الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
إذا كان رَجُلَانِ لا يُحْسِنُ واحِدٌ منهما الفَاتِحَةَ، وأحَدُهما يُحْسِنُ سَبْعَ آياتٍ من غَيْرِها، والآخَرُ لا يُحْسِنُ شَيْئًا من ذلك، فهما أُمِّيَّانِ، لِكُلِّ واحِدٍ منهما الائْتِمامُ بالآخَرِ، والمُسْتَحَبُّ أنْ (6) يَؤُمَّ الذي يُحْسِنُ الآيَاتِ؛ لأنه أقْرَأُ، وعلى هذا كُلُّ مَنْ لا يُحْسِنُ الفاتحةَ، يَجُوزُ أنْ (7) يَؤُمَّ مَنْ لا يُحْسِنُها، سواءٌ اسْتَوَيَا في الجَهْلِ أو كانا مُتَفَاوِتَيْنِ فيه.
فصل: تُكْرَهُ إمامةُ اللَّحَّانِ، الذي لا يُحِيلُ المَعْنَى، نَصَّ عليه أحْمدُ. وتَصِحُّ صلاتُه بِمَنْ لا يَلْحَن؛ لأنَّه أتَى بِفَرْضِ القِرَاءةِ، فإن أحالَ المَعْنَى في غَيْرِ الفاتحةِ، لم يَمْنَعْ صِحَّةَ صلاتِه (8)، ولا الائْتِمامَ به، إلَّا أن يَتَعَمَّدَهُ، فَتَبْطُلُ صلاتُهُما.
فصل: ومَن لا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الحُرُوفِ، كالضَّادِ والقافِ، فقال القاضي: تُكْرَهُ إمَامَتُه، وتَصِحُّ أعْجَمِيًّا كان أو عَرَبِيًّا. وقيل في مَن قَرَأَ {وَلَا الضَّالِّينَ} بالظَّاءِ: لا تَصِحُّ صَلَاتُه؛ لأنه يُحِيلُ المَعْنَى يُقال: ظَلَّ يَفْعَلُ كذا: إذا فَعَلَهُ نَهَارًا، فَحُكْمُه حُكْمُ الألْثَغِ. وتُكْرَهُ إمَامَةُ التَّمْتَامِ، وهو من يُكَرِّرُ التَّاءَ، والفَأْفَاءِ (9)، وهو مَن يُكَرِّرُ الفاءَ. وتَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهما؛ لأنَّهما يَأْتِيَانِ بالحُرُوفِ على الكَمالِ، ويَزِيدانِ زِيَادَةً هما مَغْلُوبانِ عليها، فعُفِىَ عنها، وكُرِهَ (10) تَقدْيِمُهما لهذه الزِّيَادَةِ.
254 - مسألة؛ قال: (وإن صَلَّى خَلْفَ مُشْرِكٍ أو امْرَأَةٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٍ، أعَادَ الصَّلَاةَ)
وجُمْلَتُه أنَّ الكافِرَ لا تَصِحُّ الصلاةُ خَلْفَه بحالٍ سَوَاءٌ عَلِمَ بِكُفْرِه بعد فَراغِه من
(6) في م زيادة: "لا". وهو خطأ.
(7)
في م: "أم". خطأ.
(8)
في م: "الصلاة".
(9)
في النسخ: "والفأفأة". والمعروف: الفأفأ والفأفاء.
(10)
في م: "ويكره".
الصلاةِ، أو قبلَ ذلك، وعلى من صَلَّى وَرَاءَه الإِعادَةُ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ، والمُزَنِىُّ: لا إعادةَ على مَن صَلَّى خَلْفَه، وهو لا يَعْلَمُ؛ لأنَّه ائْتَمَّ بِمَنْ لا يَعْلَمُ حَالَه، فأَشْبَهَ ما لو ائْتَمَّ بِمُحْدِثٍ. ولَنا، أنَّه ائْتَمَّ بِمَنْ لَيْسَ من أهْلِ الصَّلاةِ، فلم تَصِحَّ صَلاتُه، كما لو ائْتَمَّ بمَجْنُونٍ، وأمَّا المُحْدِثُ فَيُشْتَرَطُ أن لا يَعْلَمَ حَدَثَ نَفْسِه، والكَافِرُ يَعْلَمُ حالَ نَفْسِه. وأما المَرْأةُ فلا يَصِحُّ أن يَأْتَمَّ بها الرَّجُلُ بحَال، في فَرْضٍ ولا نَافِلَةٍ، في قول عامَّةِ الفُقَهَاءِ، وقال أبو ثَوْرٍ: لا إعادَةَ على مَن صَلَّى خَلْفَها. وهو قِيَاسُ قَوْلِ المُزنِىِّ. وقال بعضُ أصْحَابِنا: يَجُوزُ أن تَؤُمَّ الرِّجَالَ في التَّرَاوِيح، وتكونُ وَراءَهُم؛ لما رُوِىَ عن أُمِّ وَرَقَةَ بنت عَبْدِ اللهِ بن الحارِثِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لها مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لها، وأَمَرَها أن تَؤُمَّ أهْلَ دَارِها. رَوَاه أبو دَاوُدَ (1). وهذا عَامٌّ في الرِّجالِ والنِّساءِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لا تَؤُمَّنَّ امرَأَةٌ رَجُلًا"(2)، ولأنَّها لا تُؤَذِّنُ لِلرِّجالِ، فلم يَجُزْ لها (3) أن تَؤُمَّهُمْ، كالمَجْنُونِ، وحَدِيثُ أمِّ ورقَةَ إنَّما أَذِنَ لها أن تَؤُمَّ نِسَاءَ (4) أهْلِ دَارِها، كذلك رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ (5). وهذه زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُها، ولو لم يُذْكَرْ ذلك لَتعَيَّنَ حَمْلُ الخَبَرِ عليه؛ لأنَّه أذِنَ لها أن تَؤُمَّ في الفَرَائِضِ، بِدَلِيلِ أنَّه جَعَلَ لها مُؤَذِّنًا، والأذَانُ إنَّما شُرِعَ (6) في الفَرَائِضِ، ولا خِلافَ في أنَّها لا تَؤُمُّهم في الفَرَائِضِ، ولأنَّ تَخْصِيصَ ذلك بالتَّرَاوِيحِ واشْتِرَاطَ تَأَخُّرِها تَحَكُّمٌ يُخَالِفُ الأُصُولَ بغيرِ دَلِيلٍ، فلا يجُوزُ المَصِيرُ إليه، ولو قُدِّرَ ثُبُوتُ ذلك لأُمِّ وَرَقَةَ، لَكان خَاصًّا
(1) في: باب إمامة النساء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 139.
وكذلك أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 405.
(2)
تقدم في صفحة 19.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في: باب في ذكر الجماعة وأهلها وصفة الإمام، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 279.
(6)
في م: "يشرع".