الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب الثامن: مما يبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة وفتنة الملكين
.
السبب التاسع: مما يحصل له في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة
.
السبب العاشر: ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجَنَّة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجَنَّة
(1).
الرابعة: الله عز وجل يقضي بين عباده ولا يظلم أحدًا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
الله ينتصف من العباد ويقضي بينهم بالعدل وأن القضاء بينهم بغير العدل ظلم ينزه الله عنه وأنه لا يحمل على أحد ذنب غيره، وقال تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، فإن ذلك ينزه الله عنه بل لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"(2)، فقد حرم على نفسه الظلم كما كتب على نفسه الرحمة في قوله:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ، فالله سبحانه يحسن ويعدل ولا يخرج فعله عن العدل والإحسان ولهذا قيل كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل.
وعلى هذا فعقوبة الإنسان بذنب غيره ظلم ينزه الله عنه وأما إثابة المطيع ففضل منه وإحسان (3).
قال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ، وقال أيضًا:{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} ، فالصواب الذي دلت عليه النصوص أن الظلم الذي حرمه الله على نفسه وتنزه عنه فعلا وإرادة هو ما فسره به سلف الأمة وأئمتها أنه لا يحمل المرء سيئات غيره ولا يعذب بما لم تكسب يداه ولم يكن سعى فيه ولا ينقص من حسناته فلا يجازي بها أو ببعضها إذا قارنها أو طرأ عليها ما يقتضي إبطالها أو اقتصاص المظلومين منها وهذا الظلم الذي نفى الله تعالى خوفه عن
(1) منهاج السنة لابن تيمية (6/ 206: 226).
(2)
مسلم (2577).
(3)
منهاج السنة 1/ 137 - 9/ 302.
العبد بقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)} (1).
قال أهل السنة والحديث ومن وافقهم: إن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو سبحانه حكم عدل لا يضع الشيء إلا في موضعه الذي يناسبه ويقتضيه العدل والحكمة والمصلحة، وهو سبحانه لا يفرق بين متماثلين ولا يساوي بين مختلفين ولا يعاقب إلا من يستحق العقوبة، ويضعها بوضعها لما في ذلك من الحكمة ولا يعاقب أهل البر والتقوى، وهذا قول أهل اللغة قاطبةً.
وقال المفسرون من السلف، والخلف قاطبةً: أنَّ الظلم أن يحمل عليه سيئات غيره، والهضم هو أن ينقص من حسنات العامل (2).
إن سائر أهل السنة الذين يقرون بالقدر ليس فيهم من يقول إن الله تعالى ليس بعدل ولا من يقول إنه ليس بحكيم ولا فيهم من يقول إنه يجوز أن يترك واجبًا ولا أن يفعل قبيحًا، فليس في المسلمين من يتكلم بمثل هذا الكلام (3).
وإن الظلم مقدور ممكن والله تعالى منزه لا يفعله لعدله ولهذا مدح الله نفسه حيث أخبر أنه لا يظلم الناس شيئًا والمدح إنما يكون بترك المقدور عليه لا بترك الممتنع، قالوا: وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} قالوا: الظلم أن يحمل عليه سيئات غيره والهضم أن يهضم حسناته، وقال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} أي لا تنقص من حسناتها ولا تعاقب بغير سيئاتها فدل على أن ذلك ظلم ينزه الله عنه، ومثل هذا في القرآن في غير موضع مما يبين أن الله ينتصف من العباد ويقضي بينهم بالعدل وأن القضاء بينهم بغير العدل ظلم ينزه الله عنه
(1) مفتاح دار السعادة لابن القيم 2/ 458: 460.
(2)
مختصر الصواعق المرسلة 1/ 222.
(3)
منهاج السنة النبوية 1/ 134: 136.