الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الحُكْمِ في مَن تَرَكَ الصلاةَ
329 - مسألة؛ قال: (ومَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، جَاحِدًا لَهَا، أوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، دُعِىَ إلَيْهَا في وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإنْ صَلَّى، وإلَّا قُتِلَ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ تارِكَ الصلاةِ لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِها، أو غيرَ جاحِدٍ، فإن كان جَاحِدًا لِوُجُوبِها نُظِرَ فيه، فإنْ كان جاهِلًا به، وهو مِمَّنْ يَجْهَلُ ذلك، كالحَدِيثِ الإِسلامِ، والنَّاشئِ بِبَاديَةٍ، عُرِّفَ وُجُوبَها، وعُلِّمَ ذلك، ولم يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. وإن لم يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذلك، كالنَّاشِئِ بينَ (1) المُسْلِمِينَ في الأمْصارِ والقُرَى، لم يُعْذَرْ، ولم يُقْبَلْ منه ادِّعاءُ الجَهْلِ، وحُكِمَ بِكُفْرِه؛ لأنَّ أَدِلَّةَ الوُجُوبِ ظاهِرَةٌ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، والمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَها على الدَّوامِ، فلا يَخْفَى وُجُوبُها على مَنْ هذا حالُه، فلا يَجْحَدُها إلَّا تَكْذِيبًا للهِ تعالى ولِرَسُولِهِ وإجْماعِ الأُمَّةِ، وهذا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عن الإِسلامِ، وحُكْمُه حُكْمُ سَائِرِ المُرْتَدِّينَ، في الاسْتِتابَةِ والقَتْلِ، ولا أعْلَمُ في هذا خِلَافًا. وإن تَرَكَها لِمَرَضٍ، أو عَجْزٍ عن أرْكانِها وشُرُوطِها، قِيلَ له: إنَّ ذلك لا يُسْقِطُ الصلاةَ، وإنَّه يَجِبُ عليه أنْ يُصَلِّىَ على حَسَبِ طاقَتِه. وإن تَرَكَها تهاوُنًا أو كَسَلًا، دُعِىَ إلى فِعْلِها، وقِيلَ له: إنْ صَلَّيْتَ، وإلَّا قَتَلْناكَ. فإن صَلَّى، وإلَّا وَجَبَ قَتْلُه. ولا يُقْتَلُ حتى يُحْبَسَ ثَلَاثًا، ويُضَيَّقَ عليه فيها، ويُدْعَى في وَقْتِ كل صَلَاةِ إلى فِعْلِها، ويُخَوَّفَ بالقَتْلِ، فإن صَلَّى، وإلَّا قُتِلَ بالسَّيْفِ. وبهذا قال مالِكٌ، وحَمَّادُ بن زيدٍ، وَوَكِيعٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال الزُّهْرِىُّ: يُضْرَبُ ويُسْجَنُ. وبه قال أبو حنيفةَ، قال: ولا يُقْتَلُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ إلَّا بإحْدَى ثَلَاثٍ:
(1) في أ، م:"من".
كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ، أو زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ، أو قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ". مُتَّفَقٌ عليه (2). وهذا لم يَصْدُرْ منه أحَدُ الثَّلاثةِ. فلا يَحِلُّ دَمُهُ. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النّاسَ حَتَّىِ يَقُولُوا لَا إلهَ إلَّا اللهُ، فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُم إلَّا بِحَقِّها". مُتَّفَقٌ عليه (3). ولأنَّه فَرْعٌ من فُرُوعِ الدِّينِ. فلا يُقْتَلُ بِتَرْكِه كالحَجِّ، ولأنَّ القَتْلَ لو شُرِعَ لَشُرِعَ زَجْرًا عن تَرْكِ الصلاةِ، ولا يجوزُ شَرْعُ زَاجِرٍ تَحَقَّقَ المَزْجُورُ عنه، والقَتْلُ يَمْنَعُ فِعْلَ الصلاةِ دَائِمًا، فلا يُشْرَعُ، ولأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُ الدَّمِ، فلا تَثْبُتُ الإِباحَةُ إلَّا بِنَصٍّ أو مَعْنَى نَصٍّ. والأصْلُ عَدَمُه. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (4). فأباحَ قَتْلَهم، وشَرَطَ في تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِم التَّوْبَةَ، وهى الإِسلامُ، وإقَامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكَاةِ، فمتى تَرَكَ الصلاةَ مُتَعَمِّدًا (5) لم يَأْتِ بِشَرْطِ تَخْلِيَتِه، فيَبْقَى (6) على وُجُوبِ القَتْلِ، وقولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فقد بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ"(7). وهذا يَدُلُّ على إباحةِ قَتْلِه، وقال عليه
(2) أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ. . .} ، من كتاب الديات. صحيح البخاري 9/ 6. ومسلم، في: باب ما يباح به دم المسلم، من كتاب القسامة. صحيح مسلم 3/ 1302، 1303. كما أخرجه أبو داود، في: باب الحكم في من ارتد، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 440. والترمذي، في: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى 9/ 2. والنسائي، في: باب ذكر ما يحل به دم المسلم، وباب الصلب، وباب الحكم في المرتد، من كتاب التحريم. المجتبى 7/ 84، 93، 94، 95. والدارمى، في: باب لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا اللَّه، من كتاب السير. سنن الدارمي 2/ 218. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 61، 63، 65، 70، 163، 382، 428، 444، 465، 6/ 181، 214.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 36.
(4)
سورة التوبة 5.
(5)
سقط من: الأصل، أ.
(6)
في أ، م:"فبقى".
(7)
أخرجه ابن ماجه، في: باب الصبر على البلاء، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 2/ 1339. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 421.
السَّلَامُ: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (8). والكُفْرُ مُبِيحٌ لِلْقَتْلِ، وقال عليه السلام:"نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ المُصَلِّينَ"(9). فَمَفْهُومُه أنَّ غيرَ المُصَلِّينَ يُباحُ قَتْلُهم. ولأنَّها رُكْنٌ من أرْكانِ الإِسلامِ لا تَدْخُلُه النِّيابَةُ بِنَفْسٍ ولا مالٍ، فوَجَبَ أن يُقْتَلَ تَاركُه كالشَّهادَةِ، وحَدِيثُهم حُجَّةٌ لنا؛ لأنَّ الخبرَ الذي رَوَيْناهُ يَدُلُّ على أنَّ تَرْكَها كُفْرٌ، والحَدِيثُ الآخَرُ اسْتثْنَى منه "إلَّا بِحَقِّهَا". والصلَاةُ من حَقِّها. و [عن أنَسٍ، قال: قال أبو بكرٍ: إنَّما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا شَهِدُوا أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وأقَامُوا الصَّلَاةَ، وآتَوُا الزَّكَاةَ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ](10). ثم إنَّ (11) أحَادِيثَنا خَاصَّةٌ، فنَخُصُّ بها عُمُومَ ما ذَكَرُوه، ولا يَصِحُّ قِياسُها على الحَجِّ؛ لأنَّ الحَجَّ مُخْتَلَفٌ في جَوازِ تَأْخِيرِه، ولا يَجِبُ القَتْلُ بِفِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فيه. وقولُهم: إنَّ هذا يُفْضِى إلى تَرْكِ الصلاةِ بالكُلِّيَّةِ. قُلْنا: الظَّاهِرُ أنَّ مَن يَعْلَمُ أنَّه يُقْتَلُ إن تَرَكَ الصلاةَ لا يَتْرُكُها، سِيَّما بعد اسْتِتابَتِه (12) ثلاثةَ ايَّامٍ، فإنْ تَرَكَها بعدَ (13) هذا كان مَيْئُوسًا من صَلَاتِه، فلا فَائِدَةَ في بَقَائِه، ولا يكونُ القَتْلُ هو المُفَوِّتُ له، ثم لو فَاتَ به احْتِمَالُ الصلاةِ، لحَصَلَ
(8) في: باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 88. كما أخرجه أبو داود، في: باب في رد الإرجاء، من كتاب السنة. سنن أبي داود 2/ 522. والترمذي، في: باب ما جاء في ترك الصلاة، من أبواب الإيمان. عارضة الأحوذى 10/ 89. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من ترك الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 342. والدارمى، في: باب من ترك الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 280. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 370، 389.
