الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسفار مشكوكًا فيها.
وفي مجمع "لوديسيا" 364 م أقر المجتمعون سفرًا آخر هو سفر أستير.
وفي 397 م عقد مجمع "قرطاجة" بحضور أكستاين، فأضاف المجمع للقائمة ستة أسفار هي (زوم، وطوبيا وباروخ وإيكليزنا سيتكس (يشوع بن سيراخ) والمكابيين الأول والثاني).
واعتبر المجتمعون سفر باروخ جزءًا من إرميا، ثم فصلوهما في مجمع "ترلو"، وأصبحت هذه الأسفار متفقًا عليها عند النصارى.
ومن ذلك كله نستطيع القول إن هذه الكتب قد كتبها القوم بأيديهم، ثم نسبوها إلى الله، وأعطتها المجامع البشرية صفة القداسة. (1)
المبحث الثاني: قانونية العهد الجديد
.
نحاول في هذا المبحث أن نجيب على عدة أسئلة:
كيف ظهرت الأناجيل بعد اختفاء إنجيل المسيح؟ ومن الذي كتبها؟ وما ظروف كتابتها؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة نقول وبالله تعالى التوفيق:
يقرر عدد من مؤرخي النصرانية انتقال روايات شفاهية، تبلورت فيما بعد بحركة دائبة في كتابة سيرة المسيح لتلبية حاجات الكنيسة المسيحية الناشئة، ونكتفي هنا بنقل ما ذكره يواكيم إرميا في كتابه الذي نشرته الكنيسة المصرية بعنوان "أقوال المسيح غير المدونة في بشائر الأناجيل" فيقول: "ينبغي أن نضع نصب أعيننا حقيقتين أساسيتين عن بشائر الإنجيل وكتابتها: أنه لمدة طويلة، كانت كل التقاليد المعروفة عن المسيح، كلها أقوال شفاهية متناقلة .. واستمرت على هذه الصورة ما يقرب من خمسة وثلاثين عامًا، ولم يتغير الوضع إلا في عهد اضطهاد نيرون للمسيحيين، حينها اجتمع شيوخ الكنيسة وكبارها في خريف عام 64 م، ووجدوا أن الكثيرين من أعمدة الكنيسة قد فقدوا .. ولم يجد المجتمعون أمامهم إلا يوحنا الملقب مرقص، زميل الرسول بطرس في الخدمة .. ليسجل
(1) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (1/ 105 - 108)، المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم، محمد البار، (169)، المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب (13 - 14)، هل العهد القديم كلمة الله؟ (66 - 67).
كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح.
والحقيقة الثانية: أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه، وينسجوا على منواله .. وتنشأ بشائر أخرى
…
حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر. .. ولما رأت الكنيسة أن الأمر جدُّ خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها "بشائر أبو كريفية"، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت".
وينبه المحققون إلى أمر هام، وهو أن شيئًا من الأناجيل لم يكن يسمى إنجيلًا في الصدر الأول للنصرانية، إنما سميت "كاروزوتا" أي موعظة، وذلك باللغة اليونانية التي وجد بها ما سمي فيما بعد بالأناجيل.
وهذه الكتابات أطلق عليها القديس جوستين في منتصف القرن الثاني اسم "مذكرات الرسل". (1)
يقول مدخل الرهبانية اليسوعية متحدثًا عن تاريخ تدوين العهد الجديد: "ويمكن تأريخ إنجيل مرقس في السنين 65 - 70 م .. وأما إنجيل متى وإنجيل لوقا فلا تنعكس فيهما البيئات نفسها، لأنهما وُجها إلى بيئات أخرى، وقد وضعا بعد إنجيل مرقس بخمس عشر إلى عشرين سنة".
وقد بدأت في أواسط القرن الثاني حركة لتجميع كتاب مقدس للنصارى على غرار ما عند اليهود، وقد أثمرت ما بين أيدينا من أسفار العهد الجديد.
يقول المدخل الفرنسي للعهد الجديد: "لم يشعر المسيحيون الأولون إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين أهم ما عمله الرسل وتولي حفظ ما كتبوه، ويبدو أن المسيحيين حتى ما يقرب من السنة 150 م تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر إلا قليلًا جدًّا إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة، وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء
(1) انظر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب (30 - 44)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (101 - 102).
أمرهم رسائل بولس، واستعملوها في حياتهم الكنسية، ولم تكن غايتهم قط أن يؤلفوا ملحقًا بالكتاب المقدس.
ومع ما كان لتلك النصوص من الشأن فليس هناك قبل القرن الثاني (بطرس (2) 3/ 16) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة، ولا يذكر أن لمؤلف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم، فلم يظهر ذلك إلا في النصف الثاني من القرن الثاني، فيمكن القول أن الأناجيل الأربعة حظيت نحو السنة. 170 م بمقام الأدب القانوني، وإن لم تستعمل تلك اللفظة حتى ذلك الحين.
يجدر بالذكر ما جرى بين السنة 150 والسنة 200 إذ حدد على نحو تدريجي أن سفر أعمال الرسل مؤلف قانوني، وقد حصل شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى. هناك عدد كبير من المؤلفات (الحائرة) يذكرها بعض الآباء ذكرهم لأسفار قانونية في حين أن غيرهم ينظر إليها نظرته إلى مطالعة مفيدة.
وهناك أيضًا مؤلفات جرت العادة أن يستشهد بها ذلك الوقت على أنها جزء من الكتاب المقدس، ومن ثم جزء من القانون لم تبق زمنًا على تلك الحال، بل أخرجت آخر الأمر من القانون، ذلك ما جرى لمؤلف هرماس وعنوانه الراعي، وللديداكي، ورسالة أكليمنص الأولى، ورسالة برنابا ورؤيا بطرس". (1)
وهذا الذي ذكرته مقدمة العهد الجديد نستطيع أن نجمله بأن حركة تدوين الأناجيل بدأت بعد موت أهم التلاميذ، وأخذت شرعيتها في أواسط القرن الثاني كما ساعد في تكوين قانونية العهد الجديد مرقيون الهرطوقي سنة 160 م حيث دعا لنبذ سلطة العهد القديم، واحتاج لتزويد كنيسته بأسفار مقدسة أخرى، فساهم أتباعه في نشر هذه الأناجيل فقد جمع في عهده إنجيلًا، وراجعه مراجعة دقيقة ليتمشى مع أفكاره، وجمع إليه رسالة
(1) انظر: قراءات في الكتاب المقدس، عبد الرحيم محمد (2/ 268 - 269)، اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (79 - 80)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (103).