الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُعْظَمَها، ولم يَفُتْه إلَّا القِيامُ، وقد حَصَلَ منه ما يُجْزِئُ في تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ. فأمَّا المَسْبُوقُ إذا أدْرَكَ الإِمَامَ بعد تَكْبِيرِه، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكَبِّرُ؛ لأنَّه أدْرَكَ مَحَلَّه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُكَبِّرَ؛ لأنه مَأْمُورٌ بالإِنْصَاتِ إلى قِراءةِ الإِمامِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنْ كان يَسْمَعُ قِرَاءةَ الإِمامِ أَنْصَتَ، وإن كان بَعِيدًا كَبَّرَ.
فصل:
وإذا شَكَّ في عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ بَنَى على اليَقِينِ، فإنْ كَبَّرَ ثم شَكَّ هل نَوَى الإِحْرامَ أوْ لا، ابْتَدَأَ الصلاةَ هو ومَن خَلْفَه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ، إلَّا أن يكونَ وَسْوَاسًا، فلا يلْتَفِتْ إليه. وسَائِرُ المَسْأَلَةِ قد سَبَقَ شَرْحُها.
308 - مسألة؛ قال: (فإذا سَلَّمَ خَطَبَ بهم خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، فَإنْ كَانَ فِطْرًا حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدقَةِ، وبَيَّنَ لَهُمْ ما يُخرِجُونَ، وإنْ كَانَ أَضْحَى يُرَغِّبُهُم في الْأُضْحِيَةِ، ويُبَيِّنُ لَهُمْ ما يُضَحَّى بِهِ)
وجُمْلَتُه أنَّ خُطْبَتَىِ العِيدَيْنِ بعد الصلاةِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا بين المُسْلِمِينَ، إلَّا عن بَنِى أُمَيَّةَ. وَرُوِىَ عن عثْمَانَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّهما فَعَلَاهُ، ولم يَصِحَّ ذلك عنهما، ولا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَنِى أُمَيَّةَ؛ لأنَّه مَسْبُوقٌ بالإِجْماعِ الذي كان قبلَهم، ومُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّحِيحَة، وقد أُنْكِرَ عليهم فِعْلُهمْ، وَعُدَّ بِدْعَةً ومُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، فإنَّ ابنَ عمرَ قال: إنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وأَبَا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، كانوا يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قبلَ الخُطْبَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وَرَوَى ابنُ عَبَّاسٍ مِثْلَه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2). ورَوَاهُ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةٌ، ورَوَى طَارقُ بن شِهَابٍ قال: قَدَّمَ
(1) أخرجه البخاري، في: باب الخطبة بعد العيد، من كتاب العيدين. صحيح البخاري 2/ 23. ومسلم، في: أول كتاب صلاة العيدين. صحيح مسلم 2/ 605. كما أخرجه النسائي، في: باب صلاة العيدين قبل الخطبة، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 149. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 407. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 12، 38، 71.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 253.
مَرْوَانُ الخُطْبَةَ قبلَ الصلاةِ فقَامَ رَجُلٌ، فقال: خَالَفْتَ السُّنَّةَ، كانت الخُطْبَةُ بعدَ الصَّلَاةِ. فقال: تُرِكَ ذَاكَ يا أبا فُلَانٍ. فقَامَ أبو سعيدٍ، فقال: أمَّا هذا المُتَكَلِّمُ فقد قَضَى ما عليه، قال لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"منْ رَأَى مِنْكُم مُنْكَرًا فلْيُنْكِرْه بِيَدِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ، فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بقَلْبِهِ، وذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمانِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ الطَّيَالِسِىُّ، عن شُعْبَةَ، عن قَيْسِ بن مُسْلِمٍ، عن طَارِقٍ. [ورَوَاهُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِه (3)، ولَفْظُه: "فلْيُغَيِّرْهُ"](4). فعلى هذا مَن خَطَبَ قبلَ الصلاةِ فهو كمن لم يَخْطُبْ؛ لأنَّه خَطَبَ في غيرِ مَحَلِّ الخُطْبَةِ، أشْبَهَ ما لو خَطَبَ في الجُمُعَةِ بعدَ الصلاةِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ صِفَةَ الخُطْتَيْنِ كَصِفَةِ خُطْبَتَىِ الجُمُعَةِ، إلَّا أنه يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْع تَكْبِيرَاتٍ مُتَوالِياتٍ، والثانيةَ بِسَبْعٍ مُتَوالِياتٍ. قال القاضي: وإن أدْخَلَ بينهما تَهْلِيلًا أو ذِكْرًا فَحَسَنٌ. وقال سَعِيدٌ: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بنُ عَبدِ الرحمنِ، عن أبِيهِ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بن عُتْبَةَ، قال: يُكَبِّرُ الإِمامُ على المِنْبَرِ يَوْمَ العِيدِ قبلَ أن يَخْطُبَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثم يَخْطُبُ، وفى الثانيةِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ويُسْتَحَبُّ أن يُكْثِرَ التَّكْبِيرَ في أضْعافِ خُطْبَتِه. ورَوَى سَعْدٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ بينَ أضْعافِ الخُطْبَةِ، يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ في خُطْبَتَىِ العِيدَيْنِ. رَوَاه ابنُ مَاجَه (5)، فإذا كَبَّرَ في أثْناءِ
(3) في: باب بيان كون النهى عن المنكر من الإِيمان. . . . إلخ، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 69. كما أخرجه أبو داود، في: باب الخطبة يوم العيد، من كتاب الصلاة، وفى: باب الأمر والنهى، من كتاب الملاحم. سنن أبي داود 1/ 360، 361، 2/ 437. والترمذي، في: باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى 9/ 18، 19. والنسائي، في: باب تفاضل أهل الإِيمان، من كتاب الإِيمان. المجتبى 8/ 98. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة العيدين، من كتاب إقامة الصلاة، وفى: باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 1/ 406، 2/ 1330. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 10، 20، 49، 52، 53، 92.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في: باب ما جاء في الخطبة في العيد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 409.
