الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الْجَنائِزِ
يُسْتَحَبُّ لِلإِنْسَانِ ذِكْرُ المَوْتِ والاسْتِعْدادُ له؛ فإنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "أكْثِرُوا من ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَمَا ذُكِرَ في كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ، وَلَا في قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ". رَوَى البُخَارِىُّ أوَّلَهُ (39). وإذا مَرِضَ اسْتُحِبَّ له أن يَصْبِرَ، ويُكْرَهُ الأنِينُ؛ لما رُوِىَ عن طَاوُسٍ أنَّه كَرِهَهُ. ولا يَتَمَنَّى المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"وَلَا يَتَمَنَيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ (40)، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وتَوَفَّنِى إذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِى"(41). وقال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (42). ويُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّه تعالى، قال جَابِرٌ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ قبلَ مَوْتِه بِثَلَاثٍ: "لَا يَمُوتنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ تَعَالَى". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (43)، وأبو دَاوُدَ (44). وقال مُعْتَمِرٌ، عن
(39) كذا ذكر المصنف ولم نعثر عليه فيه، وانظر تلخيص الحبير 2/ 101، والفتح الربانى 7/ 32. وأخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ذكر الموت، من أبواب الزهد، وفى: باب حدثنا سفيان بن وكيع. . .، من أبواب القيامة. عارضة الأحوذى 9/ 186، 187، 283. والنسائي، في: باب كثرة ذكر الموت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 4، 5. وابن ماجه، في: باب ذكر الموت والاستعداد له، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1422. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 293. كلهم بدون زيادة فما ذكر. . . إلى آخره. وبهذه الزيادة عزاه النبهانى في الفتح الكبير للبيهقي في شعب الإِيمان وابن حبان والبزار. الفتح الكبير 1/ 225.
(40)
سقط من: أ، م.
(41)
أخرجه البخاري، في: باب تمنى المريض الموت، من كتاب الطب، وفى: باب الدعاء بالموت والحياة، من كتاب الدعوات. صحيح البخاري 7/ 156، 8/ 94. ومسلم، في: باب كراهة تمنى الموت لضر نزل به، من كتاب الذكر. صحيح مسلم 4/ 2064. وأبو داود، في: باب في كراهية تمنى الموت، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 167. والترمذي، في: باب ما جاء في النهى عن التمنى للموت، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 195. والنسائي، في: باب تمنى الموت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 3، 4. وابن ماجه، في: باب ذكر الموت والاستعداد له، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1425. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 101، 104، 163، 171، 195، 208، 247، 281.
(42)
في الأصل زيادة: "متفق عليه". وليس من قول الترمذي.
(43)
سقط من: أ.
(44)
أخرجه مسلم، في: باب الأمر بحسن الظن بالله عند الموت، من كتاب الجنة. صحيح مسلم =
أبِيهِ، إنَّه قال له عندَ مَوْتِهِ: حَدِّثْنِى بالرُّخَصِ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ عِيَادَةُ المَرِيضِ، قال البَرَاءُ: أمَرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم باتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وعِيَادَةِ المَرِيضِ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ، ومُسْلِمٌ (45). وعن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا، إلَّا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَسْتَغْفِرُونَ له حتى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الجَنَّةِ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحًا، خَرَجَ معه سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ له حتى يُمْسِىَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الجَنَّةِ"(46). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وإذا دَخَلَ على المَرِيضِ (47) دَعَا له، ورَقَاهُ. قال ثابِتٌ لأنَسٍ: يا أبا حمزةَ، اشْتَكَيْتُ. قال أنَسٌ: أفلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: بَلَى. قال: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِى، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا"(48). ورَوَى
= 4/ 2205، 2206. وأبو داود، في: باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 168. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب التوكل واليقين، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1395. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 293، 315، 325، 330، 334، 390.
(45)
أخرجه البخاري، في: باب الأمر باتباع الجنائز، من كتاب الجنائز، وفى: باب نصر المظلوم، من كتاب المظالم، وفى: باب آنية الفضة، من كتاب الأشربة، وفى: باب وجوب عيادة المريض، من كتاب الطب، وفى: باب الميثرة الحمراء، وباب خواتيم الذهب، من كتاب اللباس، وفى: باب تشميت العاطس إذا حمد، من كتاب الأدب، وفى: باب إفشاء السلام، من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري 2/ 90، 3/ 169، 7/ 146، 150، 197، 200، 8/ 61، 65. ومسلم، في: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . .، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1635. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر للرجل والقسى، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 252. والنسائي، في: باب الأمر باتباع الجنائز، من كتاب الجنائز، وفى: باب إبرار القسم، من كتاب الأيمان. المجتبى 4/ 44، 7/ 9. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 287، 299.
(46)
أخرجه أبو داود، في: باب في فضل العيادة على وضوء، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 165. والترمذي، في: باب ما جاء في عيادة المريض، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 193. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 121، 138.
(47)
في أ، م:"مريض".
