الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخْرُجُ، غَدًا أَخرُجُ (18). شَهْرًا (19)، وهذا مثلُ قولِ الْخِرَقِيِّ، ولَعَلَّ الْخِرَقِيَّ رحمه الله إنَّما قال ذلك اقْتِدَاءً به، ولم يُرِدْ أنَّ نَهَايَةَ القَصْرِ إلى شَهْرٍ، وإنَّما أرَادَ أنَّه لا نِهَايَةَ لِلْقَصْرِ، واللهُ أعلمُ.
فصل:
وإنْ عَزَمَ على إقَامَةٍ طَوِيلَةٍ في رُسْتَاق (20)، يَتَنَقَّلُ فيه من قَرْيَةٍ إلى قَرْيَةٍ، لا يُجْمِعُ على الإِقَامَةِ بِوَاحِدَةٍ منها مُدَّةً تُبْطِلُ حُكْمَ السَّفَرِ، لم يَبْطُلْ حُكْمُ سَفَرِه؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أقامَ عَشْرًا بمَكَّةَ وعَرَفَةَ ومِنًى، فكان يَقْصُرُ في تلك الأيَّامِ كُلِّها. ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِه عن مُوَرِّقٍ، قال: سَأَلْتُ ابنَ عمرَ، قلتُ: إنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ، آتِى الأهْوَازَ (21)، فأنْتَقِلُ في قُرَاهَا من قَرْيَةٍ إلى قَرْيَةٍ، فأُقِيمُ الشَّهْرَ وأكْثَرَ من ذلك؟ قال: تَنْوِى الإِقامَةَ؟ . قلتُ: لا. قال: لا أُراكَ إلَّا مُسافِرًا، صَلِّ صلاةَ المُسَافِرِينَ. ولأنَّه لم يَنْوِ الإِقَامَة في بَلَدٍ بعَيْنِه، فأشْبَهَ المُتَنَقِّلَ في سَفَرِه من مَنْزِلٍ إلى مَنْزِلٍ.
فصل: وإذا دَخَلَ بَلَدًا، فقال: إنْ لَقِيتُ فَلانًا (22) أقَمْتُ، وإنْ لم ألْقَه لم أُقِم. لم يَبْطُلْ حُكْمُ سَفَرِه؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ بالإِقامَةِ، ولأن المُبْطِلَ لِحُكْمِ السَّفَرِ هر العَزْمُ على الإِقامَةِ، ولم يُوجَدْ، وإنَّما عَلَّقَهُ على شَرْطٍ، وليس ذلك بِحرامٍ.
فصل: ولا بَأْسَ بالتَّطَّوعِ نَازِلًا وسَائِرًا على الرَّاحِلَةِ؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يُسَبِّحُ على ظَهْرِ رَاحِلَتِه حيثُ كان وَجْهُه، يُومِئُ بِرأْسِه. وكان ابنُ عمرَ يَفْعَلُه. ورُوِىَ نحْو ذلك عن جابِرٍ، وأنَسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ (23).
(18) سقط من: الأصل.
(19)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 532.
(20)
الرستاق: السواد والقرى. معرب.
(21)
الأهواز: سبع كور بين البصرة وفارس. معجم البلدان 1/ 411.
(22)
في م: "فلا" خطأ.
(23)
تقدم تخريج حديث ابن عمر في 2/ 96. =
وَرَوَتْ أمُّ هانِىءٍ بنتُ أبي طالِبٍ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ في بَيْتِها، فصَلَّى ثَمَانىَ رَكَعَاتٍ. مُتَّفَقٌ عليه (24). وعن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَتَطَوَّعُ في السَّفَرِ. رَوَاه سَعِيدٌ (25). ويُصَلِّى رَكْعَتَىِ الفَجْرِ والوِتْرَ؛ لأنَّ ابن عمرَ رَوَى أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُوتِرُ على بَعِيرِهِ. ولمَّا نَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عن صَلَاةِ الفَجْرِ حتى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، صَلَّى رَكْعَتَىِ الفَجْرِ قَبْلَها. مُتَّفَقٌ عَلَيْهما (26). فأمَّا سَائِرُ السُّنَنِ والتَّطَوُّعَاتِ قبلَ الفَرَائِضِ وبَعْدَها، ققال أحمدُ: أرْجُو أنْ لا يكونَ بالتَّطَوُّعِ في السَّفَرِ بَأْسٌ. وَرُوِىَ عن الحسنِ، قال: كان أصْحَابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَافِرُونَ، فيَتَطَوَّعُونَ قبلَ المَكْتُوبَةِ وبعدَها (27). ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ، وجابِرٍ، وأنَسٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبي ذَرٍّ، وجَمَاعَةٍ من التَّابِعِينَ كَثِيرٍ. وهو قولُ مالكٍ، والشَّافِعِيِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وابْنِ المُنْذِرِ. وكان ابنُ عمرَ لا يَتَطَوَّعُ مع الفَرِيضَةِ قَبْلَها ولا بَعْدَها، إلَّا مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، ونُقِلَ ذلك عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسَعِيدِ بنِ جُبيرٍ، وعليِّ بن الحسينِ؛ لما رُوِىَ أنَّ ابْنَ عمرَ رَأَى قَوْمًا يُسَبِّحُونَ بعدَ الصلاةِ. فقال: لو كنتُ مُسَبِّحًا لأتْمَمْتُ صلاتِى،
= أما حديث جابر فلم يخرجه مسلم. انظر تحفة الأشراف 2/ 168. وأخرجه البخاري، في: باب التوجه نحو القبلة، من كتاب الصلاة، وفى: باب ينزل للمكتوبة، من كتاب التقصير. صحيح البخاري 1/ 110، 2/ 56.
