الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البابا في كتب العهدين، كما أن معتقدي البابا يرمونهم بهذا رميًا شديدًا فلا احتياج إلى إثباته.
بقي القسم الأول وله ثلاثة أنواع:
أولًا: تحريف بتبديل الألفاظ.
ثانيًا: تحريف بالزيادة.
ثالثًا: تحريف بالنقصان. (1)
النوع الأول: التحريف بالتبديل
.
أولًا: مقدمة عن نسخ العهد القديم
.
لكي يتضح لنا موضوع التحريف بالتبديل في العهد القديم ينبغي أن نعلم أن النسخ المشهورة للعهد القديم عند أهل الكتاب ثلاث نسخ:
(الأولى) العبرانية وهي المعتبرة عند اليهود، وجمهور علماء البروتستنت.
(والثانية) النسخة اليونانية، وهي التي كانت معتبرة عند المسيحيين إلى القرن الخامس عشر من القرون المسيحية، وكانوا يعتقدون إلى هذه المدة تحريف النسخة العبرانية.
(والثالثة) النسخة السامرية، وهي المعتبرة عند السامريين، وهذه النسخة هي النسخة العبرانية لكنها تشتمل على سبعة كتب من العهد العتيق فقط، أعني الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام، وكتاب يوشع وكتاب القضاة؛ لأن السامريين لا يسلمون الكتب الباقية من العهد العتيق، وتزيد على النسخة العبرانية في الألفاظ والفقرات الكثيرة التي لا توجد فيها الآن. (2)
ثانيًا: نماذج التحريف بالتبديل
.
1 -
ورد في سفر التثنية (27/ 4) في النسخة العبرانية هكذا: "فإذا عبرتم الأردن فانصبوا الحجارة التي أنا اليوم أوصيكم في جبل عِيبال وشيدها بالجص تشييدًا"(3).
وفي طبعة أخرى هكذا "حين تعبرون الأردن، تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم
(1) إظهار الحق (2/ 427).
(2)
المصدر السابق (2/ 429 - 430) بتصرف.
(3)
هذا نص طبعة سنة 1844 م.
بها اليوم في جبل عيبال، وتكلسها بالكلس."
وهذه الجملة "فانصبوا الحجارة التي أنا اليوم أوصيكم في جبل عيبال" في النسخة السامرية هكذا: (تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جريزيم وتشيده بشيد)(1).
وعيبال (2) وجِرزيم (3) جبلان متقابلان كما يفهم من الفقرتين 12 و 13 من هذا الإصحاح حيث يقول: "هؤلاء يقفون على جبل جرزيم لكي يباركوا الشعب حين تعبرون الأردن
…
" وهؤلاء يقفون على جبل عيبال للعنة
…
"، ومن الفقرة 29 من الإصحاح "من هذا السفر حيث يقول"
…
فاجعل البركة على جبل جرزيم، واللعنة على جبل عيبال"، فيفهم من النسخة العبرانية أن موسى عليه السلام أمر ببناء الهيكل -أعني المسجد- على جبل عيبال، ومن النسخة السامرية أنه أمر ببنائه على جبل جِرزيم، وبين اليهود والسامريين سلفًا وخلفًا نزاع مشهور تدعي كل فرقة منهما أن الفرقة الأخرى حرّفت التوراة في هذا المقام.
2 -
ورد في سفر التكوين الإصحاح 29 - (طبعة سنة 1844 م) - هكذا: "- ونظر بئرًا في الحقل، وثلاثة قطعان غنم رابضةً عندها لأن من تلك البئر كانت تشرب الغنم، وكان حجر عظيم على فم البئر (3) وكان يجتمع كل الغنم
…
(8) فقالوا ما نستطيع حتى تجتمع الماشية" إلى آخر الآية، وفي طبعة سنة 1865 م كما يلي: "وَنَظَرَ وَإِذَا فِي الْحَقْلِ بِئْرٌ وَهُنَاكَ ثَلَاثَةُ قُطْعَانِ غَنَمٍ رَابِضَةٌ عِنْدَهَا، لأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ يَسْقُونَ الْقُطْعَانَ، وَالحجَرُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ كَانَ كَبِيرًا. فَكَانَ يَجْتَمِعُ إِلَى هُنَاكَ جَمِيعُ الْقُطْعَانِ فَيُدَحْرِجُونَ الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ وَيَسْقُونَ الْغَنَمَ
…
فَقَالوا: "لَا نَقْدِرُ حَتَّى تَجْتَمِعَ جَمِيعُ الْقُطْعَانِ وَيُدَحْرِجُوا الحْجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ، ثُمَّ نَسْقِي الْغَنَمَ".
ففي الآية الثانية والثامنة وقع لفظ "قطعان غنم"، ولفظ "الماشية"، والصحيح لفظ
(1) هذا نص التوراة السامرية ترجمة أبي الحسن إسحاق الصوري وتحيق أحمد حجازي السقا، والمطبوعة بالقاهرة سنة 1978 م.
(2)
عيبال: جبل في شمال مدينة نابلس (شكيم).
(3)
جرزيم: جبل في جنوب مدينة نابلس (شكيم).
(الرعاة) بدلهما كما هو في النسخة السامرية (1) واليونانية والترجمة العربية لوالتن.
3 -
ورد في سفر صموئيل الثاني (24/ 13) قال: "فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَأَخبَرهُ وَقَال لَهُ: "أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ .... ".
وفي سفر أخبار الأيام الأول 21/ 11 - 12 " فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَال لَهُ: "هكَذَا قَال الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ: إِمَّا ثَلَاثَ سِنِينَ جُوعٌ .... " ففي الموضع الأول لفظ "سَبْعُ سِنِي" وفي الثاني "ثَلَاثَ سِنِينَ" وأحدهما غلط يقينًا.
قال آدم كلارك في ذيل عبارة صموئيل: "وقع في كتاب أخبار الأيام ثلاث سنين لا سبع سنين، وكذا في اليونانية وقع ههنا ثلاث سنين، كما وقع في أخبار الأيام، وهذه هي العبارة الصادقة بلا ريب". انتهى كلامه.
4 -
وقع في سفر صموئيل الثاني (24/ 9): "فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُل ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئةِ أَلْفِ رَجُل.".
وفي 21/ 5 من سفر أخبار الأيام الأول: "فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُل مُسْتَلِّي السَّيْفِ، وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُل مُسْتَلِّي السَّيْفِ". فإحدى العبارتين ههنا محرفة.
قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل عبارة صموئيل: "لا يمكن صحة العبارتين، وتعيين الصحيحة عسير، والأغلب أنها الأولى، ووقعت في كتب التواريخ من العهد العتيق تحريفات كثيرة بالنسبة إلى المواضع الأخر، والاجتهاد في التطبيق عبث، والأحسن أن يسلم من أول الوهلة الأمر الذي لا قدرة على إنكاره بالظفر، ومصنفو العهد العتيق وإن كانوا ذوي إلهام لكنّ الناقلين لم يكونوا كذلك". انتهى كلامه.
فهذا المفسر اعترف بالتحريف، لكنه لم يقدر على التعيين، واعترف أن التحريفات في كتب التواريخ كثيرة، وأنصف فقال: الأسلم تسليم التحريف من أول الوهلة.
(1) نص السامرية هكذا: "2 - ونظر وهو ذا بئر في الصحراء وهو ذا هناك ثلاث قطعان غنما رابضة عليها. إن من تلك البئر يسقون القطعان وحجر عظيمة على فم البئر (3) وتجتمع هناك كل الرعاة
…
(8) فقالوا لا نقدر إلى أن تجتمع الرعاة".