الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-صلى الله عليه وسلم قَدَّرَها بآخِرَةِ الرَّحْلِ (17)، وآخِرَةُ الرَّحْلِ تختلفُ (18) في الطُّولِ والقِصَر، فتارَةً تكونُ ذرَاعًا، وتارَةً تكونُ أقَلَّ منه، فما قَارَبَ الذِّرَاعَ أجْزَأ الاسْتِتَارُ به، واللهُ أعْلَمُ. فأمَّا قَدْرُها في الغِلَظِ والدِّقَّةِ فلا حَدَّ له نَعْلَمُه، فإنَّه يجوزُ أن تكونَ دَقِيقةً كالسَّهْمِ والحَرْبَةِ، وغَلِيظَةً كالحائِطِ، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَتِرُ بالعَنَزَةِ (19). وقال أبو سَعِيدٍ: كنا نَسْتَتِرُ بالسَّهْمِ والحَجَرِ في الصلاةِ. ورُوِىَ عن سَبْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"اسْتَتِرُوا في الصلاةِ ولو بِسَهْمٍ". رَوَاهُ الأَثْرَمُ (20). وقال الأوْزَاعِىُّ: يُجْزِئُه السَّهْمُ والسَّوْطُ. قال أحمدُ: وما كان أعْرَضَ فهو أعْجَبُ إلىَّ؛ وذلك لأنَّ قَوْلَه "ولو بِسَهْمٍ" يَدُلُّ على أنَّ غيرَه أوْلَى منه.
فصل:
ويُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّى أن يَدْنُوَ مِن سُتْرَتِه؛ لما رَوَى سَهْلُ بنُ أبى حَثْمَةَ (21)، يَبْلُغُ به النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إذا صَلَّى أَحَدُكُم إلَى سُتْرَةٍ، فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لَا يَقْطَع الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (22). وعن أبي سَعِيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أحَدُكُم فَلْيُصَلِّ إلى سُتْرَةٍ، ولْيَدْنُ مِنْهَا". رَوَاهُ الأَثْرَمُ (23). وعن سَهْلِ بن سَعْدٍ، قال: كان بينَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبين
(17) أخرجه مسلم، في: باب سترة المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 359. والنسائي، في: باب سترة المصلى، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 48.
(18)
في أ، م:"مختلف".
(19)
العنزة: رميح بين العصا والرمح فيه زج.
(20)
أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 3/ 404.
(21)
في النسخ: "خيثمة". وهو سهل بن أبي حثمة الأنصاري. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 4/ 248.
(22)
في: باب الدنو من السترة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 160. كما أخرجه النسائي، في: باب الأمر بالدنو من السترة، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 49. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 2.
(23)
أخرجه أبو داود، في: باب ما يؤمر المصلى أن يدرأ عن الممر بين يديه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 160. وابن ماجه، في: باب ادرأ ما استطعت، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 307.
القِبْلَةِ مَمَرُّ الشَّاةِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ (24). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها، قالتْ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ارْهَقُوا الْقِبْلَةَ"(25). رَوَاه الأَثْرَمُ (26). وذَكَرَ الخَطَّابِىُّ في "مَعَالِم السُّنَنِ"(27) أن مالِكَ بنَ أَنَسٍ كان يُصَلِّى يوما مُتَنَائِيًا (28) عن السُّتْرَةِ، فمَرَّ به رَجُلٌ لا يَعْرِفُه، فقال: أيُّها المُصَلِّى، ادْنُ من سُترَتِكَ. فجَعَلَ مالِكٌ يَتَقَدَّم: هو يَقْرأُ: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (29). ولأنَّ قُرْبَه من السُّتْرَةِ أصْوَنُ لِصَلَاتِه وأَبْعَدُ من أن يَمُرَّ بَيْنَه وبَيْنَها شَيْءٌ يَحُولُ بَيْنَه وبَيْنَها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَجْعَلُ بَيْنَه وبَيْنَ سُتْرَتِه ثلاثةَ أَذْرُعِ فما دُون. قال مُهَنَّا: سأَلْتُ أبا عبدِ اللهِ عن الرَّجُلِ يُصَلِّى، كم يَنْبَغِى أنْ (30) يكون بَيْنَه وبَيْنَ القِبْلَة؟ قال: يَدْنُو من القِبْلَةِ ما اسْتَطَاعَ. ثم قال بعدُ: إنَّ ابنَ عمرَ، قال: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في الكَعْبَةِ، فكان بينَه وبينَ الحائِطِ ثلاثةُ أذْرُعٍ (31). قال المَيْمُونِيُّ (32): فقد رَأَيْتُكَ على نحو من أرْبَعَةٍ. قال: بالسَّهْوِ. وكان عبدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ يَجْعَلُ بَيْنَه وبَيْن سُتْرَتِه سِتَةَ أذْرُعٍ. قال عَطَاءٌ: أقَلُّ ما يَكْفِيكَ ثلاثةُ أذْرُعٍ. وبه قال الشَّافِعِىُّ؛
(24) في: باب قدر كم ينبغى أن يكون بين المصلى والسترة، من كتاب الصلاة، وفى: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم. . . إلخ، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 1/ 133، 9/ 129. كما أخرجه مسلم، في: باب دنو المصلى من السترة، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 364. وأبو داود، في: باب الدنو من السترة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 160. بلفظ: "ممر عنز".
(25)
أصل الرهق: أن يأتى الشيء ويدنو منه. غريب الحديث لأبي عبيد 4/ 370.
(26)
انظر تخريجه في فيض القدير شرح الجامع الصغير 1/ 479.
(27)
معالم السنن 1/ 187.
(28)
في معالم السنن: "متباينا".
(29)
سورة النساء 113.
(30)
سقط من: الأصل.
(31)
أخرجه البخاري، في: باب حدثنا إبراهيم بن المنذر، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 134، 135. وأبو داود، في: باب الصلاة في الكعبة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 466، 467. والنسائي، في: باب مقدار ذلك، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 49. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 113، 138، 6/ 13.
(32)
هو عبد الملك بن عد الحميد، تقدم التعريف به في 1/ 21، والكلام موجه إلى الإِمام أحمد، فقد روى الحديث في المسند، وليس متجها إلى ابن عمر.