الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ صلاةِ الكُسُوفِ
الكُسُوفُ والخُسُوفُ شىْءٌ واحِدٌ، وكِلَاهُما قد وَرَدَتْ به الأخْبارُ، وجاءَ القُرْآنُ بِلَفْظِ الخُسُوفِ.
319 - مسألة؛ قال أبو القاسمِ: (وَإذَا خسَفَتِ الشَّمْسُ أو القَمَرُ، فَزِعَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ، إنْ أَحَبُّوا جَمَاعَةً، وإن أَحَبُّوا فُرَادَى)
صَلَاةُ الكُسُوفِ ثَابِتَةٌ بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، على ما سَنَذْكُرُه، ولا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ في مَشْرُوعِيَّتِها لِكُسُوفِ الشَّمْسِ خِلَافًا، وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ على أنَّها مَشْرُوعَةٌ لِخُسُوفِ القَمَرِ، فَعَلَه ابنُ عَبَّاسٍ. وبه قال عَطَاءٌ، والحسنُ، والنَّخَعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وقال مالِكٌ: ليسَ لِكُسُوفِ القَمَرِ سُنَّةٌ. وحَكَى ابنُ عبدِ البَرِّ عنه، وعن أبي حنيفةَ أنَّهما قالا: يُصَلِّى النّاسُ لِخُسُوفِ القَمَرِ وُحْدَانًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ولا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً؛ لأنَّ في خُرُوجِهِمْ إليها مَشَقَّةٌ. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الشَّمْسَ والْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّه، لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَيَاتِه، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا". مُتَّفَقٌ عليه (1). فأمَرَ بالصلاةِ لهما أمْرًا واحدا. وعن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه صَلَّى بأهلِ البَصْرَةِ في خُسُوفِ القَمَرِ رَكْعَتَيْنِ، وقال: إنَّما
(1) أخرجه البخاري، في: كتاب صلاة الكسوف، وفى: باب صفة الشمس والقمر بحسبان، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب كفران العشير، من كتاب النكاح، وفى: باب من جرّ إزاره من غير خيلاء، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 2/ 42 - 49، 7/ 39، 40، 182. ومسلم، في: كتاب صلاة الكسوف. صحيح مسلم 2/ 618، 619، 622، 628، 630. كما أخرجه أبو داود، في: باب صلاة الكسوف، وباب من قال: أربع ركعات، من كتاب الاستسقاء. سنن أبي داود 2/ 268، 269. والنسائي، في: كتاب صلاة الكسوف. المجتبى 3/ 101 - 124. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة الكسوف، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 400، 401. والدارمى، في: باب الصلاة عند الكسوف، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 359. والإماء مالك، في: باب العمل في صلاة الكسوف من كتاب صلاة الكسوف. الموطأ 1/ 186، 187. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 298، 358، 2/ 109، 118، 159، 3/ 318، 4/ 122، 245، 249، 253، 5/ 37، =
صَلَّيْتُ لأنِّى رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى (2). ولأنَّه أَحَدُ الكُسُوفَيْنِ، فأشْبَهَ كُسُوفَ الشَّمْسِ. ويُسَنُّ فِعْلُها جَماعَةً وَفُرادَى. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وحُكِىَ عن الثَّوْرِىِّ أنَّه قال: إنْ صَلَّاهَا الإِمامُ صَلُّوهَا معه، وإلَّا فلا تُصَلُّوا. ولَنا، قولُه عليه الصلاة والسلام:"فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا". ولأنَّها نافِلَةٌ، فجازَتْ في الانْفِرَادِ، كَسائِرِ النَّوافِلِ. وإذا ثَبَتَ هذا فإنَّ فِعْلَها في الجَماعَةِ أفْضَلُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّاها في جَمَاعَةٍ، والسُّنَّةُ أنْ يُصَلِّيَها في المَسْجِدِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَها فيه. قالت عائشةُ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ في حَياةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فخَرَجَ إلى المَسْجِدِ، فَصَفَّ النّاسُ وَرَاءَه. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (3). ولأنَّ وَقْتَ الكُسُوفِ يَضِيقُ، فلو خَرَجَ إلى المُصَلَّى احْتَمَلَ التَّجَلِّى قبلَ فِعلِها. وتُشْرَعُ في الحَضَرِ والسَّفَرِ، بإذْنِ الإِمامِ وغيرِ إذْنِه. وقال أبو بكرٍ: هي كصلاةِ العِيدِ، فيها رِوايتانِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فَإِذَا رَأَيتُمُوهَا فَصَلُّوا". ولأنَّها نَافِلَةٌ أَشْبَهَتْ سَائِرَ النَّوَافِلِ. وتُشْرَعُ في حَقِّ النِّساءِ؛ لأنَّ عائشةَ وأسْمَاءَ صَلَّتَا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاه البُخَارِيُّ (4). ويُسَنُّ أن يُنادَى لها: الصَّلَاةَ جَامِعَةً؛ لما رُوِىَ عن عبدِ اللهِ بن
= 60، 61، 428، 6/ 76، 164، 168، 354.
(2)
أخرجه البيهقي، في: باب الصلاة في خسوف القمر، من كتاب صلاة الخسوف. السنن الكبرى 3/ 338.
(3)
في: باب خطبة الإِمام في الكسوف، وباب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. صحيح البخاري 2/ 43، 45. كما أخرجه مسلم، في: باب صلاة الكسوف، وباب ذكر عذاب القبر في صلاة الخوف، من كتاب صلاة الكسوف. صحيح مسلم 2/ 619، 621. وأبو داود، في: باب من قال: أربع كعات، من كتاب صلاة الاستسقاء. سنن أبي داود 1/ 269. والنسائي، في: باب نوع آخر منه عن عائشة، وباب نوع آخر، من كتاب صلاة الكسوف. المجتبى 3/ 107، 109، 110. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة الكسوف، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 401. والإِمام مالك، في: باب العمل في صلاة الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. الموطأ 1/ 187، 188. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 87.
(4)
في: باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. صحيح البخاري 2/ 46. كما أخرجه مسلم، في: باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، من =