إلى آخر الأقوال المختلفة التي ذكرها ابن البطريق. (3)
قال يعقوب نخلة" كل فئة تلعن الأخرى وتحرمها، وتزيف معتقدها ومذهبها.
(1) انظر تفصيلًا أكثر عن آريوس وحياته وتفصيل عقيدته، كتاب "تأثر المسيحية بالأديان الوضعية"، أحمد علي عجيبة (268 - 272).
(2)
محاضرات في النصرانية (140).
(3)
التاريخ المجموع على التحقيق (1/ 126).