الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث: التعريف بالنقص
أولًا: في العهد القديم:
لقد وقع التحريف بالنقص في العهد القديم، وأخذ أشكالًا متنوعة وصورًا عديدة، وفيما يلي ذكر بعض الصور والأمثلة عليها.
أولًا: الإحالات الإنجيلية إلى التوراة والتي لا نجدها في الأسفار الموجودة بين أيدينا.
1 -
ورد في 2/ 23 من إنجيل متى هكذا: "وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَال لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: "إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا"
وقوله: "لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: "إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا" من أغلاط هذا الإنجيل، ولا يوجد هذا في كتاب من الكتب المشهورة المنسوبة إلى الأنبياء، لكن أقول ههنا كما قال علماء الكاثوليك: إنَّ هذا كان في كتب الأنبياء، لكن اليهود ضيعوا هذه الكتب قصدًا لعناد الدين المسيحي، ثم أقول: أي تحريف بالنقصان يكون أزيد من أن تضيّع فرقة الكتب الإلهامية قصدًا للأغراض النفسانية، ولعناد ملة أخرى؟ .
2 -
ما شهد المسيح بضياعه حين قال: "أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟ "(متى 12/ 5)، ولا يوجد مثله في كلام التوراة، فدل ذلك على ضياعه وفقده.
ونحوه في قوله: "مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَال الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ". (يوحنا 7/ 37)، وهذه الإحالة مفقودة من الكتاب.
ثانيًا: النقص الذي ترك مكانه بياض. وهذه بعض الأمثلة:
1 -
ما جاء في سفر التثنية (25/ 2 - 5) "فَإِنْ كَانَ المُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ الضَّرْبِ، يَطْرَحُهُ الْقَاضِي وَيَجْلِدُونَهُ أَمَامَهُ عَلَى قَدَرِ ذنبِهِ بِالْعَدَدِ. أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ. لَا يَزِدْ، لِئَلَّا إِذَا زَادَ فِي جَلْدِهِ عَلَى هذ ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً، يُحْتَقَرَ أَخُوكَ فِي عَيْنَيْكَ. (بياض)، لا تَكُمَّ الثور في دراسه (1)، (ثم ينتقل
(1) مثل يُضرب في الدعوة إلى عدم حرمان المرء من ثمرة عمله كما يحرم الثور من الأكل بتكميم فمه حين الدراس، قال شراح التفسير التطبيقي: "إن لهذه الآية معنى أوسع، وهو ألا تكون بخيلًا مع من يعملون =
النص إلى موضوع آخر) "إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْن .... "، فثمة نقص واضح في المعنى استعاض ناسخو الكتاب عنه بترك بياض، للدلالة على وجود سقط في النص، ولا علاقة بين مثل كم الثور وما قبله من حديث عن العدل في عقوبة المذنب. (1)
2 -
ومثله سقط من النص المصيرُ الذي آلت إليه بهائم المصريين الذين لم يهربوا بمواشيهم وعبيدهم خوفًا من كلمة الرب ووعيده "20 فَالَّذِي خَافَ كَلِمَةَ الرَّبِّ مِنْ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ هَرَبَ بِعَبِيدِهِ وَمَوَاشِيهِ إِلَى الْبُيُوتِ. 21 وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يُوَجِّهْ قَلْبَهُ إِلَى كَلِمَةِ الرَّبِّ فَتَرَكَ عَبِيدَهُ وَمَوَاشِيَهُ فِي الحْقْلِ. 22 ثُمَّ قَال الرَّبُّ لمُوسَى: "(الخروج 9/ 20 - 22)، فقد سقط ذكر العقوبة، وانتقل النص للحديث في موضوع جديد.
3 -
ومن السقط أيضًا خاتمة الإصحاح الثاني من سفر الخروج، الذي ينتهي بصورة فجائية، عند قوله:"وَنَظَرَ الله بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَلِمَ الله."(الخروج 2/ 25)، وقد أشار محققو نسخة الرهبانية اليسوعية إلى أن الإصحاح مبتور.
ثالثا: ومن النقص ما تضع بعض التراجم والنسخ نجومًا أو خطوطا متقطعة بدلًا منه: منها النسخة العربية لدار الكتاب المقدس التي اعتمدناها في هذا البحث، وهذه بعض النماذج:
1 -
ففي سفر صموئيل نقص بيان جزاء بني إسرائيل إن استقاموا على عبادة الله، ففيه أن صموئيل قال:"إن اتقيتم الرب وعبدتموه وسمعتم صوته، ولم تعصوا قول الرب، وكنتم أنتم والملك أيضًا الذي يملك عليكم وراء الرب إلهكم (هكذا في المطبوع)، وإن لم تسمعوا صوت الرب بل عصيتم قول الرب تكن يد الرب عليكم"(صموئيل (1) 12/ 14 - 15).
