‌310 - مسألة؛ قال: (وإذا غدا من طريق رجع من غيره) - المغني لابن قدامة - ت التركي - جـ ٣

بعدَها (9). ورَأَيْتُه يُصَلِّى بعدَها رَكَعَاتٍ في البَيْتِ، ورُبَّما صَلَّاهَا في الطَّرِيقِ، يَدْخُلُ بعضَ المَساجدِ. وَرُوِىَ عن أبي سَعِيدٍ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُصَلِّى قبلَ صلاةِ (10) العِيدِ شَيْئًا، فإذا رَجَعَ إلى مَنْزِلِه صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (11). ولأنَّه إنَّما تَرَكَ الصلاةَ في مَوْضِعِ الصلاةِ اقْتِدَاءً بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِه، ولاشْتِغَالِه بالصلاةِ وانْتِظَارِها، وهذا مَعْدُومٌ في غيرِ مَوْضِعِ الصلاةِ.

‌

‌310 - مسألة؛ قال: (وإذا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ رَجَعَ مِنْ غَيْرِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّ الرُّجُوعَ في غيرِ الطَّرِيقِ التي غَدَا منها سُنَّةٌ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. والأصْلُ فيه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُه، قال أبو هُرَيْرَةَ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ في طَرِيقٍ رَجَعَ في غيرِه (1). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّما فَعَلَ هذا قَصْدًا لِسُلُوكِ الأبْعَد في الذَّهابِ لِيَكْثُرَ ثَوابُه وخُطُواتُه إلى الصلاةِ. ويَعُودُ في الأقْرَب لأنَّه أسْهَلُ وهو رَاجِعٌ إلى مَنْزِلِه. وقيل: كان يُحِبُّ أن يَشْهَدَ له الطَّرِيقانِ. وقيل: كان يُحِبُّ المُسَاوَاةَ بين أهْلِ (2) الطَّرِيقَيْنِ في التَّبَرُّكِ بمُرُورِه بهم، وسُرُورِهم بِرُؤْيَتِه، ويَنْتَفِعُونَ بمَسْألَتِه. وقيل: لِتَحْصُلَ الصَّدَقَةُ ممَّن صَحِبَه على أهْلِ الطَّرِيقَيْنِ من الفُقَراءِ. وقيل: لِتَبَرُّكِ الطَّرِيقَيْنِ بِوَطْئِه عليهما. وفى الجُمْلَةِ الاقْتِداءُ به سُنَّةٌ؛ لاحْتِمالِ بَقاءِ المَعْنَى الذي فَعَلَهُ