الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سِيرَتِه. قال ابنُ عَقِيلٍ: وإن كان المَيِّتُ مَغْمُوصًا عليه في الدِّينِ والسُّنَّةِ، مَشْهُورًا بِبِدْعَتِه (14)، فلا بَأْسَ بإظْهَارِ الشَّرِّ عليه، لِتُحْذَرَ طَرِيقَتُه. وعلى هذا يَنْبَغِى أن يَكْتُمَ ما يَرَى عليه من أمارَاتِ الخَيْرِ، لِئلَّا يَغْتَرَّ المُغْتَرُّ (15) بذلك، فيَقْتَدِىَ به في بِدْعَتِه.
333 - مسألة؛ قال: (وتُلَيَّنُ مَفَاصِلُه إنْ سَهُلَتْ عَلَيْهِ، وإلَّا تَرَكَها)
مَعْنَى تَلْيِينِ مَفاصِلِه (1) هو أن يَرُدَّ ذِرَاعَيْهِ إلى عَضُدَيْهِ، وعَضُدَيْهِ إلى جَنْبَيْهِ، ثم يَرُدَّهُما، ويَرُدَّ سَاقَيْه إلى فَخِذَيْهِ، وفَخِذَيْهِ إلى بَطْنِهِ، ثم يَرُدَّهُما، ليكونَ ذلك أبْقَى لِلينِه، فيكونُ ذلك أمْكَنَ لِلْغاسِلِ، مِن تَكْفِينِه، وتَمْدِيدِه، وخَلْعِ ثِيابِه، وتَغْسِيلهِ. قال أصْحابُنا: ويُسْتَحَبُّ ذلك في مَوْضِعَيْنِ، عَقِيبِ مَوْتِه قبلَ قَسْوَتِها بِبرُودَتِه، وإذا أخَذَ في غُسْلِه. وإن شَقَّ ذلك لِقَسْوَةِ المَيِّتِ أو غيرِها، تَرَكَهُ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ أن تَنْكَسِرَ أعْضَاؤُهُ، ويَصِيرَ به ذلك إلى المُثْلَةِ.
334 - مسألة؛ قال (ويَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً، فَيُنَقِّى مَا بِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ، ويَعْصِرُ بَطْنَهُ عَصْرًا رَفِيقًا)
وجُمْلَتُه أنَّه يُسْتَحَبُّ أن يُغَسَّلَ المَيِّتُ على سَرِيرٍ، يُتْرَكُ عليه مُتَوَجِّهًا [إلى القِبْلَةِ](1) مُنْحَدِرًا نحوَ رِجْلَيْهِ، لِيَنْحَدِرَ الماءُ بما يَخْرُجُ منه، ولا يَرْجِعَ إلى جِهَةِ رَأْسِه، ويَبْدَأُ الغَاسِلُ، فَيَحْنِى المَيِّتَ حَنْيًا رَفِيقًا، لا يَبْلُغُ به قَرِيبًا من الجُلُوسِ، لأنَّ في الجُلُوسِ أَذِيَّةً له، ثم يُمِرُّ يَدَهُ على بَطْنِه، يَعْصِرُهُ عَصْرًا رَفِيقًا؛ لِيُخْرِجَ ما
(14) في الأصل: "ببدعة"
(15)
في الأصل: "مغتر".
(1)
في أ، م:"المفاصل".
(1)
سقط من: الأصل.
معه من نَجاسَةٍ، لئَلَّا يَخْرُجَ بعد ذلك، ويَصُبُّ عليه الماءَ حينَ يُمِرُّ يَدَه صَبًّا كَثِيرًا، لِيُخْفِىَ ما يَخْرُجُ منه، ويَذْهَبُ به الماءُ، ويُسْتَحَبُّ أن يَكونَ بِقرْبِه مِجْمَرٌ فيه بَخُورٌ حتى لا يَظْهَرَ منه ريِحٌ. وقال أحمدُ، رحمه الله: لا يَعْصِرُ بَطْنَ المَيِّتِ في الْمَرَّةِ الأُولَى، ولكن في الثانيةِ. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: يَعْصِرُ بَطْنَه في الثَّالِثَةِ، يَمْسَحُ مَسْحًا رَفِيقًا مَرَّةً وَاحِدَةً. وقال أيضًا: عَصْرُ بَطْنِ المَيِّتِ في الثانيةِ أمْكَنُ؛ لأنَّ المَيِّتَ لا يَلِينُ حتى يُصِيبَهُ الماءُ. ويَلُفُّ الغاسِلُ على يَدِه خِرْقَةً خَشِنَةً، فيُنَجِّيه (2) بها، لِئَلَّا يَمَسَّ عَوْرَتَه، لأنَّ النَّظَرَ إلى العَوْرَةِ حَرَامٌ، فالمَسُّ (3) أوْلَى، ويُزِيلُ ما على بَدَنِه من نَجاسَةٍ؛ لأنَّ الحَىَّ يَبْدَأُ بذلك (4) في اغْتِسَالِه من الجنابةِ. ويُسْتَحَبُّ أن لا يَمَسَّ بَقِيَّةَ بَدَنِه إلَّا بِخِرْقَةٍ. قال القاضي: يُعِدُّ الغاسِلُ خِرْقَتَيْنِ، يَغْسِلُ بإحْدَاهما السَّبِيلَيْنِ، وبالأُخْرَى (5) سائِرَ بَدَنِه، فإن كان المَيِّتُ امْرَأةً حَامِلًا لم يَعْصِرْ بَطْنَها، لِئَلَّا يُؤْذِىَ الوَلَدَ، وقد جَاءَ في حَدِيثٍ رَوَاهُ الخَلَّالُ، بإسْنَادِهِ عن أُمِّ سُلَيْمٍ، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا تُوُفِّيَتِ المَرْأَةُ، فأَرَادُوا غَسْلَها، فَلْيَبْدَأْ بِبَطْنِهَا، فَلْيَمْسَحْ مَسْحًا رَفِيقًا إنْ لَمْ تَكُنْ حُبْلَى، فإنْ كانَتْ حُبْلَى فَلَا يُحَرِّكْهَا"(6).
(2) يقال: نجا الرجل: إذا تغوط. ويتعدى بالتضعيف.
وفى ا، م:"فيمسحه".
(3)
في م: "فاللمس".
(4)
سقط من: أ، م.
(5)
في م: "والأخرى".
(6)
حديث أم سليم في تغسيل المرأة عزاه المزى في تحفة الأشراف للترمذى ولم يذكر موضع روايته له، وكذلك ابن حجر في النكت الظراف. انظر تحفة الأشراف 13/ 85. وأخرجه البيهقي، في: باب في غسل المرأة، من كتاب الجنائز، ثم عزاه للترمذى. واستدرك عليه صاحب الجوهر النقى بقوله: لم أجده في كتاب الترمذي وما رأيت أحدًا غير البيهقي عزاه إليه. السنن الكبرى 4/ 5. والذي عند الترمذي هو قوله - بعد رواية حديث أم عطية - وفى الباب عن أم سليم. انظر عارضة الأحوذى 4/ 211 باب ما جاء في غسل الميت، من أبواب الجنائز. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 21 وعزاه للطبراني في الكبير. وهو فيه. انظر: المعجم الكبير 25/ 125، 126.