الخُطْبَةِ كَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِه. وقد رُوِىَ عن أبي موسى أنَّه كان يُكَبِّرُ يَوْمَ العِيدِ على المِنْبَرِ اثْنَتَيْنِ وأَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً، ويَجْلِسُ بين الخُطْبَتَيْنِ؛ لما رَوَى ابنُ مَاجَه (6)، بإسْنَادِهِ، عن جَابِرٍ، قال: خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ فِطْرٍ أو أضْحَى، فخَطَبَ قَائِمًا، ثم قَعَدَ قَعْدَةً، ثم قامَ. ويَجْلِسُ عَقِيبَ صُعُودِهِ المِنْبَرَ. وقيل: لا يَجْلِسُ عَقِيبَ صُعُودِهِ؛ لأنَّ الجُلُوسَ في الجُمُعَةِ لِلْأَذَانِ، ولا أذَانَ ها هُنا. فإن كان في (7) الفِطْرِ أمَرَهُم بِصَدَقَةِ الفِطْرِ، وبَيَّنَ لهم وُجُوبَها، وثَوابَها، وقَدْرَ المُخْرَجِ، وجِنْسَه، وعلى مَن تَجِبُ، والوَقْتَ الذي يُخْرَجُ فيه. وفى الأضْحَى يَذْكُرُ الأُضْحِيَةَ، وفَضْلَها، وأنَّها سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وما يُجْزِئُ فيها، وَوَقْتَ ذَبْحها، والعُيُوبَ التي تَمْنَعُ منها، وكَيْفِيَّةَ تَفْرِقَتِها، وما يَقُولُه عنذَ ذَبْحِها؛ لما رُوِىَ عن أبي سَعِيدٍ قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ والأَضْحَى إلى المُصَلَّى، فأوَّلُ ما يَبْدَأُ به الصلاةُ، ثم يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقابِلَ النَّاسِ، والنَّاسُ جُلُوسٌ على صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُم ويُوصِيهِم ويَأْمُرُهم، وإنْ كان يُرِيدُ أن يقْطَعَ بَعْثًا قَطَعه، أو يَأْمُرَ بشيءٍ أمَرَ به، ثم يَنْصَرِفُ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ، ورَوَى مُسْلِمٌ نَحْوَه (8). وعن جابِرٍ، قال: شَهِدْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ يومَ العِيدِ، فبَدَأ بالصلاةٍ قبلَ الخُطْبَةِ بلا أَذَانٍ ولا إقَامَةٍ، ثم قَامَ مُتَوَكِّئًا على بِلَالٍ، فأمَرَ بِتَقْوَى اللهِ، وحَثَّ على طَاعَتِه، ووَعَظَ النّاسَ فذَكَّرَهم، ثم مَضَى حتى أتَى النِّسَاء فوَعَظَهُنَّ وذَكَّرَهُنَّ. مُتَّفَقٌ عليه (9).
(6) في: باب ما جاء في الخطبة في العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 409.
(7)
سقط من: أ، م.
(8)
تقدم تخريجه في صفحة 261.
(9)
أخرجه البخاري، في: باب المشى والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة، من كتاب العيدين. صحيح البخاري 2/ 23. ومسلم، في: أول كتاب العيدين. صحيح مسلم 2/ 603. كما أخرجه النسائي، في: باب قيام الإِمام في الخطبة متوكئا على إنسان، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 152. والدارمى، في: باب الحث على الصدقة يوم العيد، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 377. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 296، 310، 314، 318.