الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-صلى الله عليه وسلم كانوا يَشْهَدُونها مع الحَجَّاج ونُظَرَائِه، ، ولم يُسْمَعْ عن (30) أحدٍ منهم التَّخَلُّفُ عنها. وقال عبدُ اللهِ بن أبي الهُذَيْلِ: تَذَاكَرْنا الجُمُعَةَ أيَّامَ المُخْتَارِ، فأجْمَعَ رَأْيُهُم على أن يَأْتُوه، فإنَّما عليه كَذِبُه. ولأنَّ الجُمُعَةَ مِن أعْلَامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ، ويَتَوَلَّاها الأئِمَّةُ أو من (31) وَلَّوْهُ، فترْكُها خَلْفَ مَنْ هذه صِفَتُه يُؤَدِّى إلى سُقُوطِها. وجاءَ رَجُلٌ إلى محمدِ بن النَّضْرِ الحَارِثِيِّ (32)، فقال: إنَّ لِى جِيرَانًا مِن أهْلِ الأهْوَاءِ، فَكُنْتُ أعِيبُهم وأتَنَقَّصُهُم، فَجاءُونى فقالُوا: ما تَخْرُجُ تُذكِّرُنا؟ قال: وأيَّ شَيءٍ يَقُولُونَ؟ قال: أَوَّلُ ما أقُولُ لك، أنَّهم لا يَرَوْنَ الجُمُعَةَ. قال: حَسْبُكَ، ما قَوْلُكَ في مَن رَدَّ على أبى بكرٍ وعمرَ، رَحِمَهما اللهُ؟ قال: قلتُ، رَجُلُ سَوْءٍ. قال: فما قَوْلُك في مَن رَدَّ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلتُ كافِرٌ. فمَكَثَ سَاعَةً، ثم قال: ما قَوْلُكَ في مَن رَدَّ على العَلِيِّ الأعْلَى؟ ثم غُشِىَ عليه، فمَكَثَ ساعة، ثم قال: رَدُّوا عليه واللهِ، قال اللهُ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قالَها واللهِ وهو يَعْلَمُ أنَّ بَنِى العَبَّاسِ سيَلُونها (33). إذا ثَبَتَ هذا فإنَّها (34) تُعَادُ خَلْفَ مَن يُعَادُ خَلْفَهُ بَقِيَّةُ الصَّلَوَاتِ. وحُكِىَ عن أبي عبدِ اللهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّها لا تُعَادُ. وقد ذَكَرْنا ذلك فيما مَضَى. والظَّاهِرُ مِن حالِ الصَّحَابَةِ، رَحْمَةُ اللهِ عليهم، أنَّهم لم يَكُونُوا يُعِيدُونَها، فإنَّه لم يُنْقَلْ عنهم ذلك.
282 - مسألة؛ قال: (فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الْأَذَانِ خَطَبَهُمْ قَائِمًا)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الخُطْبَةَ شَرْطٌ في الجُمُعَةِ، لا تَصِحُّ بِدُونِها. كذلك قال
(30) في أ، م:"من".
(31)
في أ، م:"ومن".
(32)
سقط من: أ.
(33)
في أ، م:"يسألونها".
(34)
في أ، م زيادة:"لا".
عَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، وقَتَادَةُ، والثَّوْرِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحَاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا، إلَّا الحسنَ، قال: تُجْزِئُهم جَمِيعَهُم، خَطَبَ الإِمامُ أو لم يَخْطُبْ؛ لأنَّها صَلَاةُ عِيدٍ، فلم تُشْتَرَطْ لها الخُطْبَةُ، كصلَاةِ الأضْحَى. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} . والذِّكْرُ هو الخُطْبَةُ، ولأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ما تَرَكَ الخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ في حالٍ؛ وقد قال:"صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِى أُصَلِّى"(1). وعن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ لأجْلِ الخُطْبَةِ (2). وقولُ عائشةَ نحوٌ من هذا. وقال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ: كانت الجُمُعَةُ أرْبَعًا فَجُعِلَت الخُطْبَةُ مَكانَ الرَّكْعَتَيْنِ. وقولُه: "خَطَبَهُم قَائِمًا". يَحْتَمِلُ أنه أرَادَ اشْتِراطَ القِيامِ في الخُطْبَةِ، وأنَّه متى خَطَبَ قَاعِدًا لغيرِ عُذْرٍ، لم تَصحَّ. ويَحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ، رحمه الله. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن الخُطْبَةِ قَاعِدًا، أو يَقْعدُ في إحْدَى الخُطْبَتَيْنِ؟ فلم يُعْجِبْهُ، وقال: قال اللهُ تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (3). وكان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قَائِمًا. فقال له الهَيْثَمُ بن خَارِجَةَ (4): كان عمرُ بن عبدِ العَزِيزِ يَجْلِسُ في خُطْبَتِه. فظَهَرَ منه إنْكَارٌ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وقال القاضي: يُجْزِئُه الخُطْبَةُ قَاعِدًا. وقد نَصَّ عليه أحمدُ. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه ذِكْرٌ ليس من شَرْطِه الاسْتِقْبَالُ، فلم يَجِبْ له القِيَامُ كالأذانِ. وَوَجْهُ الأوَّل ما رَوَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وهو قائِمٌ، يَفْصِلُ بينهما بِجُلُوسٍ. مُتَّفَقٌ عليه (5). وقال جَابِرُ بن سَمُرَةَ: إن
(1) سبق تخريجه، في 2/ 157.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل تفوته الخطبة، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 128.
(3)
سورة الجمعة 11.
(4)
أبو أحمد الهيثم بن خارجة الخراساني الأصل، روى عنه الإِمام أحمد، وسأل الهيثم الإِمام أحمد عن أشياء، توفى ببغداد سنة ثمان وعشرين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 394.
(5)
أخرجه البخاري، في: باب الخطبة قائما، وباب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري 2/ 12، 14. ومسلم، في: باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، من =