2 -
وتتكرر النجوم مرة أخرى في سفر صموئيل الثاني مشيرة إلى وجود سقط في تمام حديث داود عن العرج والعمي، فيقول السفر: "قال داود في ذلك اليوم: إن الذي يضرب اليبوسيين ويبلغ إلى القناة والعرج والعمي المبغضين من نفس داود (هكذا في المطبوع)
= لأجلك". (انظر ص 400).
(1)
هل العهد القديم كلمة الله؟ (121).
لذلك يقولون: لا يدخل البيت أعمى أو أعرج" (صموئيل (2) 5/ 8).
3 -
ونحوه سقط بعض النص في سفر حزقيال في وصف الزانية وبيان حالها، واستعيض عنه بالنجوم "فقلت عن البالية في الزنا: الآن يزنون زنى معها، وهي (هكذا في المطبوع)، فدخلوا عليها كما يُدخَل على امرأة زانية" (حزقيال 23/ 43).
4 -
كما وقع النقص في خاتمة الإصحاح السادس من سفر زكريا، ولم يجد طابعو الكتاب المقدس ما يكملون به الجملة إلا أربعة من النجوم ختموا بها هذا الإصحاح "والبعيدون يأتون ويبنون في هيكل الرب، فتعلمون أن رب الجنود أرسلني إليكم، ويكون إذا سمعتم سمعًا صوت الرب إلهكم"(زكريا 6/ 15). (1)
ومن صور الخطوط المتقطعة (---):
1 -
"هذه أيضا للحكماء --- محاباة الوجوه في الحكم ليست صالحة"(الأمثال 24/ 23)
2 -
ونحوه في سفر إرمياء "في الأنبياء-- انسحق قلبي في وسطي، ارتخت كل عظامي"(إرمياء 23/ 9).
3 -
ومثله في نشيد الإنشاد "وحنكك كأجود الخمر -- لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين"(نشيد 7/ 9).
ويمتد السقط في الأسفار المقدسة إلى أسفار الأبوكريفا في التوراة الكاثوليكية، حيث ضاع من سفر يشوع بن سيراخ ثلاث فقرات، أثبت طابعو الكتاب أرقامها، وأعياهم أن يذكروا حرفًا واحدًا مما في هذه الفقرات الثلاث. (انظر يشوع بن سيراخ 29/ 16 - 18).
ولرؤية المزيد من مواضع السقط في أسفار العهد القديم، والتي لم تنجح في استدراكها آلاف المخطوطات التي يتباهى بكثرتها النصارى، لكنها على كثرتها لم تكن كافية في إبلاغنا النصوص التوراتية بتمامها، أقول: لرؤية المزيد مما استعاض عنه طابعو الكتاب المقدس بالنجوم تارة وبترك بياض تارة أخرى ندعو للتأمل في (الأيام (2) 36/ 23)، و (عزرا
(1) هل العهد القديم كلمة الله؟ (122 - 123).
1/ 3)، و (عزرا 6/ 5 - 6)، (المزمور 137/ 5) وغيرها من المواطن.
رابعًا: ومن صور التحريف بالنقص تلك الأسفار الضائعة:
يمتد السقط والضياع في الأسفار التوراتية ليشمل أسفارًا توراتية ضاعت واندرس خبرها، وشهد لضياعها أسفار العهد القديم الموجودة في الكتاب المقدس منها:
1 -
سفر حروب الرب المذكور في سفر العدد، حيث يقول:"لِذلِكَ يُقَال فِي كِتَابِ "حُرُوبِ الرَّبِّ": "وَاهِبٌ فِي سُوفَةَ وَأَوْدِيَةِ أَرْنُونَ" (العدد 21/ 14).
2 -
وكذا فُقِد سفر ياشر، فقد قال يشوع النبي:"هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِل."(يشوع 10/ 13)، وفي موضع آخر:"وَقَال أَنْ يَتَعَلَّمَ بَنُو يَهُوذَا "نَشِيدَ الْقَوْسِ". هُوَذَا ذلِكَ مَكْتُولب فِي سِفْرِ يَاشَرَ: "(صموئيل (2) 1/ 18).
