الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وتَسْنِيمُ القَبْرِ أفْضَلُ من تَسْطِيحِه. وبه قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ. وقال الشَّافِعِىُّ: تَسْطِيحُهُ أفْضَلُ. قال: وبَلَغَنَا أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إبراهيمَ (14). وعن القاسِمِ، قال: رَأيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمرَ مُسَطَّحَةً. ولَنا، ما رَوَى سُفْيَانُ التَّمَّارُ، أنَّه قال: رَأيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسنَّمًا. رَوَاه البُخَارِىُّ بإسْنَادِهِ (15). وعن الحسنِ مِثْلُه. ولأنَّ التَّسْطِيحَ يُشْبِهُ أبْنِيَةَ أهْلِ الدُّنْيا، وهو أشْبَهُ بِشِعَارِ أهْلِ البِدَعِ، فكان مَكْرُوهًا. وحَدِيثُنا أثْبَتُ مِن حَدِيِثهم وأَصَحُّ، فكان العَمَلُ به أوْلَى.
فصل: وسُئِلَ أحمدُ عن الوُقُوفِ على القَبْرِ بعدَ ما يُدْفَنُ، يُدْعَى لِلْمَيِّتِ؟ قال: لا بَأْسَ به، قد وَقَفَ علىٌّ، والأحْنَفُ بنُ قَيْسٍ. ورَوَى أبو دَاوُدَ (16)، بإسْنَادِهِ عن عثمانَ، قال: كان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إذا دُفِنَ الرَّجُلُ وَقَفَ عليه، فقال:"اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ". ورَوَى الخَلَّالُ بإسْنَادِهِ، ومُسْلِمٌ (17)، والبُخَارِىُّ (18)، [عن السَّرِىِّ](19)، قال: لما حَضَرَتْ عَمْرَو بنَ العَاصِ الوَفَاةُ، قال: اجْلِسُوا عندَ قَبْرِى قَدْرَ ما يُنْحَرُ جَزَورٌ، ويُقْسَمُ، فإنِّى أسْتَأْنِسُ بكم.
فصل: فأمَّا التَّلْقِينُ بعدَ الدَّفْنِ، فلم أجِدْ فيه عن أحمدَ شَيْئًا، ولا أعْلَمُ فيه
(14) أخرجه الشافعي، في: كتاب الجنائز. ترتيب المسند 1/ 215.
(15)
في: باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما، من كتاب الجنائز. صحيح البخاري 2/ 128.
(16)
تقدم تخريجه في صفحة 396.
(17)
سقط من: الأصل.
(18)
لم يخرجه البخاري، انظر: تحفة الأشراف 8/ 154، والفتح الربانى 8/ 65، 22/ 341.
وأخرجه مسلم، في: باب كون الإِسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 112، 113. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 199.
(19)
سقط من: الأصل.
لِلْأَئِمَّةِ قَوْلًا، سِوَى ما رواهُ الأثْرَمُ، قال: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: فهذا الذي يَصْنَعُونَ إذا دُفِنَ المَيِّتُ، يَقِفُ الرَّجُلُ، ويقول: يا فُلَانُ ابن فُلانةَ (20)، اذْكُرْ ما فَارَقْتَ عليه، شَهَادَةَ أنْ لا إله إلَّا اللَّه؟ فقال: ما رَأيْتُ أحَدًا فَعَلَ هذا إلَّا أهْلَ الشَّامِ، حين ماتَ أبو المُغِيرَةِ جاء إنْسَانٌ، فقال ذاك. قال: وكان أبو المُغِيرَةِ يَرْوِى فيه عن أبي بكرِ بنِ أبي مَرْيَم، عن أشْياخِهم، أنَّهم كانوا يَفْعَلُونَهُ. وكان ابنُ عَيَّاشٍ [يَرْوِى فيه] (21) [ثم قال فيه] (22): إنَّما لا يثْبُتُ (23) عَذَابُ القَبْرِ. قال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: يُسْتَحَبُّ ذلك. ورَوَيَا فيه عن أبي أُمَامَةَ البَاهِلِىِّ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا مَاتَ أحَدُكُمْ، فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ، فَلْيَقِفْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِه، ثُمَّ لْيَقُلْ: يَا فُلَانُ ابن فُلَانَةَ. فَإنَّهُ يَسْمَعُ (24) ولا يُجِيبُ، ثم لْيَقُلْ: يا فُلَانُ ابن فُلَانَةَ. الثَّانِيةَ، فَيَسْتَوِى قَاعِدًا، ثم لْيَقُلْ: يا فُلَانُ ابن فُلَانَةَ. فإنَّه يَقُولُ: أرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللهُ. ولكِنْ لَا تَسْمَعُون. فَيَقْولُ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا، شَهَادَةَ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُه، وأنَّكَ رَضيتَ باللهِ رَبًّا، وبالإِسْلَامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، وبالقُرْآنِ إمَامًا. فَإنَّ مُنْكَرًا ونَكِيرًا يَتَأَخَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَقُولُ: انْطَلِقْ، فَمَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، ويَكُونُ اللهُ تَعَالَى حُجَّتَهُ (25) دُونَهُمَا". فقال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، فإن لم يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ؟ قال:"فَلْيَنْسِبْهُ إلَى حَوَّاءَ". رَوَاه ابنُ شَاهِينَ، في "كِتَابِ ذِكْرِ المَوْتِ" بإسْنَادِهِ (26).
(20) في م: "فلان".
(21)
في م: "يرويه".
(22)
سقط من: الأصل.
(23)
في أ، م:"ثبت".
(24)
في م: "يسمعه".
(25)
في الأصل: "حججه".
(26)
وعزاه ابن حجر للطبراني، انظر: تلخيص الحبير 2/ 135.