الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ولو كان مع الإِمامِ خُنْثَى مُشْكِلٌ وَحْدَه، فالصَّحِيحُ أن يقِفَه (33) عن يَمينِه؛ لأنَّه إن كان رَجُلًا فقد وَقَفَ في مَوْقِفِه، وإن كان امْرَأَةً لم تَبْطُلْ صلاتُها بِوُقُوفِها مع الإِمامِ، كما لا تَبْطُل بِوُقُوفِها مع الرِّجالِ، ولا يَجُوزُ أن يَقِفَ وَحْدَه؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ رَجُلًا. فإنْ كان مَعَهما رَجُلٌ، وَقَفَ الرَّجُلُ عن يمينِ الإِمامِ، والخُنْثَى عن يَسَارِه، أو عن يَمِينِ الرَّجُلِ، ولا يَقِفَا (34) خَلْفَه؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ امرأَةً، إلَّا عندَ مَن أجازَ مُصَافَّةَ المَرْأَةِ. فإنْ كان مَعَهم رَجُلٌ آخَرُ، وَقَفَ الثَّلَاثَةُ خَلْفَه صَفًّا؛ لما ذَكَرْنا. وإنْ كان مع الخُنْثَى خُنْثَى آخَرُ، فقال أصْحابُنا: يَقِفُ الخُنْثَيانِ صَفًّا خَلْفَ الرَّجُلَيْنِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَا امْرَأَتَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أن يَقِفَا مع الرَّجُلَيْنِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ أحَدُهما وَحْدَه رَجُلًا، فلا تَصِحُّ صلاتُه. وإن كان معهم نِسَاءٌ، وَقَفْنَ خَلْفَ الخَنَاثَى. قال أبو الخَطَّابِ: إذا اجْتَمَعَ رِجَالٌ وصِبْيَانٌ وخَنَاثَى ونِسَاءٌ، تَقَدَّمَ الرِّجَالُ، ثم الصِّبْيَانُ، ثم الخَنَاثَى، ثم النِّسَاءُ. ورَوَى أبو مالِكٍ الأشْعَرِىُّ، عن أبِيهِ، أنَّه قال: ألا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: أقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَفَّ الرِّجَالَ، وصَفَّ خَلْفَهُم الغِلْمَانَ، ثم صَلَّى بهم. [ثم قال: هكذا صَلَاتُه] (35). قال عَبدُ الأعْلَى (36): لا أحْسَبُه إلَّا قال: "صَلَاةُ أُمَّتِى". رَوَاه أبو دَاوُدَ (37).
فصل: السُّنَّةُ أن يَتَقَدَّمَ في الصَّفِّ الأوَّلِ أُولُوا الفَضْلِ والسِّنِّ، ويَلِى الإِمامَ أكْمَلُهم وأفْضَلُهم. قال أحمدُ: يَلِى الإِمامَ الشُّيُوخُ وأهْلُ القُرْآنِ، وتُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ والغِلْمانُ، ولا يَلُونَ الإِمامَ؛ لما رَوَى أبو مَسْعُودٍ الأنْصارِىُّ قال: كان رسولُ اللهِ
(33) في أ: "يقف".
(34)
في م: "يقف".
(35)
في سنن أبي داود: "فذكر صلاته"، ثم قال:"هكذا صلاة".
(36)
في النسخ: "أبو عبد الأعلى". والمثبت من سنن أبي داود.
(37)
تقدم في صفحة 41.
-صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لِيَلِنِى مِنْكُم أُولُوا الأَحْلَامِ والنُّهَى، ثم الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثم الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". [رَوَاه مُسْلِمٌ](38). وعن أَنَسٍ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أن يَلِيَهُ المُهَاجِرُونَ والأنْصَارُ؛ لِيَأْخُذُوا عنه (39). وقال أبو سَعِيدٍ: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى في أَصْحَابِه تَأَخُّرًا، فقال:"تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بى، ولْيأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ عز وجل". [رَوَاهُ مُسْلِمٌ](40)، وأبو دَاوُدَ (41). ورَوَى أحمدُ، في "مُسْنَدِه"(42)، عن قَيْسِ بنِ عُبَادٍ، قال: أَتَيْتُ المَدِينَةَ لِلِقَاءِ أصْحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأُقِيمَتِ الصلاةُ، وخَرَجَ عمرُ مع أصْحابِ رسَولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُمْتُ في الصَّفِّ الأَوَّل، فجاءَ رَجُلٌ فنَظَرَ في وُجُوهِ القَوْمِ، فعَرَفَهُم غَيْرِى، فنَحَّانِى، وقامَ في مَكَانِى، فما عَقَلْتُ صَلَاتِى، فلمَّا صَلَّى قال:
(38) سقط من: الأصل، أ.
في: باب تسوية الصفوف. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 323. وكذلك أخرجه أبو داود، في: باب من يستحب أن يلى الإمام في الصف وكراهية التأخير، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 156. والترمذي، في: باب ما جاء ليلينى منكم أولوا الأحلام والنهى، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 26. والنسائي، في: باب من يلى الإمام ثم الذي يليه، وباب ما يقول الإمام إذا تقدم في تسوية الصفوف، من كتاب الإِمامة. المجتبى 2/ 68، 71. وابن ماجه، في: باب من يستحب أن يلى الإمام، من كتاب الإِقامة. سنن ابن ماجه 1/ 312، 313. والدارمى، في: باب من يلى الإمام من الناس، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 290. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 457، 4/ 122.
(39)
أخرجه ابن ماجه، في: باب من يستحب أن يلى الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 313. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 100، 199، 205، 263.
(40)
في الأصل، أ:"رواهن".
(41)
أخرجه مسلم، في: باب تسوية الصفوف. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 325. وأبو داود، في: باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 157. وكذلك أخرجه النسائي، في: باب الائتمام بمن يأتم بالإِمام، من كتاب الإِمامة. المجتبى 2/ 65. وابن ماجه، في: باب من يستحب أن يلى الإمام، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 313. كما أخرجه البخاري، في: باب الرجل يأتم بالإِمام ويأتم الناس بالمأموم (في ترجمة الباب)، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 182.
(42)
في 5/ 140. وكذلك النسائي بتغيير في اللفظ، باب من يلي الإمام ثم الذي يليه، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 68.