الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الفَذِّ بِخَمْسِ وعِشْرِينَ دَرَجَةً (32). وفي رِوَايَةٍ: "بسَبْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً". ورَوَى أبو سَعِيد قال: جاءَ رَجُلٌ، وقد صَلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أَيُّكُمْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا؟ " فَقامَ رَجُلٌ، فَصَلَّى معه (33) قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. ورَوَاه الأثْرَمُ، وأبو دَاوُدَ، فقال:"ألَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّى مَعَهُ". ورَوَى الأثْرَمُ (34)، بإسْنَادِهِ عن أبي أُمَامَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، وزَادَ: قال: فَلَمَّا صَلَّيَا، قال:"وهَذَانِ جَمَاعَةٌ". ولأنَّه قادِرٌ على الجَمَاعَةِ، فاسْتُحِبَّ له فِعْلُها، كما لو كان المَسْجِدُ في مَمَرِّ النَّاسِ.
فصل: فأمَّا إعَادَةُ الجَمَاعَةِ في المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، والمَسْجِدِ الأقْصَى، فقد رُوِىَ عن أحمدَ كَرَاهَةُ إعادَةِ الجماعةِ فيها. وذَكَرَه أصْحَابُنا، لئلَّا يَتَوَانَى النَّاسُ في حُضُورِ الجَمَاعَةِ مع الإِمامِ الرَّاتِبِ فيها إذا أَمْكَنَتْهُم الصَّلَاةُ في الجَمَاعَةِ مع غيرِه. وظَاهِرُ خَبَرِ أبى سَعِيدٍ وأبى أُمَامَةَ، أنَّ ذلك لا يُكْرَهُ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ هذا كان في مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والمَعْنَى يَقْتَضِيه أيضًا، فإنَّ فَضِيلَةَ الجَمَاعَةِ تَحْصُلُ فيها، كَحُصُولِها في غَيرِها.
248 - مسألة؛ قال: (ويَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى)
لا خِلَافَ في التَّقْدِيمِ بالقِرَاءَةِ والفِقْه على غَيرِهما. واخْتُلِفَ في أيِّهما يُقَدَّمُ على صاحِبِه؟ فَمذْهَبُ أحمدَ، رحمه الله، تَقدِيمُ القَارِىء. وبهذا قال ابنُ سِيرِينَ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ (1)، وأصْحَابُ الرَّأْىِ. وقال عَطَاءٌ، ومالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ: يَؤُمُّهُم أَفْقَهُهم إذا كان يَقْرأُ ما يَكْفِى في الصَّلَاةِ؛ لأنَّه قد
(32) سبق تخريجه في 2/ 573.
(33)
سبق تخريجه في صفحة 8، والزيادة المذكورة فيما بعد عند الإمام أحمد.
(34)
سقط من: الأصل.
(1)
سقط من: ا، م.
يَنُوبُه في الصَّلَاةِ ما لا يَدْرِى ما يَفْعَلُ فيه إلَّا بالفِقْهِ (2)، فيَكُونُ أَوْلَى، كالإِمَامةِ الكُبْرَى والحُكْمِ. ولَنا، ما رَوَى أَوْسُ بن ضَمْعَجٍ، عن أبي مَسْعُودٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ، فَإنْ كَانُوا فِى الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُم بالسُّنَّةِ، فَإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً فأَقْدَمُهُم هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً فأَقْدَمُهُم سِنًّا". أو قال: "سِلْمًا"(3). ورَوَى أبو سَعِيدٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُم أَحَدُهُمْ، وأَحَقُّهُمْ بالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ". رَوَاهُما مُسْلِمٌ (4). وعن ابنِ عمرَ، قال: لمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العَصْبَةَ (5)، موضع بقُبَاءَ، كان يَؤُمُّهُم سَالِمٌ مَوْلَى أبى حُذَيْفَةَ، وكان أكْثَرَهم قُرْآنًا. رَوَاه البُخَارِىُّ، وأبو دَاوُدَ (6). وكان فيهم عمرُ بنُ الخَطَّابِ، وأبو سلمةَ بن عبدِ الأسدِ. وفي حَدِيثِ عمرِو (7) بن سَلَمَةَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا"(8). ولأنَّ
(2) في م زيادة: "فيه".
