الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه كَفَنُها، كسَيِّدِ العَبْدِ والوالدِ. ولَنا، أنَّ النَّفَقَةَ والكُسْوَةَ تَجِبُ في النِّكاحِ لِلتَّمَكُّنِ من الاسْتِمْتاعِ، ولهذا تَسْقُطُ بالنُّشُوزِ والبَيْنُونَةِ، وقد انْقَطَعَ ذلك بالمَوْتِ، فأشْبَهَ ما لو انْقَطَعَ بالفُرْقَةِ في الحياةِ، ولأنَّها بَانَتْ منه بالمَوْتِ، فأشْبَهَتِ الأجْنَبِيَّةَ، وفارَقَتِ المَمْلُوكَ، فإنَّ نَفَقَتَه تَجِبُ بِحَقِّ المِلْكِ لا بالانْتِفاعِ (10)، ولهذا تَجِبُ نَفَقَةُ الآبِقِ وفِطْرَتُه، [والولدُ تَجِبُ نفقتُه بالقَرابةِ، ولا يبْطُلُ ذلك بالموتِ؛ بدليلِ أنَّ السَّيِّدَ](11) والوَالِدَ أحَقُّ بِدَفْنِه وَتَوَلِّيهِ. إذا تقَرَّرَ هذا فإنَّه إنْ لم يَكُنْ لها مَالٌ، فعلَى مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُها من الأقارِبِ، فإن لم يَكُنْ ففى بَيْتِ المالِ، كمَنْ لا زَوْجَ لها.
375 - مسألة؛ قال: (والسِّقْطُ إذا وُلِدَ لِأَكْثرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، غُسِّلَ، وصُلِّىَ عَلَيْهِ)
السِّقْطُ: الوَلَدُ تَضَعُهُ المَرْأةُ مَيِّتًا، أو لغيرِ تَمامٍ. فأمَّا إن خَرَجَ حَيًّا واسْتَهَلَّ، فإنَّه يُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه، [بَغْيرِ خِلافٍ] (1). قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ الطِّفْلَ إذا عُرِفَتْ حَيَاتُه واسْتَهَلَّ، صُلِّىَ (2) عليه. وإن لم يَسْتَهِلَّ، فقال أحمدُ: إذا أتَى له أرْبَعَةُ أشْهُرٍ غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه. وهذا قولُ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وابنِ سِيرِينَ، وإسْحاقَ. صلى ابنُ عمرَ على ابْنٍ لابْنَتِه وُلِدَ مَيِّتًا. وقال الحسنُ، وإبْراهيمُ، والحَكَمُ (3)، وحَمَّادٌ، ومَالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: لا يُصَلَّى عليه حتى يَسْتَهِلَّ. ولِلشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كالمَذْهَبَيْنِ؛ لما رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
(10) في أ، م:"بالانقطاع".
(11)
سقط من: م.
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
في م: "يصلى".
(3)
سقط من: الأصل.
أنَّه قال: "الطِّفْلُ لا يُصَلَّى عَلَيْهِ، ولَا يَرِثُ، ولَا يُورَثُ، حَتَّى يَسْتَهِلَّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (4). ولأنَّه لم يَثْبُتْ له حُكْمُ الحياةِ ولا يَرِثُ ولا يُورَث، فلا يُصَلَّى عليه، كمَنْ دُونَ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ. ولنَا، ما رَوَى المُغِيرَةُ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (5). وفى لَفْظِ رِوايةِ التِّرْمِذِىِّ:"والطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ". وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وذَكَرَهُ أحمدُ، واحْتَجَّ به، وبِحَدِيثِ أبى بكرٍ الصِّدِّيق، رَضِىَ اللَّه عنه، قال:"مَا أحَدٌ أَحَقُّ أن يُصَلَّى عَلَيْهِ مِن الطِّفْلِ"(6). ولأنَّه نَسَمَةٌ نُفِخَ فيه الرُّوحُ فيُصَلَّى عليه كالمُسْتَهِلِّ، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَ في حَدِيثِه الصَّادِقِ المَصْدُوقِ، أنَّه يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ لأرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (7). وحَدِيثُهمْ، قال التِّرْمِذِىُّ: قد اضْطَرَبَ النّاسُ فيه، فرَوَاهُ بَعْضُهم مَوْقُوفًا. قال التِّرْمِذِىُّ: كأنَّ هذا أصَحُّ من المَرْفُوعِ. وأمَّا الإِرْثُ فلأنَّه لا تُعْلَمُ حَيَاتُه حالَ
(4) في: باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 249. كما أخرجه الدارمي، في: باب ميراث الصبى، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي 2/ 393.
(5)
أخرجه أبو داود، في: باب المشى أمام الجنازة. من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 183. والترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة على الأطفال، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 248. كما أخرجه بلفظ الترمذي النسائي، في: باب مكان الراكب من الجنازة، وباب مكان الماشى من الجنازة، وباب الصلاة على الأطفال، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 45، 46، 47. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة على الأطفال، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 483. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 247، 252. وأخرجه بلفظ أبي داود الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 249.
(6)
أخرجه البيهقي، في: باب السقط يغسل ويكفن ويصلى عليه إن استهل أو عرفت له حياة، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى 4/ 9.
(7)
الحديث أخرجه البخاري، في: باب ذكر الملائكة، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ، من كتاب الأنبياء، وفى: باب حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، من كتاب القدر، وفى: باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 4/ 135، 161، 8/ 152، 9/ 165. ومسلم، في: باب كيفية خلق الآدمى في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، من كتاب القدر. صحيح مسلم 4/ 2036. وأبو داود، في: باب في القدر، من كتاب السنة. سنن أبي داود 2/ 530. والترمذي، في: باب ما جاء أن الأعمال بالخواتيم، من أبواب القدر. عارضة الأحوذى 8/ 301. وابن ماجه، في: باب في القدر، من المقدمة. سنن ابن ماجه 1/ 29. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 374، 375.