الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها (6) كغَيْرِ المَسْبُوقِ. وقد رَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِهِ عن إبراهيمَ، قال: جاءَ جُنْدَبٌ ومَسْرُوقٌ إلى المَسْجِدِ وقد صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ من المَغْرِبِ، فدَخَلَا في الصَّفِّ، فَقَرَأَ جُنْدَبٌ في الرَّكْعَةِ التي أدْرَكَ مع الإِمامِ، ولم يَقْرَأْ مَسْرُوقٌ، فلما سَلَّمَ الإِمامُ قامَا في الرَّكْعَةِ الثانيةِ، فقَرَأَ جُنْدَبٌ وقَرَأ مَسْرُوقٌ، وجَلَسَ مَسْرُوقٌ في الرَّكْعَةِ الثَّانيةِ وقامَ جُنْدَبٌ، وقَرَأَ مَسْرُوقٌ في الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ ولم يَقْرَأْ جُنْدَبٌ، فلمَّا قَضَيَا الصَّلَاةَ أتَيَا عبدَ اللهِ فسَألَاهُ عن ذلك وقَصَّا عليه القِصَّةَ، فقال عبدُ اللهِ: كما فَعَلَ مَسْرُوقٌ يَفْعَلُ. وقال عبدُ اللهِ: إذا أَدْرَكْتَ رَكْعَةً من المَغْرِبِ فاجْلِسْ فِيهِنَّ كُلِّهن. وأيًّا ما فَعَلَ من ذلك جازَ، إن شاءَ اللهُ تعالى. ولذلك لم يُنْكِرْ عبدُ اللهِ على جُنْدَبٍ فِعْلَهُ، ولا أمَرَهُ بإعادَةِ صلاتِه (7).
فصل:
إذا فَرَّقَهُمْ في الرُّباعِيَّةِ فِرْقَتَيْنِ، فصَلَّى بالأُولَى ثلاثَ رَكَعَاتٍ، وبالثانيةِ رَكْعَةً، أو بالأُولَى رَكْعَةً وبالثانيةِ (8) ثلاثًا، صَحَّتِ الصلاةُ؛ لأنَّه لم يَزِدْ على انْتِظارَيْنِ وَرَدَ الشَّرْعُ بمثلِهما. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، إلَّا أنَّه قال: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. ولا حاجَةَ إليه؛ لأنَّ السُّجُودَ لِلسَّهْوِ، ولا سَهْوَ ها هُنا، ولو قدَّر أنَّه فَعَلَهُ سَاهِيًا لم يَحْتَجْ إلى سُجُودٍ؛ لأنَّه ممَّا لا يُبْطِلُ عَمْدُه الصلاةَ، فلا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، كما لو رَفَعَ يَدَيْه في غيرِ مَوْضِعِ الرَّفْعِ وتَرَكَ رَفْعَهُمَا في مَوْضِعِه. فأمَّا إن فَرَّقَهُمْ أرْبَعَ فِرَقٍ، فَصَلَّى بكل طائِفَةٍ رَكْعَةً، أو ثَلَاثَ فِرَقٍ فصَلَّى بإحْداهنَّ رَكْعَتَيْنِ، وبالباقِينَ (9) رَكْعَةً رَكْعَةً. صَحَّتْ صلاةُ الأُولَى والثَّانِيةِ، لأنَّهما ائْتَمَّا بمن صلاتُه صَحِيحَةٌ، ولم يُوجَدْ منهما ما يُبْطِلُ صلاتَهما، وتَبْطُلُ صلاةُ الإِمامِ بالانْتِظارِ الثَّالِثِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فزادَ انْتِظارًا لم يَرِدِ الشَّرْعُ به، فتَبْطُلُ صلاتُه به، كما لو فَعَلَهُ
(6) في أ، م:"قبلها".
(7)
في الأصل: "الصلاة".
(8)
في م: "والثانية".
(9)
في أ، م:"والباقين".
من غيرِ خَوْفٍ، ولا فَرْقَ بين أن تكونَ به حَاجَةٌ إلى ذلك أو لم يكنْ؛ لأنَّ الرُّخَصَ إنَّما يُصارُ فيها إلى ما وَرَدَ الشَّرْعُ به، ولا تَصِحُّ صلاةُ الثَّالِثَةِ والرَّابِعَةِ؛ لِائْتِمامِهِما (10) بمَن صلاتُه باطِلَةٌ، فأشْبَهَ ما لو كانت صلاتُه باطِلَةً من أَوَّلِها. فإن لم يَعْلَمَا بِبُطْلَانِ صلاةِ الإِمامِ، فقال ابنُ حامِدٍ: لا تَبْطُلُ صَلاتُهما؛ لأنَّ ذلك ممَّا يَخْفَى، فلم تَبْطُلْ صلاةُ المَأْمُومِ، كما لو ائْتَمَّ بمُحْدِثٍ، ويَنْبَغِى على هذا أن يَخْفَى على الإِمامِ والمَأْمُومِ، كما اعْتَبَرْنَا في صِحَّةِ صلاةِ مَن ائْتَمَّ بمُحْدِثٍ خَفاءً على الإِمامِ والمَأْمُومِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَصِحَّ صلاتُهما؛ لأنَّ الإِمامَ والمَأْمُومَ يَعْلَمانِ وُجودَ المُبْطِل. وإنَّما خَفِىَ عليهم حُكْمُه، فلم يَمْنَعْ ذلك البُطْلَانَ، كما لو عَلِمَ الإِمامُ والمَأْمُومُ حَدَثَ الإِمامِ، ولم يَعْلَمَا كَوْنَه مُبْطِلًا. وقال بعضُ أصْحَابِ الشَّافِعِىِّ كقولِ ابنِ حامِدٍ. وقال بعضُهم: تَصِحُّ صلاةُ الإِمامِ والمَأْمُومِينَ جَمِيعًا؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك، فأشْبَهَ ما لو فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ. وقال بعضُهم: المَنْصُوصُ أنَّ صلاتَهم تَبْطُلُ بالانْتِظارِ الأوَّل؛ لأنَّه زَادَ على انْتِظارِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم زِيادَةً لم يَرِدِ الشَّرْعُ بها. ولَنا على الأوَّل، أنَّ الرُّخَصَ إنَّما تُتَلَقَّى من الشَّرْعِ، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ بهذا. وعلى الثَّانى، أنَّ طُولَ الانْتِظارِ لا عِبْرَةَ به، كما لو أبْطَأتِ الثَّانِيَةُ فيما إذا فَرَّقَهم فِرْقَتَيْنِ.
316 -
مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مَغْرِبًا، صَلَّى بالطَّائِفَةِ [الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ] (1)، وأَتَمَّتْ لأنْفُسِهَا [رَكْعَةً تَقْرَأُ فيهَا](2) بِالحَمْد لِلهِ، ويُصَلِّى بالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَةً، وأتَمَّتْ لِأَنْفُسِها رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فيهما بالحَمْد لِلهِ وسُورَةٍ)
وبهذا قال مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، وسُفْيانُ، والشَّافِعِىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه. وقال في
(10) في أ، م:"لائتمامها".
(1)
في م: "الأخرى ركعة" خطأ.
(2)
في م: "ركعتين تقرأ فيهما".