الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُفَّارٌ، ولا يُقْبَلُ فيهم شَفاعةٌ، ولا يُسْتَجابُ فيهم (30) دُعَاءٌ، وقد نُهِينَا عن الاسْتِغْفَارِ لهم، وقال اللهُ تعالى لِنَبِيِّهِ عليه السلام:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (31). وقال: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (32). وأمَّا تَرْكُ الصلاةِ علَى مَاعزٍ فيَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ من يُصَلِّى عليه لِعُذْرٍ، بِدَلِيلِ أنَّه رَجَمَ الغَامِدِيَّة، وصَلَّى عليها. فقال له عمرُ: تَرْجُمُها، وتُصَلِّى عليها؟ فقال:"لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ عَلَى أهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ". كذلك رَوَاهُ الأوْزَاعِىُّ (33). ورَوَى مَعْمَرٌ، وهِشَامٌ، عن أَبَانٍ (34) أنَّه أَمَرَهُمْ بالصَّلَاةِ عليها. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وهو الصَّحِيحُ.
391 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا حَضَرَتْ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وصَبِىٍّ، جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِى الإِمَامَ، والمَرْأَةُ خَلْفَه، والصَّبِىُّ خلْفَهُمَا)
لا خِلافَ في المذهبِ أنَّه إذا اجْتَمَعَ مع الرِّجَالِ غيرُهم، أنَّه يُجْعَلُ الرِّجَالُ ممَّا يَلِى الإِمامَ، وهو مذهبُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، فإنْ كان مَعهم نِسَاءٌ وصِبْيَانٌ، فنَقَلَ الْخِرَقِىُّ ها هُنا، أنَّ المَرْأَةَ تُقَدَّمُ ممَّا يَلِى الرَّجُلَ، ثم يُجْعَلُ الصَّبِىُّ خَلْفَهما ممَّا يَلِى القِبْلَة؛ لأنَّ المَرْأَةَ شَخْصٌ مُكَلَّفٌ، فهى أحْوَجُ إلى الشَّفَاعَةِ، ولأنَّه قد رُوِىَ
(30) في الأصل: "منهم".
(31)
سورة التوبة 84.
(32)
سورة التوبة 80.
(33)
وأخرجه مسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنا، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1323، 1324. وأبو داود، في: باب في المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 462، 463. والترمذي، في: باب تربص الرجم بالحبلى حتى تضع، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 211. والنسائي، في: باب الصلاة على المرجوم، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 51. والدارمى، في: باب الحامل إذا اعترفت بالزناء، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 180. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 430، 435، 437، 440.
(34)
في الأصل: "ابن أبان".
عن عَمَّارٍ مَوْلَى الحارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، أنَّه شَهِدَ جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُوم وابْنِها، فجُعِلَ الغُلَامُ ممَّا يَلِى القِبْلَةَ، فأنْكَرْتُ ذلك، وفى القَوْمِ ابنُ عَبَّاسٍ، وأبو سَعِيدٍ الخُدْرِىُّ، وأبو قَتَادَةَ، وأبُو هُرَيْرَةَ، فقالوا: هذه السُّنَّةُ (1). والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، في رِوَايَةِ جماعةٍ من أصحابِه، أنَّ الرِّجَالَ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والصِّبْيَانَ أمامَهُم، والنِّسَاءَ يَلِينَ القِبْلَةَ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهم يُقَدَّمُونَ عليهنَّ في الصَّفِّ في الصَّلَاةِ المكْتُوبَةِ، فكذلك يُقَدَّمُونَ عليهنَّ ممَّا يَلِى الإِمامَ عندَ اجْتِماعِ الجَنَائِز، كالرِّجالِ. وأمَّا حَدِيثُ عمَّار (2)، فالصَّحِيحُ فيه أنَّه جَعَلَها ممَّا يَلِى القِبْلَةَ، وجَعَلَ ابْنَها ممَّا يَلِيه. كذلك رَوَاهُ سَعِيدٌ، وعَمَّارٌ مَوْلَى بنى سَلَمةَ (3)، عن عَمَّارٍ مَوْلَى بنى هاشمٍ. وأخْرَجَهُ كذلك أبو دَاوُدَ، والنَّسَائِىُّ، وغيرُهما (4)، ولَفْظُه قال: شَهِدْتُ جِنَازَةَ صَبِىٍّ وامْرَأَةٍ، فقُدِّمَ الصَّبِىُّ ممَّا يَلِى القَوْمَ، ووُضِعَتِ المَرْأَةُ وَرَاءَه وفى القَوْمِ أبو سعيدٍ الخُدْرِىُّ، وابْنُ عَبَّاسٍ، وأبو قَتَادَةَ، وأبو هُرَيْرَةَ، فقُلْنَا لهم، فقالوا: السُّنَّةُ. وأمَّا الحديثُ الأوَّلُ فلا يَصِحُّ؛ فإنَّ زَيْدَ بن عمرَ هو ابنُ أُمِّ كُلْثُوم بنت عليٍّ، الذي صُلِّىَ عليه معها، وكان رَجُلًا له أوْلَادٌ. كذلك قال الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ. ولا خِلافَ في تَقْدِيمِ الرَّجُلِ على المَرْأةِ، ولأنَّ زَيْدًا ضُرِبَ في حَرْبٍ كانت بين بنى (5) عَدِىّ في خِلافَةِ (6) بنى أُمَيَّةَ فصُرِعَ وحُمِلَ، ومات، والْتَقَتْ صَارِخَتَانِ (7) عليه وعلى أُمِّهِ، فلا يكونُ إلَّا رَجُلًا.
(1) انظر ما يأتى في تخريج الحديث عند أبي داود والنسائي وغيرهما.
(2)
في أ، م:"عمارة". خطأ.
(3)
في م: "سليم".
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 186، والنسائي، في: باب اجتماع جنازة صبى وامرأة، من كتاب الجنائز، ونحوه عن نافع، في: باب اجتماع جنائز الرجال والنساء، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 57، 58.
(5)
سقط من: أ، م.
(6)
في أ، م زيادة:"بعض".
(7)
في م: "صارحتان"، وانظر خبر وفاته وأمه في يوم واحدٍ مفصلًا في: التبيين في أنساب القرشيين، للمؤلف 112، 371.