(9)
تقدم تخريجه في صفحة 36.
(10)
جاء هذا في م بعد قوله: "نهيت عن قتل المصلين" السابق. وأخرجه الدارقطني، في: باب تحريم دمائهم وأموالهم إذا شهدوا بالشهادتين. . . إلخ، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 232.
(11)
سقط من: الأصل.
(12)
في الأصل: "الاستتابة".
(13)
في الأصل: "مع".
به صَلَاةُ ألْفِ إنْسانٍ، وتَحْصِيلُ ذلك بِتَفْوِيتِ احْتِمالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لا يُخَالِفُ الأصْلَ. إذا ثَبَتَ هذا فظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ أنَّه يَجِبُ قَتْلُهُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وهى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ؛ لأنَّه تَارِكٌ لِلصلاةِ، فَلَزِمَ قَتْلُه، كتارِكِ ثلاثٍ، ولأنَّ الأخْبَارَ تَتَناوَلُ تَارِكَ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لكن لا يَثْبُتُ الوُجُوبُ حتى يَضِيقَ وَقْتُ التي بَعْدَها؛ لأنَّ الأُولَى لا يُعْلَمُ تَرْكُها إلَّا بِفَواتِ وَقْتِها، فتَصِيرُ فائِتَةً لا يَجِبُ القَتْلُ بِفَواتِها، فإذا ضاقَ وَقْتُها عُلِمَ أنَّه يُرِيدُ تَرْكَها، فوَجَبَ قَتْلُهُ. والثانية: لا يَجِبُ قَتْلُه حتى يَتْرُكَ ثلاثَ صَلَواتٍ، ويَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ عن فِعْلِها؛ لأنَّه قد يَتْرُكُ الصلاةَ والصلاتَيْنِ لِشُبْهَةٍ، فإذا تَكَرَّرَ ذلك ثلاثًا. تَحَقَّقَ أنَّه [تارِكٌ لها](14) رَغْبَةً عنها، ويُعْتَبَرُ أن يَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَة عن فِعْلِها، لما ذَكَرْنا. وحَكَى ابنُ حامِدٍ، عن أبي إسحاقَ بن شَاقْلا، أنَّه إن تَرَكَ صَلَاةً لا تُجْمَعُ إلى ما بَعْدَها، [كصلاةِ الفَجْرِ](15) والعَصْرِ، وَجَبَ قَتْلُه، وإن تَرَكَ الأُولَى من صَلَاتَىِ الجَمْعِ، لم يَجِبْ قَتْلُه؛ لأنَّ الوَقْتَيْنِ كالوَقْتِ الوَاحِدِ عندَ بَعْضِ العُلَمَاءِ. وهذا قَوْلٌ حَسَنٌ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ، هل يُقْتَلُ لِكُفُرِهِ، أو حَدًّا؟ فَرُوِىَ أنه يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ كالمُرْتَدِّ، فلا يُغَسَّلُ، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُدْفَنُ بين المُسْلِمِينَ، ولا يَرِثُهُ أحَدٌ، ولا يَرِثُ أحَدًا، اخْتَارَهَا أبو إسْحاقَ بن شَاقْلا وابنُ حامِدٍ، وهو مذهبُ الحسنِ، والنَّخَعِىِّ (16)، والشَّعْبِىِّ، وأيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، وابنِ المُباركِ، وحَمَّادِ بن زيدٍ، وإسْحاقَ، ومحمدِ بن الحسنِ، لِقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". وفى لَفْظٍ عن جَابِرٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكَ الصَّلَاةِ". وعن بُرَيْدَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(14) في م: "تاركها".
