الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَارٍ، فَطَلَعَتْ من وَرَائِه سَحَابَةٌ مثل التُّرْسِ، فلما تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثم أَمْطَرَتْ، فلا واللهِ ما رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثم دَخَلَ من ذلك البابِ رَجُلٌ في الجُمُعَةِ المُقبِلَةِ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، وقال يا رسولَ اللهِ، هَلَكَتِ المَوَاشِى، وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فادْعُ اللهَ أن يُمْسِكَهَا عنَّا. قال: فرَفَعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وقال:"اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ على الظِّرَابِ (15) والآكَامِ وبُطُونِ الأَوْدِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجَرِ". قال: فَانْقَطَعَتْ، وخَرَجْنَا نَمْشِى في الشَّمْسِ. مُتَّفَقٌ عليه (16). والثَّالِث أن يَدْعُو اللهَ تعالى عَقِيبَ صَلَوَاتِهم، وفى خَلَوَاتِهم.
فصل:
وإذا كَثُرَ المَطَرُ أو مِيَاهُ العُيُونِ بحيث يَضُرُّهم، دَعَوُا اللهَ تعالى أن يُخَفِّفَهُ، [ويَصْرِفَ عنهم مَضَرَّتَهُ](17)، ويَجْعَلَهُ في أماكِنَ تَنْفَعُ ولا تَضُرُّ، كدُعَاءِ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم في الفَصْلِ الذي قبلَ هذا، ولأنَّ الضَّرَرَ بِزِيادَةِ المَطَرِ أحَدُ الضَّرَرَيْنِ، فيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لإِزالَتِه كانْقِطاعِه.
328 - مسألة؛ قال: (وَإنْ خَرَجَ مَعَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ لم يُمْنَعُوا، وأُمِرُوا أنْ يكُونُوا مُنْفَرِدِينَ عَنِ المُسْلِمِينَ)
وجُمْلَتُه أنَّه لا يُسْتَحَبُّ إخْراجُ أهْلِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّهم أعْداءُ اللهِ الذين كَفَرُوا به، وبَدَّلُوا نِعْمَتَهُ كُفْرًا، فهم بَعِيدُونَ من (1) الإِجابَةِ، وإن أُغِيثَ المُسْلِمُونَ فرُبَّما قالوا: هذا حَصَلَ بِدُعائِنا وإجابَتِنَا. وإن خَرَجُوا لم يُمْنَعُوا؛ لأنَّهم يَطْلُبُونَ أرْزَاقَهُمْ من رَبِّهِم، فلا يُمْنَعُونَ مِن ذلك، ولا يَبْعُدُ أن يُجِيبَهُم اللهُ تعالى؛ لأنَّه قد
(15) الظراب: جمع ظرب، ككتف، وهو ما نَتَأَ من الحجارة وحُدَّ طرفه، أو الجبل المنبسط أو الصغير.
(16)
تقدم تخريجه في صفحة 194.
(17)
في الأصل: "ويصرفه عنهم".
(1)
في م: "عن".
ضَمِنَ أرْزَاقَهم في الدُّنْيا، كما ضَمِنَ أرْزاقَ المُؤْمِنِينَ، ويُؤْمَرُون (2) بالانْفِرَادِ عن (3) المُسْلِمِينَ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ أن يُصِيبَهم عَذَابٌ، فيَعُمُّ مَن حَضَرَهم، فإنَّ قَوْمَ عَادٍ اسْتَسْقَوْا، فأرْسَلَ اللهُ عليهم رِيحًا صَرْصَرًا، فأهْلَكَتْهم. فإن قِيلَ: فيَنْبَغِى أن يُمْنَعُوا الخُرُوجَ يَوْمَ يَخْرُجُ المُسْلِمُونَ؛ لئلا يَظُنُّوا أنَّ ما حَصَلَ من السُّقْيَا بِدُعَائِهم. قُلْنا: ولا يُؤْمَنُ أن يَتَّفِقَ نُزُولُ الغَيْثِ يَوْمَ يَخْرُجُونَ وَحْدَهم، فيكونُ أعْظَمَ لِفِتْنَتِهِم، وَرُبَّما افْتَتَنَ غَيْرُهم بهم.
(2) في النسخ: "ويؤمروا".
(3)
في الأصل: "من".