(3)
أي إسلاما.
(4)
الأول، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 465. كما أخرجه أبو داود، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الصلاة، سنن أبي داود 1/ 137. والترمذي، في: باب من أحق بالإمامة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 34. والنسائي، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 59. وابن ماجه، في: باب من أحق بالإِمامة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 313، 314. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 118، 121، 5/ 272.
والثانى في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 464. كما أخرجه النسائي، في: باب اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء، باب الجماعة إذا كانوا ثلاثة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 60، 80 والدارمى، في: باب من أحق بالإِمامة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 286. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 24، 34، 36، 48، 51، 84.
(5)
بفتح العين أو بضمها.
(6)
أخرجه البخاري، في: باب إمامة العبد والمولى، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 178. وأبو داود، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 138. ومن أول قوله "وكان فيهم. . ." الآتى، عند أبي داود.
(7)
في النسخ: "عمر".
(8)
أخرجه البخاري، في: باب وقال الليث حدثني يونس. . .، من كتاب المغازى. صحيح البخاري =
القِرَاءَةَ رُكْنٌ في الصَّلَاةِ فكان القادِرُ عليها أَوْلَى، كالقَادِرِ على القِيَامِ مع العَاجِزِ عنه. فإن قيل: إنَّما أَمَر النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِتَقْدِيمِ القارِئ لأنَّ الصَّحابةَ (9) كان أَقْرؤُهم أَفْقهَهُمْ، فإنَّهم كانوا إذا تَعَلَّمُوا القُرْآنَ تَعلَّمُوا معه أحْكَامَهُ، قال ابنُ مَسْعُودٍ: كُنَّا لا نُجَاوِزُ عَشْرَ آياتٍ حتى نَعْرِفَ أَمْرَها، ونَهْيَها، وأحْكَامَها. قلنا: اللَّفْظُ عامٌّ فيجبُ الأَخْذُ بِعُمُومِه دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ، ولا يُخَصُّ ما لم يَقُمْ دَلِيلُ (10) تَخْصِيصِه، علَى أنَّ في الحَدِيثِ ما يُبْطِلُ هذا التَّأْوِيلَ، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"فَإنِ اسْتَوَوْا فأَعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ". ففاضَلَ بينهم في العِلْمِ بالسُّنَّةِ مع تَسَاوِيهِمْ في القِرَاءةِ، ولو قدَّم القارئَ لِزِيَادَةِ عِلْمِه (11) لَما نقَلهم عندَ التَّسَاوِى فيه إلى الأعْلَمِ بالسُّنَّةِ، ولو كان العِلْمُ بالفِقْهِ على قَدْرِ القِرَاءَةِ لَلَزِمَ من التِّسَاوِى في القِرَاءَةِ التَّسَاوِى فيه، وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"أَقْرَؤُكُمْ أُبَىٌّ، وأَقْضَاكُمْ عَلِىٌّ، وأَعْلَمُكُمْ بالحَلَالِ والحَرَامِ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وأَفْرَضُكُم زَيْدُ بنُ ثابِتٍ"(12). فقد فَضَّلَ بالفِقْه مَن هو مَفْضُولٌ بالقِرَاءةِ، وفَضَّل بالقِرَاءةِ من هو مَفْضُولٌ بالقَضَاءِ والفَرَائِضِ وعِلْمِ الحَلالِ
= 5/ 191. وأبو داود، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 138. والنسائي، في: باب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، من كتاب الأذان، وفى: باب إمامة الغلام قبل أن يحتلم، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 9، 63. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 475، 5/ 30، 71.
(9)
في أ، م:"أصحابه".
(10)
في م زيادة: "على".
(11)
في أ، م:"علم".
(12)
أخرجه ابن ماجه، في: باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من المقدمة، بأطول من هذا السياق. سنن ابن ماجه 1/ 55. وأخرجه الترمذي، في: باب مناقب معاذ بن جبل. . .، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى 13/ 202، والإمام أحمد، في: المسند 281، وليس عندهما ذكر على.