وأخرج نحوه أبو داود، وتقدم في: 2/ 97.
وأما حديث أنس فقد أخرجه البخاري، في: باب صلاة التطوع على الحمار، من كتاب التقصير. صحيح البخاري 2/ 56. ومسلم، في: باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 488.
وتقدم في 2/ 93 تخريجه عند الدارقطني، وفى 2/ 96 تخريجه عند أبي داود.
(24)
تقدم تخريجه في 2/ 550.
(25)
أخرج نحوه، عن ابن عمر، ابن أبي شيبة. انظر المصنف 1/ 382.
(26)
تقدم الأول في 2/ 96، والثاني في 2/ 348.
(27)
أخرجه ابن أبي شيبة في: باب من كان يتطوع قى السفر، من كتاب الصلاة. المصنف 1/ 381.
يا ابْنَ أخِى: صَحِبْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبْتُ أبا بكرٍ فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى قَبَضَهُ اللهُ. وذَكَرَ عمرَ، وعثمانَ، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (28). مُتَّفَقٌ عليه (29) وَوَجْهُ الأوَّل (30) ما رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلاةَ الحَضَرِ، فكُنَّا نُصَلِّي قَبْلَها وبَعْدَها، وكُنَّا نُصَلِّي في السَّفَرِ قَبْلَها وبَعْدَها. رَوَاه ابنُ مَاجَه (31). وعن أبى بَصْرَةَ الغِفَارِيّ، عن البَراءِ بن عازِبٍ، قال: صَحِبْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا، فما رَأيْتُه تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ إذا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (32). وحَدِيثُ الحسنِ عن أصْحَابِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قد ذَكَرْنَاه. فهذا يَدُلُّ على أنَّه لا بَأْسَ بِفِعْلِها، وحَدِيثُ ابنِ عمرَ يَدُلُّ على أنَّه لا بَأْسَ بِتَرْكِها، فيُجْمَعُ بين الأحَادِيثِ، واللهُ أعلمُ.
(28) سورة الأحزاب 21.
(29)
تقدم في صفحة 104، 105.
(30)
في الأصل: "الأولى".
(31)
في: باب التطوع في السفر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 341. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 1/ 232.
(32)
في: باب التطوع في السفر، من كتاب صلاة السفر. سنن أبي داود 1/ 278. كما أخرجه الترمذي، باب ما جاء في التطوع في السفر، من أبواب صلاة السفر. عارضة الأحوذى 3/ 24. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 292.
كتابُ صلاةِ (33) الجُمُعَةِ
الأصْلُ في فَرْضِ الجُمُعةِ الكِتابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ؛ أما الكِتابُ فقولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (34). فأمر بالسَّعْىِ، ومُقْتَضَى (35) الأمْرِ الوُجُوبُ، ولا يَجِبُ السُّعْىُ إلَّا إلى واجبٍ (36)، ونهى عن البَيْعِ؛ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ به عنها، فلو لم تكنْ وَاجِبَةً لما نَهَى عن البَيْعِ من أجْلِها، والمُرَادُ بالسَّعْيِ ها هُنا الذَّهَابُ إليها، لا الإِسْراعُ، فإنَّ السَّعْىَ في كِتابِ اللهِ لم يُرَدْ به العَدْوُ، قال اللهُ تعالى:{وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى} (37). وقال: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} (38). وقال: {سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} (39). وقال: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (40). وأَشْبَاهُ هذا لم يُردْ بشيءٍ منه (41) العَدْوَ، وقد رُوىَ عن عمرَ أنَّه كان يَقْرَؤُها:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} . وأمَّا السُّنَةُ، فقولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَيَنْتَهِيَنَّ أَقوَامٌ عن وَدْعِهِم الجُمُعَاتِ أوْ لَيَخْتمَنَّ اللهُ على قُلُوبِهِمْ، ثم ليَكُونُنَّ من الغَافِلينَ". مُتَّفَقٌ عليه (42). وعن أبي
(33) سقط من: الأصل.
(34)
سورة الجمعة 9.
(35)
في أ، م:"ويقتضى".
(36)
في أ، م:"الواجب".
(37)
سورة عبس 8.
(38)
سورة الإِسراء 19.
(39)
سورة البقرة 205.
(40)
سورة المائدة 33، 64.
(41)
في أ، م:"من".
(42)
لم يُخرجه البخاري. انظر تحفة الأشراف 5/ 334.
وأخرجه مسلم، في: باب التغليظ في ترك الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 591. كما أخرجه النسائي، في: باب التشديد في التخلف عن الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبي 3/ 73. وابن =