الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَدْءِ الإِسلامِ لا يُصَلِّى على مَنْ عليه دَيْنٌ لا وَفَاءَ له، ويَأْمُرُهم بالصلاةِ عليه. فإن قِيلَ: هذا خَاصٌّ للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ صلاتَهُ سَكَنٌ. قُلْنا: ما ثَبَتَ في حَقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثَبَتَ في حَقِّ غيرِه، ما لم يَقُمْ على اخْتِصَاصِه (13) دَلِيلٌ. فإن قِيلَ: فقد تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ على مَن عليه دَيْنٌ. قُلْنا: ثم صَلَّى عليه بعدُ، فرَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُؤْتَى بالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عليه الدَّيْنُ، فيقولُ:"هل تَرَكَ لِدَيْنِه مِنْ وَفَاءٍ؟ ". فإن حُدِّثَ أنَّه تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عليه، وإلَّا قال لِلْمُسْلِمِينَ:"صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". فلمَّا فَتَحَ اللهُ الفُتُوحَ قامَ فقال: "أنَا أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَن تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وتَرَكَ دَيْنًا، عَلَىَّ قَضَاؤُهُ، ومَنْ تَرَكَ مالًا فَلِوَرَثَتِهِ (14) ". قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ولولا النَّسْخُ كان كمَسْألَتِنا، وهذه الأحادِيثُ خاصَّةٌ، فيَجِبُ تَقْدِيمُها على قَوْلِه:"صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا اللهُ"(15). على أنَّه لا تَعَارُضَ بين الخَبَرَيْنِ؛ فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الصلاةَ على هذَيْنِ، وأمَرَ بالصلاةِ عليهما، فلم يَكُنْ أمْرُهُ بالصلاةِ عليهما مُنَافِيًا لِتَرْكِه الصلاةَ عليهما، كذلك أمْرُهُ بالصلاةِ على مَن قال لا إلهَ إلَّا اللهُ.
فصل:
قال أحمدُ: لا أشْهَدُ الجَهْمِيَّةَ (16) ولا الرَّافِضَةَ (17)، ويَشْهَدُه مَن شاءَ،
(13) في ازيادة: "به".
(14)
في م: "فللورثة".
وأخرجه البخاري، في: باب الدَّين، من كتاب الكفالة، وفى: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من ترك كلًّا أو ضياعا فإلىّ، من كتاب النفقات. صحيح البخاري 3/ 128، 7/ 86، 87. ومسلم، في: باب من ترك مالًا فلورثته، من كتاب الفرائض. صحيح مسلم 2/ 1237، 1238. والترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة على المديون، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 291. والنسائي، في: باب الصلاة على من عليه دين، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 53. وابن ماجه، في: باب من ترك دينا أو ضياعًا فعلى اللَّه وعلى رسوله، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه 2/ 807. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 290، 453.
(15)
تقدم تخريجه في صفحة 357.
(16)
الجهمية: هم أصحاب جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة، الذين ينفون الفعل حقيقة عن العبد، ويضيفونه إلى اللَّه تعالى. الملل والنحل 1/ 135.
(17)
كان من مذهب زيد بن على جواز إمامة المفضول، فأجاز إمامة الشيخين أبى بكر وعمر، فلما سمعت =