الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغَفَرَ لِمَيِّتِكَ. وعن كافِرٍ: أَخْلَفَ اللهُ عليك، ولا نَقَصَ عَدَدَكَ، ويَقْصِدُ زِيادةَ عَدَدِهم لِتَكْثُرَ جِزْيَتُهُم. وقال أبو عبدِ اللهِ ابن بَطَّةَ، يقولُ: أعْطَاكَ اللهُ على مُصِيبَتِكَ أفضلَ ما أعْطَى أحَدًا مِن أهلِ دِينِكَ. فأمَّا الرَّدُّ مِن المُعَزَّى، فبَلَغَنا عن أحمدَ بن الحسينِ، قال: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ، وهو يُعَزَّى في عَبْثَرٍ ابنِ عَمِّه، وهو يقولُ: اسْتَجابَ اللهُ دُعاكَ، ورَحِمَنا وإيَّاكَ.
فصل:
قال أبو الخَطَّابِ: يُكْرَهُ الجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكْرهُ الاجْتِماعُ بعدَ خُرُوجِ الرُّوحِ؛ لأنَّ فيه تَهْيِيجًا لِلحُزْنِ. وقال أحمدُ: أكْرَهُ التَّعْزِيَةَ عندَ القَبْرِ، إلَّا لِمَنْ لم يُعَزِّ، فَيُعَزِّى إذا دُفِنَ المَيِّتُ، أو قبلَ أن يُدْفَنَ. وقال: إن شِئْتَ أخَذْتَ بِيَدِ الرَّجُلِ في التَّعْزِيَةِ، وإن شِئْتَ لم تَأْخُذْ. وإذا رَأى الرَّجُلَ قد شَقَّ ثَوْبَه على المُصِيبَةِ عَزَّاهُ، ولم يَتْرُكْ حَقًّا لِباطِلٍ، وإن نَهَاهُ فحَسَنٌ.
386 - مسألة؛ قال: (والْبُكَاءُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَدْبٌ ولا نِيَاحَةٌ)
.
أمَّا البُكاءُ بِمُجَرَّدِهِ فلا يُكْرَهُ في حالٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُباحُ إلى أن تَخْرُجَ الرُّوحُ، ويُكْرَهُ بعدَ ذلك؛ لما رَوَى عبدُ اللهِ (1) بن عَتِيكٍ قال: جاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى عبدِ اللهِ بن ثابِتٍ يَعُودُه، فوَجَدَه قد غُلِبَ فصاحَ به فلم يُجِبْهُ، فاسْتَرْجَعَ، وقال:"غُلِبْنَا عَلَيْكَ أَبَا الرَّبيعِ". فصَاحَ النِّسْوَةُ، وبَكَيْنَ، فجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسْكِتُهُنَّ. فقال له النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ"(2). يعني إذا ماتَ. ولَنا، ما رَوَى أَنَسٌ، قال: شَهِدْنا بنتَ رسولِ اللهِ
= من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 164. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 175، 227، 280.
(1)
في مصادر تخريج الحديث أنه جابر بن عتيك.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في فضل من مات بالطاعون، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 167. والنسائي، في: باب النهى عن البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 12. والإِمام مالك، في: =
-صلى الله عليه وسلم ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ على القَبْرِ، فرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعانِ (3). وقَبَّلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عثمانَ بنَ مَظْعُونٍ وهو مَيِّتٌ، ورَفَعَ رَأْسَه، وعَيْنَاهُ تَهْرَاقَانِ (4). وقال أنَسٌ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَها جَعْفَرٌ فأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بنُ روَاحَةَ فأُصِيبَ". وإن عَيْنَىْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَتَذْرِفَانِ (5). وقالتْ عائشةُ: دَخَلَ أبو بكرٍ، فكَشَفَ عن وَجْهِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقَبَّلَهُ، ثم بَكَى (6). وكُلُّها أحادِيثُ صِحَاحٌ. ورَوَى الأُمَوِيُّ، في "المَغَازِى"، عن عائشةَ، أنَّ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ لمَّا ماتَ، جَعَلَ أبو بكرٍ وعمرُ يَنْتَحِبَانِ، حتى اخْتَلَطَتْ عَلَيَّ أصْوَاتُهما (7). ورُوِىَ (8) أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ على سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، وهو في غَاشِيَتِه، فبَكَى، وبَكَى أصْحابُه، وقال:"ألَا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، ولكِنْ يُعَذِّبُ بهَذَا"، وأشارَ إلى لِسَانِه. "أوْ يَرْحَمُ". وعنه عليه السلام، أنَّه دَخَلَ على ابْنِه إبراهيمَ، وهو يَجُودُ بِنَفْسِه،
= باب النهى عن البكاء على الميت، من كتاب الجنائز. الموطأ 1/ 233. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 446.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه. . .، وباب من يدخل قبر المرأة، من كتاب الجنائز. صحيح البخاري 2/ 100، 114. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 126، 228.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 390.
(5)
أخرجه البخاري، في: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، من كتاب الجنائز، وفى: باب تمنى الشهادة، وباب من تأمر في الحرب من غير إمرة. . . . إلخ، من كتاب الجهاد، وفى: باب علامات النبوة في الإسلام، من كتاب المناقب، وفى: باب مناقب خالد بن الوليد رضى اللَّه عنه، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب غزوة مؤتة من أرض الشام، من كتاب المغازى. صحيح البخاري 2/ 92، 4/ 21، 88، 249، 5/ 34، 182. والنسائي، في: باب النعى، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 22. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 113، 118.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة 390.
(7)
أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 6/ 141، 142. في قصة طويلة.
(8)
في أ، م:"ويروى".