الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: لا حتى نَدْخُلَها (9). ولأنَّه مُسَافِرٌ، فأُبِيحَ له القَصْرُ، كما لو بَعُدَ (10).
فصل:
وإنْ خَرَجَ من البَلَدِ، وصارَ بينَ حِيطانِ بَساتِينِه، فله القَصْرُ؛ لأنَّه قد تَرَكَ البُيُوتَ وَرَاءَ ظَهْرِه وإن كان حَوْلَ البَلَدِ خَرَابٌ قد تَهَدَّمَ وصارَ فَضاءً، أُبِيحَ له القَصْرُ فيه كذلك (11). وإن كانتْ حيطانُه قائِمَةً فكذلك. قالَه الآمِدِىُّ، وقال القاضي: لا يُباحُ. وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ لأنَّ السُّكْنَى فيه مُمْكِنَةٌ، أشْبَهَ العامِرَ. ولَنا، أنَّها غيرُ مُعَدَّةٍ لِلسُّكْنَى، أشْبَهَتْ حِيطانَ البَسَاتِينِ. وإن كان في وَسَطِ البَلَدِ نَهْرٌ فاجْتَازَه، فليْس له القَصْرُ؛ لأنَّه لم يَخرُجْ من البَلَدِ ولم يُفَارِقِ البُنْيَانَ، فأشْبَهَ الرَّحْبَةَ والمَيْدَانَ في وَسَطِ البَلَدِ. وإن كان لِلْبَلَدِ مَحَالُّ، كُلُّ مَحَلَّةٍ مُنْفَرِدَة عن الأُخْرَى، كبغدادَ، فمتى خَرَجَ من مَحَلَّتِه أُبِيحَ له القَصْرُ إذا فَارَقَ مَحَلَّتَهُ، وإن كان بَعْضُها مُتَّصِلًا ببعضٍ، لم يَقْصُرْ حتى يُفَارِقَ جَمِيعَها. ولو كانت قَرْيَتانِ مُتَدَانِيَتَيْنِ، فاتَّصَلَ بِنَاءُ إحْدَاهُما بالأُخْرَى، فهما كالوَاحِدَةِ، وإن لم يَتَّصِلْ، فلِكُلِّ قَرْيَةٍ حُكْمُ نَفْسِها.
[فصل: وإذا كان البَدَوِىُّ في حِلَّةٍ، لم يَقْصُرْ حتى يُفَارِقَ حِلَّتَهُ، وإن كانت حِلالًا (12) فلِكُلِّ حِلَّةٍ حُكْمُ نَفْسِها](13)، كالقُرَى. وإن كان بَيْتُه مُنْفَرِدًا (14) فحتى يُفَارِقَ مَنْزِلَه ورَحْلَهُ، ويَجْعَلَه وراءَ ظَهْرِه، كالحَضَرِىِّ.
268 - مسألة؛ قال: (إذَا كَانَ سَفَرُه وَاجِبًا أوْ مُبَاحًا)
وجُمْلَتُه أنَّ الرُّخَصَ المُخْتَصَّةَ بالسَّفَرِ؛ من القَصْرِ، والجَمْعِ، والفِطْرِ،
(9) رواه البخاري معلقا، في: باب يقصر إذا خرج من موضعه، من كتاب التقصير. صحيح البخاري 2/ 54.
(10)
في الأصل: "أبعد".
(11)
في أ، م:"لذلك".
(12)
في م: "حللا".
(13)
سقط من: أ.
(14)
في أ، م:"مفردا".
والمَسْحِ ثَلَاثًا، والصلاةِ على الرَّاحِلَةِ تَطَوُّعًا، يُبَاحُ في السَّفَرِ الواجِبِ والمَنْدُوبِ والمُبَاحِ، كسَفَرِ التِّجَارَةِ ونحوِه، وهذا قولُ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. ورُوِىَ ذلك عن عليٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، وابنِ عمرَ. وبه قال الأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأهْلُ المَدِينَةِ، وأصْحَابُ الرَّأىِ. وعن ابنِ مسعودٍ: لا يَقْصُرُ إلَّا في حَجٍّ أو جِهَادٍ (1)؛ لأنَّ الوَاجِبَ لا يُتْرَكُ إلَّا لِوَاجِبٍ. وعن عَطَاءٍ كقَوْلِ الجَمَاعَةِ. وعنه: لا يَقْصُرُ إلَّا في سَبِيلٍ [من سُبُلِ](2) الخَيْرِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما قَصَرَ في سَفَرٍ وَاجِبٍ أو مَنْدُوبٍ. ولنَا، قَوْلُ اللَّه تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} وقَوْلُه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (3) وقالت عائشةُ: إنَّ الصلاةَ أَوَّلَ ما فُرِضَتْ رَكْعَتَانِ، فأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وأُتِمَّتْ صَلَاةُ الحَضَرِ. مُتَّفَقٌ عليه (4). وعن ابنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللهُ عنهما قال: فَرَضَ اللهُ الصلاةَ على لِسَانِ نَبِيِّكُمْ في الحَضَرِ أرْبَعًا، وفى السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وفى الخَوْفِ رَكْعَةً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (5). وقال عمرُ، رَضِىَ اللهُ عنه: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ،
(1) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال لا تقصر الصلاة إلا في السفر البعيد، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 446.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
جاء في النسخ بعد هذا: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وهو جمع بين آيتين، الأولى في سورة النساء وهى الآية 43 الواردة هنا، وتمامها {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} وهو محل الشاهد، والثانية في سورة البقرة، وهى الآية 185 {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
(4)
أخرجه البخاري، في: باب يقصر إذا خرج من موضعه، من كتاب تقصير الصلاة. صحيح البخاري 2/ 55. ومسلم، في: باب صلاة المسافرين وقصرها، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 478. كما أخرجه النسائي، في: باب كيف فرضت الصلاة، من كتاب الصلاة. المجتبى 1/ 183. والإِمام مالك، في: باب قصر الصلاة في السفر، من كتاب قصر الصلاة. الموطأ 1/ 146.
(5)
في: باب صلاة المسافرين وقصرها، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 479. كما أخرجه أبو داود، في: باب من قال: يصلى بكل طائفة ركعة ولا يقضون، من كتاب صلاة السفر. سنن أبي داود 1/ 287. والنسائي، في: باب كيف فرضت الصلاة، من كتاب الصلاة، وفى: أول كتاب تقصير الصلاة في السفر، من كتاب التقصير. المجتبى 1/ 183، 3/ 97. وابن ماجه، في: باب تقصير =