الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على دَفْعِه، فإن أبَى، ولَجَّ، فليُقَاتِلهُ، أي يعْنُفُ (7) في دَفْعِه عن (8) المُرُورِ، فإنَّما هو شَيْطَانٌ، أي فِعْلُه فِعْلُ الشَّيْطَانِ، أو الشَّيْطَانُ يَحْمِلُه على ذلك. وقِيلَ معناه: أنَّ معه شَيْطَانًا. وأكْثَرُ الرِّوَاياتِ عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّ المارَّ بينَ يَدَىِ المُصَلِّى إذا لَجَّ في المُرُورِ، وأَبَى الرُّجُوعَ، أنَّ المُصَلِّىَ يَشْتَدُّ عليه في الدَّفْعِ، ويَجْتَهِدُ في رَدِّهِ، ما لم يُخْرِجْهُ ذلك إلى إفسَادِ صَلَاتِه بِكَثْرَةِ العَمَلِ فيها. وَرُوِى عنه أنَّه قال: يَدْرَأُ ما استطَاعَ، وأكْرَهُ القِتَالَ فى الصلاةِ. وذلك لما يُفْضِى إليه من الفِتْنَةِ وفَسَادِ الصَّلَاةِ، والنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أمَرَ بِرَدِّه ودَفْعِه حِفظًا لِلصَّلَاةِ عمَّا يَنْقُصُها، فَيُعْلم أنَّه لم يُرِدْ ما يُفْسِدُها ويَقْطَعُها بالكُلِّيَّةِ، فيُحْمَلُ لَفْظُ المُقَاتَلَةِ على دَفْعٍ أَبْلَغَ من الدَّفْعِ الأوَّلِ. واللهُ أَعلمُ. وقد رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ؛ قالت: كان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى في حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمةَ، فمَرَّ بين يَدَيْهِ عبدُ اللهِ، أو عمرُ بن أبي سَلَمةَ، فقال بِيَدِه، فرَجَعَ، فمَرَّتْ زينبُ بنتُ أُمِّ سَلَمةَ، فقال بِيَدهِ هكذا، فمَضَتْ، فلما صلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"هُنَّ أغْلَبُ". رَوَاه ابنُ مَاجَه (9). وهذا يَدُلُّ على أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَجْتَهِدْ في الدَّفْعِ.
فصل:
يُسْتَحَبُّ أنْ يَرُدَّ ما مَرَّ بين يَدَيْه مِن كَبِيرٍ وصَغِيرٍ، وإنْسَانٍ وبَهِيمَةٍ؛ لما رَوَيْنَا من رَدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عمرَ وزينبَ وهما صَغِيرَانِ، وفي حَدِيثِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلى جَدْرٍ، فَاتَّخَذَه قِبْلَةً ونحنُ خَلْفَهُ، فجَاءَتْ بَهْمَةٌ تمُرُّ بين يَدَيْهِ، فما زَالَ يُدارِئُها حتَّى لَصِقَ بَطْنُه بالجَدْرِ، فمَرَّتْ من وَرَائه (10).
(7) في أ، م:"يعنفه".
(8)
في أ، م:"من".
(9)
في: باب ما يقطع الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 305. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 294.
(10)
تقدم في صفحة 82.