الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكمُ سَفَرِه، فله القَصْرُ فيه. قال أحمدُ، في مَن دَخَلَ مَكَّةَ لم يُجْمِعْ على إقامَةٍ تَزِيدُ على إقامَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بها، وهو أن يَقْدَمَ رَابِعَ ذِى الحجَّةِ: فله القَصْرُ؛ وذلك لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان في أسْفارِه يَقْصُرُ حتى يَرْجِعَ، وحين قَدِمَ مَكَّةَ وأقامَ بها ما أقامَ كان يَقْصُرُ فيها، وهذا خِلافُ قولِ عائشةَ والحسنِ. ولا فَرْقَ بين أن يَقْصِدَ الرُّجُوعَ إلى بَلَدِه، كما فَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ، على ما في حَدِيثِ أنَسٍ، وبينَ أن يُرِيدَ بَلَدًا آخَرَ، كما فَعَلَ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ الفَتْحِ، على ما في حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ.
فصل:
وإن مَرَّ في طَرِيقِه على بَلَدٍ له فيه أَهْلٌ أو مالٌ. فقال أحمدُ، في مَوْضِعٍ: يُتِمُّ. وقال في مَوْضِعٍ: يُتِمُّ إلَّا أن يكونَ مَارًّا. وهذا قولُ ابنِ عَبَّاسٍ. وقال الزُّهْرِىُّ: إذا مَرَّ بِمَزْرَعَةٍ له أتَمَّ. وقال مالِكٌ: إذا مَرَّ بقَرْيَةٍ فيها أهْلُه أو مالُه أتَمَّ، إذا أرادَ أن يُقيمَ بها يَوْمًا ولَيْلَةً. وقال الشَّافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: يَقْصُرُ، ما لم يُجْمِعْ على إقامَةِ أرْبَعٍ؛ لأنَّه مُسَافِرٌ لم يُجْمِعْ على أرْبَعٍ. ولَنا، ما رُوِىَ عن عُثمانَ، أنَّه صَلَّى بمِنًى أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فأنْكَرَ النَّاسُ عليه، فقال: يا أيُّها الناسُ، إنِّي تَأهَّلْتُ بمَكَّةَ منذُ قَدِمْتُ، وإنِّى سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"من تَأَهَّلَ في بَلَدٍ فلْيُصَلِّ صَلَاةَ المُقِيمِ". رَوَاه الإِمامُ أحمدُ، في "المُسْنَدِ" (18). وقال ابنُ عَبَّاسٍ: إذا قَدِمْتَ على أهْلٍ لك أو مَالٍ، فصَلِّ صَلَاةَ المُقِيمِ (19). ولأنَّه مُقِيمٌ ببَلَدٍ فيه أَهْلُه، أشْبَهَ (20) البَلَدَ الذي سَافَرَ منه.
فصل: قال أحمدُ: مَن كان مُقِيمًا بمَكَّةَ، ثم خَرَجَ إلى الحَجِّ، وهو يُرِيدُ أن
(18) المسند 1/ 62.
(19)
أخرجه البيهقي، في: باب المسافر ينتهى إلى الموضع الذي يريد المقام به، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 3/ 155، 156. وعبد الرزاق، في: باب في كم يقصر الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 524. وابن أبي شيبة، في: باب في مسيرة كم يقصر الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 445.
(20)
في أ، م:"فأشبه".