(48)
أخرجه البخاري، في: باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطب. صحيح البخاري 7/ 171. وأبو =
أبو سعيدٍ، قال: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ، اشْتَكَيْتَ؟ قال:"نَعَمْ". قال: بِسْمِ اللهَ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ، من شَرِّ كلِّ نَفْسٍ وعَيْنٍ حَاسِدَةٍ اللهُ يَشْفِيكَ (49). وقال أبو زُرْعَةَ: كلا هذينِ الحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ. وَرُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ، فَنَفِّسُوا لَهُ في الأَجَلِ؛ فإنَّه لَا يَرُدُّ مِن قَضَاءِ اللهِ شَيْئًا، وإنَّهُ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ". رَوَاه ابنُ مَاجَه (50). ويُرَغِّبُهُ في التَّوْبَةِ والوَصِيَّةِ؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"مَا حَقُّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، ولَهُ شَىْءٌ يُوصِى فِيهِ، إلَّا، وَوَصِيَّتُه مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ". مُتَّفَقٌ عليه (51).
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَلِىَ المَرِيضَ أرْفَقُ أهْلِه به، وأعْلَمُهم بِسِياسَتِه، وأتْقَاهم
= داود، في: باب كيف الرقى، من كتاب الطب. سنن أبي داود 2/ 338. والترمذي، في: باب ما جاء في التعوذ للمريض، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 196. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 151، 267.
(49)
أخرجه مسلم، في: باب الطب والمرض والرقى، من كتاب السلام. صحيح مسلم 4/ 1718. والترمذي، في: باب ما جاء في التعوذ للمريض، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 196. وابن ماجه، في: باب ما عَوَّذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عُوِّذ به، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 1164. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 28، 56، 58، 75.
(50)
في: باب ما جاء في عيادة المريض، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 462. كما أخرجه الترمذي، في: باب حدثنا عبد اللَّه بن سعيد. . . .، من أبواب الطب. عارضة الأحوذى 8/ 238.
(51)
أخرجه البخاري، في: أول كتاب الوصايا. صحيح البخاري 4/ 2. ومسلم، في: أول كتاب الوصايا. صحيح مسلم 3/ 1249. كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء فيما يؤمر به من الوصية، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود 1/ 101. والترمذي، في: باب ما جاء في الحث على الوصية، من أبواب الجنائز، وفى: باب ما جاء في الحث على الوصية، من أبواب الوصايا. عارضة الأحوذى 4/ 197، 8/ 273. والنسائي، في: باب الكراهية في تأخير الوصية، من كتاب الوصايا. المجتبى 6/ 199. وابن ماجه، في: باب الحث على الوصية، من كتاب الوصايا. سنن ابن ماجه 2/ 901. والدارمى، في: باب من استحب الوصية، من كتاب الوصايا. سنن الدارمي 2/ 402. والإِمام مالك، في: باب الأمر بالوصية، من كتاب الوصايا. الموطأ 2/ 761. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 4، 10، 50، 57، 80، 113.
لِلهِ عز وجل؛ لِيُذَكِّرَهُ اللَّه تعالى، والتَّوْبَةَ من المَعاصِى، والخُرُوجَ من المَظالِم، والوَصِيَّةَ. وإذا رَآهُ مَنْزُولًا به تَعَهَّدَ بَلَّ حَلْقِهِ، بِتَقْطِيرِ ماءٍ أو شَرابٍ فيه، ويُنَدِّى شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ، ويَسْتَقْبِلُ به القِبْلَةَ؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" [خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ القِبْلَةُ"(52). ويُلَقِّنُه قَوْلَ "لا إله إلَّا اللَّه"؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (53). وقال الحسنُ: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] (54): أىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قال: "أنْ تَمُوتَ يَوْمَ تَمُوتُ ولِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ". رَوَاه سَعِيدٌ. ويكونُ ذلك في لُطْفٍ ومُدَارَاةٍ، ولا يُكَرِّرُ عليه، ولا يُضْجِرُه، إلَّا أن يَتَكَلَّمَ بِشَىءٍ، فيُعِيدُ تَلْقِينَه، لِتكونَ لا إله إلَّا اللهُ آخِرَ كَلَامِه. نَصَّ على هذا أحمدُ، ورُوِىَ عن عبدِ اللهِ بن المُباركِ، أنَّه لمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُه "لا إله إلَّا اللَّه" فأكْثَرَ عليه؛ فقال له عبدُ اللهِ: إذا قلتُ مَرَّةً فأنَا على ذلك ما لم أتَكَلَّمْ، قال التِّرْمِذِىُّ: إنَّما أرَادَ عبدُ اللهِ ما رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِه لَا إلهَ إلَّا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (55)، بإسْنَادِهِ. ورَوَى سَعِيدٌ، بإسْنَادِهِ، عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ، أنَّه لمَا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، قال: أَجْلِسُونِى. فلما أَجْلَسُوه قال: كَلِمَةٌ سَمِعْتُها مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُنْتُ أخْبَؤُها، ولَوْلَا ما حَضَرَنِى من المَوْتِ ما أخْبَرْتُكم بها، سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم
(52) أورده السيوطي في جمع الجوامع 1/ 517، وعزاه للطبراني وابن جرير، عن ابن عباس.
(53)
في: باب تلقين الموتى لا إله إلا اللَّه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 631. كما أخرجه أبو داود، في: باب في التلقين، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 169. والترمذي، في: باب ما جاء في تلقين المريض. . .، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 199. والنسائي، في: باب تلقين الميت، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 5. وابن ماجه، في: باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا اللَّه، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 464. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 3.
(54)
سقط من: أ.
(55)
في: باب في التلقين، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 169. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 5/ 233، 247.