3 -
ومن الأسفار الضائعة سفر أخبار شمعيا النبي، وسفر عدوَ الرائي المذكوران في سفر الأيام "15 وَأُمُورُ رَحُبْعَامَ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَة فِي أَخْبَارِ شَمْعِيَا النَّبِيِّ وَعِدُّو الرَّائِي. .. "(الأيام (2) 12/ 15).
4 -
ومنها أيضًا سفر ينسب للنبي إشعيا ذكره كاتب سفر الأيام حين قال: "وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عُزِّيَّا الأُولَى وَالأَخِيرَةُ كَتبَهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ."(الأيام (2) 26/ 22)، ومن المعلوم أن سفر إشعيا الحالي لم يتحدث مطلقًا عن الملك عزيا، فإما أنه سقط منه، أو أن الإحالة إلى سفر آخر كتبه النبي إشعيا، وضاع فيما ضاع من أسفار التوراة.
5 -
يقول آدم كلارك: "حصل لقلوب العلماء قلق عظيم لأجل فقدان تاريخ المخلوقات فقدانًا أبديًا".
ومقصوده ما جاء في سفر الملوك عن سليمان: "وَتَكَلَّمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ مَثَل، وَكَانَتْ نَشَائِدُهُ أَلْفًا وَخَمْسًا. وَتَكَلَّمَ عَنِ الأَشْجَارِ، مِنَ الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ إِلَى الزُّوفَا النَّابِتِ فِي الحائِطِ. وَتَكَلَّمَ عَنِ الْبَهَائِمِ وَعَنِ الطَّيْرِ وَعَنِ الدَّبِيبِ وَعَنِ السَّمَكِ."(الملوك (1) 4/ 32 - 33)، فأين هذا السفر؟
يقول طامس أنكلس الكاثوليكي: "اتفاق العالم على أن الكتب المفقودة من الكتب
المقدسة ليست بأقل من عشرين". (1)
خامسًا: النقص الذي يستدرك من النسخ الأخرى للعهد القديم، أو ينبه عليه العلماء، وهذه أمثلته:
1 -
ورد في 7/ 17 من سفر التكوين في النسخة العبرانية- طبعة سنة 1844 م- هكذا: "وصار الطوفان أربعين يومًا على الأرض"، وفي طبعة سنة 1865 م- وما بعدها:"وَكَانَ الطُّوفَانُ أَرْيَعِينَ يَوْمًا عَلَى الأَرْضِ. "وفي السامرية: "وأقام الطوفان أريعين يوما على الأرض".
وهذه الجملة في كثير من نسخ اللاتينية وفي الترجمة اليونانية هكذا: "وصار الطوفان أربعين يومًا وليلة على الأرض".
قال هورن في المجلد الأول من تفسيره: "فليزد لفظ (ليلة) في المتن العبري".
2 -
ورد في سفر التكوين 35/ 22 في النسخة العبرانية - طبعة سنة 1865 م- هكذا: "وَحَدَثَ إِذْ كَانَ إِسْرَائيلُ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الأَرْضِ، أَنَّ رَأُوبَيْنَ ذَهَبَ وَاضْطَجَعَ مَعَ بِلْهَةَ سُرِّيَّةِ أَبِيهِ، وَسَمِعَ إِسْرَائِيلُ. " وقريبا من هذا النص وردت به النسخة السامرية.
قال جامعو تفسير هنري وإسكات: "اليهود يسلمون أن شيئًا سقط من هذه الآية، والترجمة اليونانية تتمتها هكذا: وكان قبيحًا في نظره "انتهى.
فاليهود ههنا أيضًا معترفون بالسقوط، فسقوط الجملة من النسخة العبرانية ليس بمستبعد عند أهل الكتاب، فضلًا عن سقوط حرف أو حرفين. (2)
3 -
ورد في سفر الخروج 2/ 22: "فولدت له ابنًا ودعا اسمه جرسون (3)، قائلًا: إنما أنا كنت ملتجئًا في أرض غريبة".
وتوجد في طبعة سنة 1844 م والترجمة اليونانية واللاتينية وبعض التراجم القديمة في آخر الآية المذكورة هذه العبارة: "وولدت أيضًا غلامًا ثانيًا ودعا اسمه العازر (4)، فقال من
(1) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (2/ 583، 587).
(2)
إظهار الحق (2/ 523).
(3)
جرسون (جرشوم): هو بكر أولاد موسى عليه السلام، ولدته أمه صفورة في أرض مديان.
(4)
العازر (أليعزر): هو ثاني أبناء موسى عليه السلام، وأمه صفورة فهو شقيق جرشوم.