(15)
في الأصل، أ:"كالفجر".
(16)
سقط من: أ، م.
"بَيْنَنَا وبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَرَكَها فَقَدْ كَفَرَ". رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ (17). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينكُمْ الْأَمَانَةُ، وآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلَاةُ"(18). قال أحمدُ: كُلُّ شيءٍ ذَهَب آخِرُه لم يَبْقَ منه شيءٌ. وقال عمرُ، رَضِىَ اللهُ عنه: لا حَظَّ في الإِسلامِ لمن تَرَكَ الصلاةَ. وقال علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه: مَنْ لم يُصَلِّ فهو كَافِرٌ. وقال ابنُ مسعودٍ: مَنْ لم يُصَلِّ فلا دِينَ له. وقال عبدُ اللَّه بن شَقِيق (19): لم يَكُنْ أصحابُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ شيئًا من الأعْمالِ، تَرْكُه كُفْرٌ، غيرَ الصلاةِ. ولأنَّها عِبادَةٌ يَدْخُلُ بها في الإِسلامِ، فيَخْرُجُ بِتَرْكِها منه كالشَّهادَةِ. والرِّوايةُ الثَّانِيةُ، يُقْتَلُ حَدًّا، مع الحُكْمِ بإسْلَامِه، كالزَّانِى المُحْصَنِ، وهذا اخْتِيارُ أبى عبدِ اللهِ ابن بَطَّةَ، وأنكَرَ قَوْلَ مَن قال: إنَّه يكْفُر. وذَكَرَ أنَّ المذهبَ على هذا، لم يَجِدْ في المذهبَ خِلَافًا فيه. وهذا قولُ أكْثَرِ الفُقَهاءِ، وقولُ أبى حنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وَرُوِىَ عن حُذَيْفَةَ أنَّه قال: يَأْتِى على النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى معهم من الإِسلامِ إلَّا قَوْلُ لا إله إلَّا اللَّه. فقِيلَ له: وما يَنْفعُهم؟ قال: تُنْجِيهِم من النَّارِ، لا أبَالكَ. وعن وَالانَ (20)، قال: انْتَهَيْتُ إلى دَارِى، فوَجَدْتُ شَاةً مَذْبُوحَةً، فقلتُ: مَنْ ذَبَحَها؟ قالوا: غُلامُكَ. قلتُ: واللهِ إنَّ غُلَامِى لا يُصَلِّى، فقال النِّسْوَةُ: نحن عَلَّمْنَاه، يُسَمِّى (21)، فرَجَعْتُ إلى ابنِ مسعودٍ، فسَألْتُه عن ذلك، فأمَرَنِى بأكْلِها. والدَّلِيلُ على هذا قولُ النَّبِيِّ
(17) الثاني تقدم تخريجه في صفحة 353، والأول معه في التخريج. والثالث: لم يخرجه مسلم. انظر تحفة الأشراف. 2/ 81. وأخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ترك الصلاة، من أبواب الإِيمان. عارضة الأحوذى 10/ 90. والنسائي، في: باب الحكم في ترك الصلاة، من كتاب الصلاة. المجتبى 1/ 187. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من ترك الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 342. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 346.
(18)
عزاه جلال الدين السيوطي إلى الطبراني، عن شداد بن أوس مختصرا. جمع الجوامع 1/ 339.
(19)
عبد اللَّه بن شقيق العقيلى البصري، سمع من عمر والكبار، وتوفى بعد المائة. العبر 1/ 122.
(20)
قال البخاري في التاريخ الكبير 2/ 4/ 185: والان الحنفى، سمع ابن مسعود في ذبيحة الصبى قال: لا بأس به.
(21)
في م: "فسمى".
-صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ". وعن أبي ذَرٍّ، قال: أتَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا، اللهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا دَخَلَ الجَنَةَ". وعن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ شَهِدَ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وأنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ ورَسُولُه (22)، وكلِمَتُهُ ألْقَاهَا إلى مَرْيَمَ، ورُوحٌ مِنْهُ، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، والنَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ". وعن أنَسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا، اللهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ ما يَزِنُ بُرَّةً". مُتَّفَقٌ على هذه الأحاديثِ كُلِّها (23)، ومثلُها
(22) سقط من: الأصل.
(23)
الأول: أخرجه البخاري، في: باب المساجد في البيوت، من كتاب الصلاة، وفى: باب صلاة النوافل جماعة، من كتاب التهجد، وفى: باب الخزيرة، من كتاب الأطعمة، وفى: باب العمل الذي يبتغى به وجه اللَّه، من كتاب الرقاق. صحيح البخاري 1/ 115، 2/ 74، 75، 7/ 94، 8/ 111، 112. ومسلم، في: باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 455. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 44.
والثانى: أخرجه البخاري، في: باب الثياب البيض، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 192. ومسلم، في: باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 95. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، من أبواب الإيمان. عارضة الأحوذى 10/ 113. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 152، 159، 161.
والثالث: أخرجه البخاري، في: باب قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ. . .} ، من كتاب الأنبياء. صحيح البخاري 4/ 201. ومسلم، في: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 57. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 5/ 313، 314.
والرابع: أخرجه البخاري، في: باب زيادة الإِيمان ونقصانه، من كتاب الإِيمان، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 1/ 17، 9/ 149، 150. ومسلم، في: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 182. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء أن للنار نفسين. . . إلخ، من أبواب جهنم. عارضة الأحوذى 10/ 60، 61. وابن ماجه، في: باب ذكر الشفاعة، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1442، 1443. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 116، 173، 276.
كَثِيرٌ. وعن عُبادَةَ بن الصَّامِتِ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ على العَبْدِ في اليَوْمِ واللَّيْلَةِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ، لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ، فلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ، إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وإنْ شَاءَ أدْخَلَهُ الجَنَّةَ"(24). ولو كان كافِرًا لم يُدْخِلْهُ في المَشِيئَةِ. وقال الخَلَّالُ، في "جَامِعِهِ": ثنا يحيى، ثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، ثنا هِشامُ بن حَسَّانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبي شُمَيْلَةَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلى قُبَاءَ فاسْتَقْبَلَهُ رَهْطٌ من الأنْصارِ يَحْمِلُونَ جِنَازَةً على بَابٍ، فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا هَذَا؟ " قالوا: مَمْلُوكٌ لآل فُلَانٍ، كان من أمْرِهِ. قال:"أكَانَ يَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ؟ " قالوا: نعم، ولَكِنَّهُ كان وكان. فقال لهم (25):"أَمَا كَانَ يُصَلِّى؟ " فقالوا: قد كان يُصَلِّى ويَدَعُ. فقال لهم: "ارْجِعُوا بِهِ، فَغَسِّلُوهُ، وكَفِّنُوهُ، وصَلُّوا عَلَيْهِ، وَادْفِنُوهُ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَقَدْ كَادَتِ الْمَلَائِكَةُ تَحُولُ بَيْنِى وبَيْنَه". ورَوَى بإسْنَادِه، عن عَطَاءٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا اللهُ"(26). ولأنَّ ذلك إجْمَاعُ المُسْلِمِينَ، فإنَّا لا نَعْلَمُ في عَصْرٍ من الأعْصَارِ أحَدًا من تَارِكِى الصلاةِ تُرِكَ تَغْسِيلُه، والصلاةُ عليه، ودَفْنُهُ في مَقابِر المُسْلِمِينَ، ولا مُنِعَ وَرَثَتُهُ مِيراثَهُ، ولا مُنِعَ هو مِيرَاثَ مُوَرِّثِه، ولا فُرِّقَ بين زَوجَيْنِ لِتَرْكِ الصلاةِ من (27) أحَدِهِما؛ [مع كثْرةِ](28) تَارِكِى الصلاة، ولو كان كَافِرًا لَثَبَتَتْ هذه الأحْكامُ كُلُّها، ولا نعْلَمُ بين المُسْلِمِينَ خِلَافًا في أنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يَجِبُ عليه قضَاؤُها، ولو كان مُرْتَدًّا لم
(24) تقدم تخريجه في 2/ 7.
