الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمَعَ بينهما في وَقْتِ الثانيةِ [اعْتُبِرَ بَقَاءُ](54) العُذْرِ إلى حينِ دُخُولِ وَقْتِها، فإنْ زَالَ في وَقْتِ الأُولَى، كالمَرِيضِ يَبْرَأُ، والمُسَافِرِ يَقْدَمُ، والمَطَرِ يَنْقَطِعُ، لم يُبَحِ الجَمْعُ؛ لِزَوَالِ سَبَبِه. وإن اسْتَمَرَّ إلى حينِ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، جَمَعَ، وإن زَالَ العُذْرُ؛ لأنَّهما صَارَتَا وَاجِبَتَيْنِ في ذِمَّتِه، ولا (55) بُدَّ له من فِعْلِهما.
فصل:
وإن أتَمَّ الصَّلَاتَيْنِ في وَقْتِ الأُولَى، ثم زالَ العُذْرُ بعد فَراغِه منهما قبلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أجْزأتْه، ولم تَلْزَمْه الثَّانِيَةُ في وَقْتِها؛ لأنَّ الصلاةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مُجْزِئَةً عن ما في [الذِّمَّةِ، فَبَرِئتْ](56) ذِمَّتُه منها، فلم تَشْتَغِل الذِّمَّةُ بها (57) بعدَ ذلك، ولأنَّه أَدَّى فَرْضَه حَالَ العُذْرِ، فلم يَبْطُلْ بِزَوَالِه بعد ذلك، كالمُتَيَمِّمِ إذا وَجَد الماءَ بعدَ فراغِه من الصلاةِ.
فصل: وإذا جَمَعَ في وَقْتِ الأُولَى، فله أن يُصَلِّىَ سُنَّةَ الثَّانِيَةِ منهما، ويُوتِرَ قبلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيةِ؛ لأنَّ سُنَّتَها تابِعَةٌ لها، فَتَتْبَعُها في فعْلِها ووَقْتِها، والوِتْرُ وَقْتُه ما بين صلاةِ العِشاءِ إلى صلاةِ الصُّبْحِ، وقد صَلَّى العِشاءَ فدَخَلَ وَقْتُه.
فصل: وإذا صَلَّى إحْدَى صَلَاتَىِ الجَمْعِ مع إمامٍ، وصَلَّى الثَّانِيَةَ مع إمامٍ آخَرَ، وصَلَّى معه مَأْمُومٌ في إحْدَى الصلاتَيْنِ، وصَلَّى معه في الثَّانِيَةِ مأْمُومٌ ثانٍ، صَحَّ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الإِمامِ والمَأْمُومِ أحدُ مَن يَتِمُّ به الجَمْعُ، فلم يَجُزِ اخْتِلَافُه، [وإذا اشْتُرِطَ](58) دَوَامُه كالعُذْرِ اشْتُرِطَ دَوامُه في الصلاتَيْنِ. ولَنا، أنَّ لكُلِّ صَلَاةٍ حُكْمَ نَفْسِها، وهى مُنْفَرِدَة بِنِيَّتِها، فلم يُشْتَرَطِ
(54) في أ: "اعتبرها".
(55)
سقطت واو العطف من، الأصل.
(56)
في أ، م:"ذمته، وبرئت".
(57)
سقط من: الأصل.
(58)
في أ: "أو فاشتراط".
اتِّحَاد الإِمامِ ولا المَأْمُومِ، كغيرِ المَجْمُوعَتَيْنِ. وقولُه: إنَّ الإِمامَ والمَأْمُومَ أحَدُ مَن يتمُّ به الجَمْعُ. لا يَصِحُّ، فإنَّه يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ والمُسَافِرِ الجَمْعُ مُنْفَرِدًا وفى المَطَرِ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ. وإنْ قُلنا: إنَّ الجَمْعَ في المَطَرِ لا يَصِحُّ إلَّا في الجماعةِ. فالذى يتِمُّ به الجَمْعُ الجماعةُ، لا عَيْنُ الإِمامِ والمَأْمُوم، ولم تَخْتَلَّ الجماعةُ، وعلى ما ذَكَرْناهُ، لو ائْتمَّ المَأْمُومُ بإمامٍ لا يَنْوِى الجَمْعَ، فنَوَاهُ المَأْمُومُ، فلمَّا سَلَّمَ الإِمامُ صَلَّى المَأْمُومُ الثانيةَ، جازَ؛ لأنَّنا أبَحْنَا له مُفَارَقَةَ إمَامِه في الصلاةِ الواحِدَةِ لِعُذْرٍ، ففى الصَّلَاتَيْنِ أوْلَى، ولأنَّ نِيَّتَهُما (59) لم تَخْتَلِفْ في الصلاةِ الأُولَى، وإنَّما نَوَى أن يَفْعَلَ فِعْلًا في غيرِها، فأشْبَهَ ما لو نَوَى المُسَافِرُ في الصلاةِ الأُولَى إتْمامَ الثَّانِية، وكذلك (60) لو صَلَّى المُسافِرُ بِمُقِيمِينَ، فنَوَى الجَمْعَ، فلما صَلَّى بهم الأُولَى قامَ فصَلَّى الثَّانِيَةَ، جازَ على هذا. وكذلك لو صَلَّى أحَدَ صَلاتَىِ الجَمْعِ مُنْفَرِدًا، ثم حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ يُصَلُّون الثانيةَ، فأمَّهم فيها، أو صَلَّى معَهم مَأْمُومًا، جَازَ. وقَوْلُ ابنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِى أنْ لا يجوزَ شىْءٌ من ذلك.
274 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا نَسِىَ صَلَاةَ حَضَرٍ، فَذَكَرَهَا فِى السَّفَرِ، أوْ صَلَاةَ سَفَرٍ، فذَكَرَها في الْحَضَرِ، صَلَّى في الحَالَتَيْنِ (1) صَلَاةَ حَضَرٍ)
نَصَّ أحمدُ، رحمه الله، على هاتَيْنِ المَسْألتَيْنِ في رِوَايَةِ أبِى دَاوُدَ والأثْرَمِ. قال في رِوايةِ الأثْرَمِ: أمَّا المُقِيمُ إذا ذَكَرَها في السَّفَرِ، فذاك بالإِجْماعِ يُصَلِّى أرْبَعًا، وإذا نَسِيَها في السَّفَرِ، فذَكَرَها في الحَضَرِ، صَلَّى أرْبَعًا بالاحْتِيَاطِ، فإنَّما وَجَبَتْ عليه السَّاعَةَ، فذَهَبَ أبو عبدِ اللهِ، رحمه الله، إلى ظَاهِرِ الحَدِيثِ:"فَلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَهَا"(2). أمَّا إذا نَسِىَ صلاةَ الحَضَرِ، فذَكَرَها في السَّفَرِ، فعليه الإِتْمَامُ
(59) في الأصل: "نيتها".
(60)
في أ، م:"وهكذا".
(1)
في الأصل: "الحالين".
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 342.