الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيعجب بها فيدخل النار.
السبب الثاني: الاستغفار
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة وهو من جنس الدعاء، والسؤال وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو وقد يدعو ولا يتوب، والتوبة تمحو جميع السيئات وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة.
السبب الثالث: الأعمال الصالحة
.
فإن الله تعالى يقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر يوصيه:"اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"(1)، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(2)، وقال صلى الله عليه وسلم:"من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"(3)، وغير ذلك الكثير من الآيات والأحاديث.
إن الإنسان قد يقول إذا كفر عنى بالصلوات الخمس فأي شىء تكفر عني الجمعة أو رمضان وكذلك صوم يوم عرفة وعاشوراء وبعض الناس يجيب عن هذا بأنه يكتب لهم درجات إذا لم تجد ما تكفره من السيئات، فيقال: أولًا العمل الذي يمحو الله به الخطايا ويكفر به السيئات هو العمل المقبول، والله تعالى إنما يتقبل من المتقين.
فإن الله لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل ففعله كما أمر به خالصًا لوجه الله تعالى، صاحب الكبائر إذا اتقى الله في عمل من الأعمال تقبل الله منه ومن هو أفضل منه إذا لم يتق الله في عمل لم يتقبله منه وإن تقبل منه عملًا آخر، وإذا كان الله يتقبل ممن يعمل العمل على
(1) أخرجه أحمد (21392)، والترمذى (1987) وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3160).
(2)
مسلم (233).
(3)
البخاري (1723)، مسلم (1350).
الوجه المأمور به.
ففي السنن عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن العبد لينصرف عن صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها حتى قال إلا عشرها"(1)، وقال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، وفي الحديث:"رب صائم حظه من صيامه العطش ورب قائم حظه من قيامه السهر"(2)، وكذلك الحج والجهاد وغيرهما.
فالمحو والتكفير يقع بما يتقبل من الأعمال وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم فالسعيد منهم من يكتب له نصفها وهم يفعلون السيئات كثيرًا فلهذا يكفر بما يقبل من الصلوات الخمس شيء وبما يقبل من الجمعة شيء وبما يقبل من صيام رمضان شيء آخر وكذلك سائر الأعمال وليس كل حسنة تمحو كل سيئة بل المحو يكون للصغائر تارة ويكون للكبائر تارة باعتبار الموازنة.
والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله له به كبائر كما في الترمذي وابن ماجة وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلًا كل سجل منها مد البصر فيقال هل تنكر من هذا شيئًا فيقول لا يا رب فيقول لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة قدر الكف فيها شهادة أن لا إله إلا الله فيقول أين تقع هذه البطاقة مع هذه السجلات فتوضع هذه البطاقة في كفيه والسجلات في كفة فثقلت البطاقة وطاشت السجلات". (3)
فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخصهالا فأهل الكبائر (من المسلمين) الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا إله إلا الله ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجم قول صاحب البطاقة. وفي الصحيحين إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم
(1) مسند أحمد (18899)، سنن النسائي (611). وحسنه الألباني في الإيمان لابن تيمية 1/ 29.
(2)
مسند أحمد (8843)، سنن النسائي (3249)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1084).
(3)
أخرجه الترمذي (2639)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (8095).