(25)
سقط من: أ، م.
(26)
أخرجه الدارقطني، في: باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 2/ 56.
(27)
في أ، م:"مع".
(28)
في أ: "كثرة". وفي م: "لكثرة".
يَجِبْ عليه قَضاءُ صَلَاةٍ ولا صِيَامٍ (29). وأمَّا الأحادِيثُ المُتَقَدِّمَةُ فهى على سَبِيلِ التَّغْلِيظِ، والتَّشْبِيهِ له بالكُفَّارِ، لا على الحَقِيقَةِ، كقَوْلِه عليه السلام:"سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُه كُفْرٌ"(30). وقولِه: "كُفْرٌ بِاللهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وإنْ دَقَّ"(31). وقوله: "مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُما"(32). وقولِه: "مَنْ أَتَى حَائِضًا أوِ امْرَأةً في دُبُرِهَا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ"(33). قال: "وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ الكَوَاكِبِ. فَهوَ كَافِرٌ باللهِ، مُؤْمِنٌ بِالكَوَاكِبِ"(34). وقوله: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ"(35). وقولِهِ:
(29) ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية، أن من لا يصلى يؤمر بالصلاة، فإن امتنع عوقب حتى يصلى، بإجماع العلماء، ثم إن أكثرهم يوجبون قتله إذا لم يصل، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل، وهل يقتل كافرا أو مرتدا أو فاسقا؟ على قولين مشهورين في مذهب أحمد وغيره. والمنقول عن أكثر السلف يقتضى كفره، وهذا مع الإقرار بالوجوب. مجموعة الفتاوى 28/ 359، 360. وانظر الفهارس 37/ 48.
(30)
أخرجه البخاري، في: باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، من كتاب الإِيمان، وفى: باب ما ينهى عن السباب واللعن، من كتاب الأدب، وفى: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، من كتاب الفتن. صحيح البخاري 1/ 19، 8/ 18، 9/ 63. ومسلم، في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 81. والترمذي، في: باب ما جاء في الشتم من أبواب البر والصلة، وفى: باب ما جاء في سباب المؤمن فسوق، من أبواب الإِيمان. عارضة الأحوذى 8/ 152، 10/ 102. والنسائي، في: باب قتال المسلم، من كتاب التحريم. المجتبى 7/ 111. وابن ماجه، في: باب في الإيمان، من المقدمة، وفى: باب سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 1/ 27، 2/ 1299. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 176، 178، 385، 411، 417، 433، 439، 446، 454، 460.
(31)
أخرجه ابن ماجه، في: باب من أنكر ولده، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 2/ 916. والدارمى، في: باب من ادعى إلى غير أبيه، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي 2/ 343.
(32)
أخرجه البخاري، في: باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، من كتاب الإِيمان. صحيح البخاري 8/ 32. ومسلم، في: باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 79. والإِمام مالك، في: باب ما يكره من الكلام، من كتاب الكلام. الموطأ 2/ 984. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 18، 44، 60، 105، 113.
(33)
تقدم تخريجه في 1/ 417.
(34)
أخرجه النسائي، في: باب كراهية الاستمطار بالكوكب، من كتاب الاستسقاء. المجتبى 3/ 133، 134 والبيهقي، في: باب كراهية الاستمطار بالأنواء، من كتاب الاستسقاء. السنن الكبرى 3/ 357، 358.
(35)
أخرجه الترمذي، في: باب حدثنا قتيبة، من أبواب النذور. عارضة الأحوذى 7/ 18. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 125.