الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَخَطِّيهِم، جازَ؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ.
فصل:
إذا جَلَسَ في مَكانٍ، ثم بَدَتْ له حاجَةٌ، أو احْتاجَ إلى (29) الوُضُوءِ، فله الخُرُوجُ. قال عُقْبَةُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بالمَدِينَةِ العَصْرَ، فسَلَّمَ، ثم قامَ مُسْرِعًا، فتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ إلى حُجَرِ بعضِ نِسائِه. فقال:"ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنا، فكَرِهْتُ أن يَحْبِسَنِي، فأَمَرْتُ بِقِسْمَتِه". رَوَاهُ البُخَارِيُّ (30)، فإذا قامَ من مَجْلِسِه، ثم رَجَعَ إليه، فهو أحَقُّ به، لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَامَ من مَجْلِسِه، ثم رَجَعَ إلَيْهِ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ"(31). وحُكْمُه في التَّخَطِّي إلى مَوْضِعِه حُكْمُ من رَأى بين يَدَيْهِ فُرْجَةً.
فصل: وليس له أن يُقِيمَ إنْسَانًا ويَجْلِسَ في مَوْضِعِه، سَوَاءٌ كان المكانُ رَاتِبًا لِشَخْصٍ يَجْلِسُ فيه، أو مَوْضِعَ حَلْقَةٍ لمن يُحَدِّث فيها، أو حَلْقَةً للفُقَهَاءِ (32) يَتَذَاكَرُونَ فيها، أو لم يَكُنْ؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن
(29) سقط من: م.
(30)
في: باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم، من كتاب الأذان، وفى: باب يفكر الرجل في الشيء في الصلاة، من كتاب العمل في الصلاة، وفي: باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها، من كتاب الزكاة، وفي: باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد، من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري 1/ 215، 2/ 84، 145، 8/ 76. كما أخرجه النسائي، في: باب الرخصة للإمام في تخطي رقاب الناس، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 70. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 7، 8.
(31)
في ازيادة: "رواه مسلم". وأخرجه مسلم، في: باب إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به، من كتاب السلام. صحيح مسلم 4/ 1715. وأبو داود، في: باب إذا قام من مجلسه ثم رجع، من كتاب الأدب. سنن أبي داود 2/ 563. والترمذي، في: باب ما جاء إذا قام الرجل من مجلسه. . . . إلخ، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 210. وابن ماجه، في: باب من قام من مجلسه فرجع فهو أحق به، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1224. والدارمي، في: باب إذا قام من مجلسه ثم رجع إليه. . . إلخ، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمي 2/ 282. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 263، 283، 342، 389، 446، 447، 483، 527، 537، 3/ 32، 422.
(32)
في أ، م:"الفقهاء".
يُقِيمَ الرَّجُلُ - يعني أخاه - مِن مقْعَدِهِ، ويَجْلِسَ فيه. متَّفَقٌ عليه (33). ولأنَّ المَسْجِدَ بَيْتُ اللهِ، والنَّاسُ فيه سَوَاءٌ، قال اللهُ تعالى:{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (34). فمَن سَبَقَ إلى مكانٍ فهو أحَقُّ به؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (35)، وكمَقَاعِدِ الأسْواقِ، ومَشارِعِ المِيَاهِ والمَعَادِنِ، فإنْ قَدَّمَ صَاحِبًا له، فَجَلَسَ في موْضِعٍ، حتى إذا جَاءَ قَامَ النَّائِبُ وأجْلَسَه، جازَ؛ لأنَّ النَّائِبَ يَقُومُ بِاخْتِيَارِه، وقد رُوىَ أن محمدَ بن سِيرِينَ كان يُرْسِلُ غُلَامًا له يَوْمَ الجُمُعَةِ، فيَجْلِسُ فيه، فإذا جَاءَ محمدٌ قَامَ الغُلَامُ، وجَلَسَ محمدٌ فيه. وإنْ لم يَكُنْ نَائِبًا فقَامَ لِيَجْلِسَ آخَرُ في مَكَانِه، فله الجُلُوسُ فيه؛ لأنَّه قامَ بِاخْتِيَارِ نَفْسِه، فأشْبَهَ النَّائِبَ. وأمَّا القَائِمُ فإن انْتَقَلَ إلى مثلِ مَكَانِه الذي آثَرَ به في القُرْبِ، وسَمَاعِ الخُطْبَةِ، فلا بَأْسَ، وإن انْتَقَلَ إلى ما دُونَه، كُرِهَ له؛ لأنَّه يُؤْثِرُ على نَفْسِه في الدِّينِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُكْرَهَ؛ لأنَّ تَقْدِيمَ أهْلِ الفَضْلِ إلى ما يلي الإِمامَ مَشْرُوعٌ، ولذلك قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَيِلنِي مِنْكُم أُولُو الأَحْلَامِ والنُّهَى"(36). ولو آثَرَ شَخْصًا بمكانِه، لم يَجُزْ لِغَيْرِه أن يَسْبِقَه إليه؛ لأنَّ الحَقَّ لِلْجالِسِ آثَرَ به غيرَه فقامَ مَقامَه في اسْتِحْقَاقِه، كما لو تَحَجَّرَ مَوَاتًا، أو سَبَقَ إليه، ثم آثَرَ غيرَه به. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يجوزُ (37) ذلك؛ لأنَّ القَائِمَ أسْقَطَ حَقَّهُ بالقِيامِ،
(33) أخرجه البخاري، في: باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري 2/ 10. ومسلم، في: باب تحريم إقامة الإِنسان من موضعه. . . . إلخ، من كتاب السلام. صحيح مسلم 4/ 1714، 1715. كما أخرجه الترمذي، في: باب كراهية أن يقام الرجل من مجلسه. . . إلخ، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 208، 209. والدارمي، في: باب لا يقيمن أحدم أخاه من مجلسه، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمي 2/ 281، 282. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 17، 22، 45، 89، 102، 121، 124، 126، 149.
(34)
سورة الحج 25.
(35)
في: باب في إقطاع الأرضين، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود 2/ 158.
(36)
تقدم تخريجه في صفحة 58.
(37)
في م: "نحو" خطأ.