الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
301 - مسألة؛ قال: (ثم غَدَوْا إلَى المُصَلَّى، مُظْهِرِينَ لِلتَّكْبِيرِ)
السُّنَّةُ أن يُصَلِّىَ العِيدَ في المُصَلَّى، أمَرَ بذلك علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه. واسْتَحْسَنَهُ الأوْزاعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وهو قولُ ابنِ المُنْذِرِ. وحُكِىَ عن الشَّافِعِىِّ: إن كان مَسْجدُ البَلَدِ وَاسِعًا، فالصلاةُ فيه أَوْلَى؛ لأنَّه خَيْرُ البِقَاعِ وأَطْهَرُها، ولذلك يُصَلِّى أَهْلُ مَكَّةَ في المَسْجِدِ الحَرامِ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَخْرُجُ إلى المُصَلَّى ويَدَعُ مَسْجِدَهُ، وكذلك الخُلَفاءُ بعدَه، ولا يَتْرُكُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأفْضَلَ مع قُرْبِه، ويَتَكَلَّفُ فِعْلَ النَّاقِصِ مع بُعْدِه، ولا يَشْرَعُ لأُمَّتِه تَرْكَ الفَضَائِلِ، ولأنَّنا قد أُمِرْنَا باتِّبَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والاقْتِداءِ به، ولا يجوزُ أن يكونَ المَأْمُورُ به هو النَّاقِصَ، والمَنْهِىُّ عنه هو الكَامِلَ، ولم ينْقَلْ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه صَلَّى العِيدَ بِمَسْجِدِه إلَّا من عُذْرٍ، ولأنَّ هذا إجْماعُ المُسْلِمِينَ، فإنَّ النَّاسَ في كلّ عَصْرٍ ومِصْرٍ يَخْرُجُونَ إلى المُصَلَّى، فَيُصَلُّونَ العِيدَ في المُصَلَّى، مع سَعَةِ المَسْجِدِ وضِيقِه، وكان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى في المُصَلَّى مع شَرَفِ مَسْجِدِه، وصَلَاةُ النَّفْلِ في البَيْتِ أفْضَلُ منها في المَسْجِدِ مع شَرَفِه، وروينا عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قِيلَ له: قد اجْتَمَعَ في المَسْجِدِ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وعُمْيانُهم فلو صَلَّيْتَ بهم في المَسْجِدِ؟ فقال: أُخَالِفُ السُّنَّةَ إذًا، ولكن نَخْرُجُ إلى المُصَلَّى، وأَسْتَخْلِفُ مَن يُصَلِّى بهم في المَسْجِدِ أرْبَعًا (1).
فصل:
ويُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذا خَرَجَ أن يُخْلِفَ مَنْ يُصَلِّى بضَعَفةِ النَّاسِ في المَسْجِدِ، كما فَعَلَ عليٌّ، رَضِىَ اللَّه عنه، فرَوَى هُزَيْلُ بن شُرَحْبِيل (2)، قال: قِيلَ لعلىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه: لو أَمَرْتَ رَجُلًا يُصَلِّى بضعفةِ النَّاسِ هَوْنًا في المَسْجدِ الأكْبَر؟ قال: إن أَمَرْتُ رَجُلًا يُصَلِّى أمَرْتُه أن يُصَلِّىَ بهم (3) أرْبَعًا. رَوَاهُ سَعِيدٌ (4).
(1) انظر: السنن الكبرى للبيهقي 3/ 310، ومصنف ابن أبي شيبة 2/ 184.
(2)
هزيل بن شرحبيل الأودى الكوفي الأعمى، تابعى ثقة. انظر تهذيب التهذيب 11/ 31.
(3)
في أ، م:"لهم".
(4)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 2/ 184.