الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَأْتِى قُبَاءَ رَاكِبًا ومَاشِيًا، وكان يَزُورُ القُبُورَ، وقال:"زُورُوها تُذَكِّرْكُم الآخِرَةَ"(17). وأمَّا قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: "لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَة مَسَاجِدَ" فَيُحْمَلُ على نَفْىِ الفضيلِة (18)، لا على التَّحْرِيمِ (19)، وليست الفَضِيلَة شَرْطًا في إباحَةِ القَصْرِ، فلا يَضُرُّ انْتِفَاؤُها.
فصل:
والمَلَّاحُ الذي يَسِيرُ في سفينتِه (20)، وليس له بَيْتٌ سِوَى سَفِينَتِه، فيها أهْلُه وَتَنُّورُهُ وحاجَتُه، لا يُباحُ له التَّرَخُّصُ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن المَلَّاحِ، أيَقْصُرُ، ويُفْطِرُ في السَّفِينَةِ؟ قال: أمَّا إذا كانت السَّفِينَةُ بَيْتَهُ فإنَّه يُتِمُّ ويَصُومُ. قِيلَ له: كيف تكونُ بَيْتَهُ؟ قال: لا يكونُ له بَيْتٌ غيرَها، معه فيها أهْلُهُ وهو فيها مُقِيمٌ. وهذا قولُ عَطاءٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يَقْصُرُ ويُفْطِرُ؛ لِعُمُومِ النُّصُوصِ، وقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ وَضَعَ عَن المُسَافِرِ الصَّوْمَ وشَطْرَ
= 1/ 452. والدارمى، في: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 330. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 108، 109. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 234، 238، 278، 501، 3/ 7، 34، 45، 51، 52، 53، 64، 71، 77، 78، 93، 6/ 7، 398.
(17)
أخرجه مسلم، في: باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 671. وأبو داود، في: باب في زيارة القبور، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 195. والترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 274. والنسائي، في: باب زيارة قبر المشرك، من كتاب الجنائز، وفى: باب الإِذن في ذلك، من كتاب الضحايا. المجتبى 4/ 74، 7/ 207. وابن ماجه، في: باب ما جاء في زيارة القبور، وباب ما جاء في زيارة قبور المشركين، من كتاب الجنائز، سنن ابن ماجه 1/ 500، 501. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 441، 5/ 355.
(18)
في أ، م:"التفضيل".
(19)
النفى يقتضى التحريم، لأنه نفى بمعنى النهى، وقد جاء النهى صريحا في رواية:"لا تشدوا" وهو يدل على التحريم صراحة، وهذا يرد ما ذكره المصنف من حمل النفى على نفى الفضيلة، أما زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لقباء، وزيارته للقبور، فهذا بدون سفر، على أن زيارة قباء زيارة مسجد، ومسجد قباء من المساجد التي تشرع زيارتها، وأما شد الرحال بقصد التقرب والعبادة، فلا تشرع إلا إلى المساجد الثلاثة، التي ورد النص فيها. واللَّه أعلم.
(20)
في أ، م:"سفينة".