الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم نَحْمِلُه على السَّفَرِ قبلَ الوَقْتِ.
فصل:
وإن سَافَرَ قبلَ الوَقْتِ، فذَكَرَ أبو الخَطَّابِ فيه ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: إحْدَاها، المَنْعُ؛ لِحَدِيثِ ابنِ عمرَ. والثَّانِيةَ، الجَوَازُ؛ وهو قولُ الحسنِ، وابْنِ سِيرِينَ، وأكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، لِقَوْلِ عمرَ، ولأنَّ الجُمُعَةَ لم تَجِبْ، فلم يَحْرُمِ السَّفَرُ كالليل. والثَّالِثة، يُبَاحُ لِلْجِهَادِ دُونَ غيرِه. وهذا الذي ذَكَرَه القاضي؛ لما رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، أنَّ النَبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَجَّه زَيْدَ بن حَارِثَةَ، وجعفرَ بن أبي طالِبٍ، وعبدَ اللهِ بن روَاحَةَ في جَيْشِ مُؤْتَةَ، فتَخَلَّفَ عبدُ اللهِ، فرَآهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما خَلَّفَكَ؟ " قال: الجُمُعَةُ. فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لَرَوْحَةٌ في سَبِيلِ اللهِ" أو قال: "غُدْوَةٌ، خَيْرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". قال: فرَاحَ مُنْطَلِقًا. رَوَاه الإِمامُ أحمدُ، في "المُسْنَدِ"(14). والأوْلَى الجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لأنَّ ذِمَّتَه بَرِيئَةٌ من الجُمُعَةِ فلم يَمْنَعْه من (15) إمْكانِ وُجُوبِها عليه كما قبلَ يَوْمِها. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ أنَّ الوَقْتَ الذي يَمْنَعُ السَّفَرَ، ويُخْتلَفُ فيما قبلَه، زَوالُ الشَّمْسِ. ولم يُفَرِّق القاضي بين ما قَبْلَ الزَّوَالِ وما بعدَه. ولَعَلَّهُ بَنَى على أنَّ وَقْتَها وَقْتُ العِيدِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أبى الخَطَّابِ علَى (16) أن تَقْدِيمَها رُخْصَةٌ على خِلَافِ الأصْلِ، فلم يَتَعَلَّقْ به حُكْمُ المَنْعِ، كَتَقْدِيمِ الآخِرَة من المَجْمُوعَتَيْنِ إلى وَقْتِ الأُولَى.
فصل: وإنْ خافَ المُسافِرُ فَواتَ رُفْقَتِه، جازَ له تَرْكُ الجُمُعَةِ؛ لأنَّ ذلك من الأعْذارِ المُسْقِطَةِ لِلْجُمُعَةِ والجَمَاعةِ، وسواءٌ كان في بَلَدِه فأرادَ إنْشاءَ السَّفَرِ، أو في غيرِه.
فصل: قال أحمدُ: إنْ شاءَ صَلَّى بعدَ الجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، وإن شَاءَ صَلَّى
(14) مسند أحمد 1/ 256. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في السفر يوم الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 316، 317.
(15)
سقط من: الأصل.
(16)
سقط من: الأصل.
أرْبَعًا، وفي رِوايَةٍ: وإن شاءَ سِتًّا، وكان ابنُ مسعودٍ، والنَّخَعِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ يَرَوْنَ أن يُصَلِّىَ بعدَها أرْبَعًا؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ بَعْدَها أرْبَعًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (17). وعن عليٍّ، وأبى موسى، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وحُمَيْد بن عبدِ الرحمنِ، والثَّوْرِىِّ، أنَّه يُصَلِّى سِتًّا؛ لما رُوِى عن ابنِ عمرَ: أنَّه كان إذا كان بمَكَّةَ، فصَلَّى الجُمُعَةَ، تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم تَقَدَّمَ فَصَلَّى أرْبَعًا، وإذا كان في المَدِينَةِ صَلَّى الجُمُعَةَ، ثم رَجَعَ إلى بَيْتِه فصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ولم يُصَلِّ في المَسْجِدِ، فَقِيلَ له، فقال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذلك. رَوَاه أبو دَاوُدَ (18). ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُ ذلك كُلَّهُ، بِدَلِيلِ ما رُوِىَ من الأخْبارِ، وَرُوِىَ عن ابنِ عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّى بعد الجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عليه (19). وفى لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: وكان لا
(17) في: باب الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 600. كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 258. والترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة وبعدها، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 311. والنسائي، في: باب عدد الصلاة بعد الجمعة في المسجد، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 92. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 358. والدارمى، في: باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 370. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 249، 442.
(18)
في: باب الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 258.
(19)
أخرجه البخاري، في: باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري 2/ 16. ومسلم، في: باب الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 600، 601. كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 259. والترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة وبعدها، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 310. والنسائي، في: باب الصلاة بعد الظهر، من كتاب الإِمامة، وفى: باب صلاة الإِمام بعد الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى 2/ 92، 3/ 93. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 358. والدارمى، في: باب في صلاة السنة، وباب القراءة في ركعتى الفجر، وباب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 335، 337، 369. والإِمام مالك، في: باب العمل في جامع الصلاة، من كتاب السفر. الموطأ 1/ 166. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 6، 11، 17، 35، 63، 75، 77.