الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
339 -
مسألة؛ قال: (والْمَاءُ الحَارُّ، والأُشْنَانُ (1)، والخِلَالُ، يُسْتَعْمَلُ إن احْتِيجَ إلَيْهِ)
هذه الثَّلَاثَةُ تُسْتَعْمَلُ عندَ الحاجةِ إليها، مثل أن يُحْتاجَ إلى المَاءِ الحَارِّ لِشِدَّةِ البَرْدِ، أو لوَسَخٍ (2) لا يَزُولُ إلَّا به، وكذا الأُشْنَانُ يُسْتَعْمَلُ إذا كان على المَيِّتِ وَسَخٌ. قال أحمدُ: إذا طالَ ضَنَى المريضِ غُسِّلَ بالأُشْنانِ. يَعْنِى أنَّه يَكْثُرُ وَسَخُهُ، فَيَحْتاجُ إلى الأُشْنَانِ لِيُزِيلَهُ. والخِلالُ: يُحْتَاجُ إليه لإِخْراجِ شيءٍ، والمُسْتَحَبُّ أن يكونَ من شجرةٍ لَيِّنَةٍ كالصَّفْصافِ ونحوِه، مما يُنَقِّى ولا يَجْرَحُ، وإن لَفَّ على رَأْسِهِ قُطْنًا، فَحَسَنٌ. ويَتَتَبَّعُ ما تحت أظْفارِه حتى يُنَقِّيَهُ، فإنْ لم يَحْتَجْ إلى شيءٍ من ذلك لم يُسْتَحَبَّ اسْتِعْمالُه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: المُسَخَّنُ أوْلَى بكُلِّ حالٍ؛ لأنَّه يُنَقِّى ما لا يُنَقِّى البارِدُ. ولَنا، أنَّ البارِدَ يُمْسِكُه والمُسَخَّنَ يُرْخِيه، ولهذا يُطْرَح الكافُورُ في الماءِ ليشُدَّه ويُبَرِّدَه، والإِنْقاءُ يَحْصُلُ بالسِّدْرِ إذا لم يَكْثُرْ وَسَخُه، فإن كَثُرَ أو لم (3) يَزُلْ إلَّا بالحارِّ صارَ مُسْتَحَبًّا.
340 - مسألة؛ قال: (ويُغَسِّلُ الثَّالِثَةَ بمَاءٍ فيه كَافُورٌ وسِدْرٌ، ولَا يَكُونُ فيه سِدْرٌ صِحَاحٌ)
الوَاجِبُ في غُسْلِ المَيِّتِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ [لأنَّه غُسْلٌ وَاجِبٌ مِن غيرِ نَجاسَةٍ أصابَتْهُ، فكان مَرَّةً واحِدَةً](1)، كغُسْلِ الجَنابةِ والحَيْضِ، ويُسْتَحَبُّ أن يُغَسَّلَ
= الأدب. سنن أبي داود 2/ 554. والترمذي، في: باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى 10/ 175. وابن ماجه، في: باب الرفق، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1216. والدارمى، في: باب في الرفق، من كتاب الرقاق. سنن الدارمي 2/ 323. والإِمام مالك، في: باب ما يؤمر به من العمل في السفر، من كتاب الاستئذان. الموطأ 2/ 979. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 112، 4/ 87، 6/ 37، 85، 199.
(1)
الأشنان: مادة تجلو وتنقِّى.
(2)
في م: "الوسخ".
(3)
في م: "ولم".
(1)
سقط من: أ.
ثَلَاثًا، كلُّ غَسْلَةٍ بالماءِ والسِّدْرِ، على ما وَصَفْنَا، ويُجْعَلَ في الماءِ كافُورٌ في الغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ؛ لِيَشُدَّهُ ويُبَرِّدَهُ ويُطَيِّبَهُ؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ اللَّاتِى غَسَّلْنَ ابْنَتَه:"اغْسِلْنَها بالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا، أو خَمْسًا، أو أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إن رَأَيْتُنَّ، وَاجْعَلْنَ في الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ كَافُورًا"(2). وفي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: "فَإذَا كَانَ في آخِرِ غَسْلَةٍ مِنَ الثَّالِثَةِ أوْ غَيْرِها، فَاجْعَلِى ماءً فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ، وشَىْءٌ مِنْ سِدْرٍ، ثم اجْعَلِى ذَلِكَ في جَرَّةٍ جَدِيدَةٍ، ثُمَّ أَفْرِغِيهِ عَلَيْهَا، وَابْدَئِى بِرَأْسِها حتى يَبْلُغَ رِجْلَيْها"(3). ولا يُجْعَلُ في الماءِ سِدْرٌ صَحِيحٌ؛ لأنَّه لا فائدةَ فيه، لأنَّ السِّدْرَ إنَّما أُمِرَ به للتَّنْظِيفِ، والمُعَدُّ لِلتَّنْظِيفِ إنَّما هو المَطْحُونُ، ولهذا لا يَسْتَعْمِلُه المُغْتَسِلُ به من الأحْياءِ إلَّا كذلك. قال أبو دَاوُدَ: قلتُ لأحمدَ: إنَّهم يَأْتُونَ بِسَبْعِ وَرَقَاتٍ من سِدْرٍ، فيُلْقُونَها في الماءِ في الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ. فأنَكَر ذلك، ولم يُعْجِبْهُ. وإذا فَرَغَ من الغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ لم يُمِرَّ يَدَه على بَطْنِ المَيِّتِ، لِئَلَّا يَخْرُجَ منه شيءٌ، ويَقَعَ في أكْفَانِه. قال أحمدُ: ويُوَضَّأُ المَيِّتُ مَرَّةً واحِدَةً في الغَسْلَةِ الأُولَى. وما سَمِعْنَا إلَّا أنَّه يُوَضَّأُ أوَّلَ مَرِّةٍ، وهذا واللهُ أعلمُ، ما لم يَخْرُجْ منه شيءٌ، ومتى خَرَجَ منه شيءٌ أعادَ وُضُوءَهُ؛ لأنَّ ذلك يَنْقُضُ الوُضُوءَ من الحَىِّ ويُوجِبُهُ، وإن رَأَى الغَاسِلُ أن يَزِيدَ على ثَلَاثٍ؛ لِكَوْنِه لم يُنَقَّ بها، أو غير ذلك، غَسَلَه خَمْسًا أو سَبْعًا، ولم يَقْطَعْ إلَّا على وِتْرٍ. قال أحمدُ: ولا يُزَادُ على سَبْعٍ. والأصلُ في هذا قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اغْسِلْنَها ثَلَاثًا، أو خَمْسًا، أو سَبْعًا"(4). لم يَزِدْ على ذلك وجَعَلَ جَمِيعَ ما أمَرَ به وِتْرًا. وقال أيضًا: "اغْسِلْنَها وِتْرًا"(4). وإنْ لم يُنَقَّ بِسَبْعٍ فالْأَوْلَى غَسْلُه حتى يُنَقَّى، ولا يَقْطَعُ إلَّا على وَتْرٍ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم (4): "اغْسِلْنَها ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو سَبْعًا،
(2) تقدم تخريجه من حديث أم عطية في صفحة 375.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 373.
(4)
تقدم من حديث أم عطية في صفحة 375.