الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإنْ دُفِنَ مِن غيرِ غُسْلٍ، أو إلى غيرِ القِبْلَةِ، نُبِشَ، وغُسِّلَ، وَوُجِّهَ، إلَّا أن يُخافَ عليه أن يَتَفَسَّخَ، فَيُتْرَكُ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُنْبَشُ؛ لأنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ، وقد نُهِىَ عنها. ولنَا، أنَّ [هذا واجبٌ فلا يسْقُطُ](15) بذلك، كإخْراجِ مَا لَهُ قِيمَةٌ. وقَوْلُهم: إنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ. قُلْنا: إنَّما هو مُثْلَةٌ في حَقِّ مَن [تغيَّر، وهو لا](16) يُنْبَشُ.
فصل: وإن دُفِنَ قبلَ الصَّلاةِ، [فرُوِىَ عن](17) أحمدَ أنَّه يُنْبَشُ، ويُصَلَّى عليه. وعنه أنَّه (18) إنْ صُلِّىَ على القبرِ جازَ (19). واخْتَارَ القاضي أنَّه يُصَلَّى على القَبْرِ ولا يُنْبَشُ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على قبرِ المِسْكِينَة ولم يَنْبُشْهَا (20). ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه دُفِنَ قبلَ وَاجِبٍ، فنُبِشَ، كما لو دُفِنَ مِن غيرِ غُسْلٍ، وإنَّما يُصَلَّى على القبرِ عندَ الضَّرُورَةِ. وأمَّا المِسْكِينَةُ فقد كانتْ صُلِّىَ عليها، ولم تَبْقَ الصَّلاةُ عليها وَاجِبَةً، فلم تُنْبَشْ لذلك. فأمَّا إن تَغَيَّرَ المَيِّتُ، لم يُنْبَشْ بحالٍ.
فصل: وإن دُفِنَ بِغيرِ كَفَنٍ ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما، يُتْرَكُ؛ لأنَّ القَصْدَ بالكَفَنِ سَتْرُه، وقد حَصَلَ سَتْرُه بالتُّرَابِ. والثانى، يُنْبَشُ ويُكَفَّنُ؛ لأنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ، فأشْبَهَ الغُسْلَ. وإنْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ، فقال القاضي: يَغْرَمُ قِيمَتَه من تَرِكَتِه، ولا يُنْبَشُ؛ لما فيه من هَتْكِ حُرْمَتِه مع إمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدُونِها.
(15) في أ، م:"الصلاة تجب ولا تسقط".
(16)
في م: "يقبر ولا".
(17)
في م: "فعن".
(18)
سقط من: الأصل.
(19)
في الأصل: "كان جائزا".
(20)
تقدم تخريجه في صفحة 444، في مصادر تخريج حديث أنه ذكر رجلا مات فقال:"فدلونى على قبره".
ويَحْتَمِلُ أن يُنْبَشَ، إذا كان الكَفَنُ (21) بَاقِيًا بحالِه؛ لِيُرَدَّ إلى مَالِكِه عن مَالِه، وإن كان بَالِيًا فَقِيمَتُه في (22) تَرِكَتِه. فإن دُفِنَ في أرْضِ غَصْبٍ، أو أرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بينه وبينَ غيرِه بغيرِ إذْنِ شَرِيكِه، نُبِشَ وأُخْرِجَ؛ لأنَّ القَبْرَ في الأرْضِ يَدُومُ ضَرَرُه، ويَكْثُرُ، بخِلافِ الكَفَنِ. وإن أذِنَ المالِكُ في الدَّفْنِ في أرْضِه، ثم أرادَ إخْرَاجَهُ، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لأنَّ في ذلك ضَرَرًا. وإنْ بَلِىَ المَيِّتُ وعَادَ تُرَابًا، فلِصَاحِبِ الأَرْضِ أَخْذُها، وكُلُّ مَوْضِعٍ أجَزْنَا نَبْشَه لِحُرْمَةِ مِلْكِ الآدمِىِّ، فالمُسْتَحَبُّ تَرْكُه احْتِرَامًا لِلْمَيِّتِ.
389 -
مسألة؛ قال: (وإذا حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ وصَلَاةُ الفَجْرِ، بُدِئَ بالجِنَازَةِ، وَإِذَا (1) حَضَرَتْ صَلَاةُ (2) المَغْرِبِ بُدِئَ بالمَغْرِبِ)
وجُمْلَتُه أنَّه متى حَضَرَتِ الجِنَازَةُ والمَكْتُوَبَةُ بُدِئ بالمَكْتُوبَةِ، إلَّا الفَجْرَ والعَصْرَ؛ لأنَّ ما بَعْدَهما وَقْتٌ نُهِىَ عن الصلاةِ فيه. نَصَّ (3) أحمدُ على نحوٍ من هذا، وهو قولُ ابنِ سِيرِينَ. ويُرْوَى عن مُجَاهِدٍ، والحسنِ، وسَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وقَتَادَةَ، أنَّهم قالوا: يَبْدَأُ بالمَكْتُوبَةِ؛ لأنَّها أهَمُّ وأيْسَرُ، والجِنَازَةُ يَتَطَاوَلُ أمْرُها، والاشْتغالُ بها، فإن قَدَّمَ جميعَ أمْرِها على المَكْتُوبَةِ أفْضَى إلى تَفْوِيتِها، وإن صَلَّى عليها (4) ثم انْتَظَرَ بها (5) فَرَاغَ المَكْتُوبَةِ لم يُفِدْ (6) تَقْدِيمُها شيئًا، إلَّا في الفَجْرِ
(21) سقط من: الأصل.
(22)
في م: "من".
(1)
في الأصل، م:"وإن".
(2)
في أ: "وصلاة".
(3)
في أ، م زيادة:"عليه".
(4)
في م: "عليهما" خطأ.
(5)
سقط من: م.
(6)
في م: "يعد" تحريف.