الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مالِكٌ: يَقِفُ من الرَّجُلِ عندَ وَسَطِهِ؛ لأنَّه يُرْوَى مِثْلُ (3) هذا عن ابنِ مسعودٍ، ويَقِفُ من المَرْأَةِ عند مَنْكِبَيْها (4)؛ لأنَّ الوُقُوفَ عندَ أعَالِيهَا أَمْثَلُ وأسْلَمُ. ولَنا، ما رَوَى سَمُرَةُ، قال: صَلَّيْتُ وراءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم على امْرَأَةٍ ماتَتْ في نِفَاسِها فقَامَ وَسَطَها. مُتَّفَقٌ عليه (5). وحديث أنَس الذي ذَكَرْنَاهُ (6)، والمَرْأَةُ تُخَالِفُ الرُّجُلَ في المَوْقِفِ، فجازَ أن تُخَالِفَه ها هُنا. ولأنَّ قِيَامَهُ عندَ وَسَطِ المَرْأَةِ أسْتَرُ (7) لها مِن الناسِ، فكان أوْلَى. فأمَّا قولُ مَن قال: يَقِفُ عند رَأْسِ الرَّجُلِ. فغيرُ مُخالِفٍ لِقَوْلِ مَن قال بالوُقُوفِ عند الصَّدْرِ؛ لأنَّهما مُتَقارِبَانِ، فالواقِفُ عندَ أحَدِهما وَاقِفٌ عندَ الآخَرِ، واللهُ أعلمُ.
فصل:
فإن اجْتَمَعَ جَنائِزُ رِجالٍ ونِساءٍ، فعن أحمدَ فيه (8) رِوَايتانِ: إحْدَاهما، يُسَوِّى بينَ رُءُوسِهم. وهذا اخْتِيارُ القاضي، وقولُ إبراهيمَ وأهْلِ مَكَّةَ، ومذهبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه يُرْوَى عن ابنِ عمرَ، أنَّه كان يُسَوِّى بين رَءُوسِهم (9). ورَوَى
(3) سقط من: أ، م.
(4)
في أ، م:"منكبها".
(5)
أخرجه البخاري، في: باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها، وباب أين يقوم من المرأة والرجل، من كتاب الجنائز. صحيح البخاري 2/ 111، 112. ومسلم، في: باب أين يقوم الإِمام من الميت للصلاة عليه، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم 2/ 664. كما أخرجه أبو داود، في: باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 187. والترمذي، في: باب ما جاء أين يقوم الإِمام من الرجل والمرأة، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى 4/ 252. والنسائي، في: باب الصلاة على النفساء، من كتاب الحيض، وفى: باب الصلاة على الجنازة قائما، وباب اجتماع جنائز الرجال والنساء، من كتاب الجنائز. المجتبى 1/ 160، 4/ 57، 58. وابن ماجه، في: باب ما جاء في أين يقوم الإِمام إذا صلى على الجنازة، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 479. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 14، 19.
(6)
منذ قليل.
(7)
في م: "ستر".
(8)
سقط من: م.
(9)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب أين توضع المرأة من الرجل، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 467.
سَعِيدٌ، بإسْنَادِهِ عن الشَّعْبِىِّ، أنَّ أُمَّ كُلْثُوم بنت عليٍّ، وابْنَهَا زيد بن عمرَ، تُوُفِّيَا جَمِيعًا، فأُخْرِجَتْ جِنازَتَاهُما، فَصَلَّى عليهما أمِيرُ المَدِينَةِ، فَسَوَّى بين رُءُوسِهما وأرْجُلِهما حين صَلَّى عليهما (10). وبإسْنَادِهِ عن حَبِيب بن أبي ثابتٍ (11)، قال: قَدِمَ سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ على أهْلِ مَكَّة، وهم يُسَوُّونَ بين الرَّجُلِ والمَرْأةِ إذا صُلِّىَ عليهما، فأرَادَهُم على أن يَجْعَلُوا رَأْسَ المَرْأةِ عندَ وَسَطِ (12) الرَّجُلِ، فأبَوْا عليه (13). والرِّوَايَةُ الثَّانِيةُ، أن يصُفَّ (14) الرِّجَالَ صَفًّا والنِّسَاءَ صَفًّا، ويَجْعَلَ وَسَطَ النِّسَاءِ عندَ صُدُورِ الرِّجَالِ. وهذا اخْتِيارُ أبي الخَطَّابِ؛ ليكونَ مَوْقِفُ الإِمامِ عندَ صَدْرِ الرَّجُلِ ووَسَطِ المَرْأةِ. وقال سَعِيدٌ: حَدَّثَنِى خالِدُ بن يَزِيدَ بن أبي مالِكٍ الدِّمَشْقِىُّ. قال: حَدَّثَنِى أبي، قال: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بن الأسْقَع يُصَلِّى على جَنَائِزِ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ إذا اجْتَمَعَتْ، فيَصُفُّ الرِّجَالَ صَفًّا، ثم يَصُفُّ النِّسَاءَ خَلْفَ الرِّجَالِ، رَأْسُ أوَّلِ امْرَأَةٍ يَضَعُهَا عندَ رُكْبَةِ آخِرِ الرِّجالِ، ثم يَصُفُّهُنَّ، ثم يَقُومُ وَسَطَ الرِّجالِ، وإذا كانوا رِجالًا كُلُّهم صَفَّهم، ثم قامَ وَسَطَهم (15). وهذا يُشْبِهُ مذهبَ مالِكٍ، وقَوْلَ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ. وما ذَكَرْنَاه أوْلَى؛ لأنَّه مَدْلُولٌ عليه بِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا حُجَّةَ في قَوْلِ أحَدٍ خَالَفَ فِعْلَهُ أو قَوْلَه، واللهُ أعلمُ.
(10) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في جنائز الرجال والنساء. . . إلخ، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 314، 315. بلفظ:"فجعل زيدا مما يليه وجعل أم كلثوم بين يدى زيد".
(11)
في م: "مالك". وهو حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدى مولاهم الكوفى، تابعى، من أَصحاب الفتيا، توفى سنة تسع عشرة ومائة. تهذيب التهذيب 2/ 178 - 180.
(12)
في الأصل: "صدر".
(13)
أخرجه ابن أبي شيبة بدون لفظ: "فأبوا عليه"، في: باب ما قالوا إذا اجتمع رجل وامرأة كيف يصنع في القيام عليهما، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 313.
(14)
في م: "يقف".
(15)
في الأصل: "أوسطهم".
أخرجه عبد الرزاق، في: باب أين توضع المرأة من الرجل، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 467.