الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُلَانُ؟ " قال: لا، قال: "قُمْ، فَارْكَعْ". وفي رِوَايةٍ: "
فَصَلِّ
رَكْعَتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عليه (3). ولِمُسْلِمٍ (4)، قال: ثم قال: "إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ولْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا". وهذا نَصٌّ. ولأنَّه دَخَلَ المَسْجِدَ في غيرِ وَقْتِ النَّهْىِ عن الصَّلَاةِ، فسُنَّ له الرُّكُوعُ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فلا يَجْلِسْ حتى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عليه (5). وحَدِيثُهُم قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المَوْضِعُ يَضِيقُ عن الصلاةِ، أو يكونَ في آخِر الخُطْبَةِ، بحيثُ لو تَشاغَلَ بالصلاةِ فاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الإِحْرامِ، والظَّاهِرُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أَمَرَهُ بالجُلُوسِ، ليَكُفَّ أذَاهُ عن النَّاسِ، لِتَخَطِّيه إيَّاهم. فإنْ كان دُخُولُه في آخِر الخُطْبَةِ، بحيثُ إذا تَشاغَلَ بالرُّكُوُعِ فاتَهُ أوَّلُ الصلاةِ، لم يُسْتَحَبَّ له التَّشَاغُلُ بالرُّكُوعِ.
فصل: ويَنْقَطِعُ التَّطَوُّعُ بِجُلُوسِ الإِمامِ على المِنْبَرِ، فلا يُصَلِّى أحَدٌ غيرَ الدَّاخِلِ يُصَلِّى تَحِيَّةَ المَسْجدِ، ويَتَجَوَّزُ فيها؛ لما رَوَى ثَعْلَبَةُ بنُ أبِى مالِكٍ، أنَّهم كانوا في زَمَنِ عمرَ بن الخَطَّابِ يومَ الجُمُعَةِ يُصَلُّونَ حتى يَخْرُجَ عمرُ، فإذا خَرَجَ عمرُ، وجَلَسَ على المِنْبَرِ، وأذَّنَ المُؤَذِّنُونَ، جَلَسُوا يَتَحَدَّثُون، حتى إذا سَكَتَ المُؤَذِّنُ وقَامَ عمرُ سَكَتُوا، فلم يَتَكَلَّمْ أحَدٌ (6). وهذا يَدُلُّ على شُهْرَةِ الأمْرِ بينهم.
فصل: ويَجِبُ الإِنْصَاتُ مِن حين يَأْخُذُ الإِمامُ في الخُطْبَةِ، فلا يجوزُ الكلامُ
(3) تقدم في 2/ 554.
(4)
انظر ما تقدم، وصحيح مسلم 2/ 597. كما أخرجه النسائي، في: باب الصلاة يوم الجمعة لمن جاء وقد خرج الإِمام، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 82. وابن ماجه، في: باب في من دخل المسجد والإِمام يخطب، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 353، 354. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 317، 369، 389.
(5)
تقدم تخريجه في 2/ 119.
(6)
أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإِمام يخطب من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 103. وعبد الرزاق، في: باب جلوس الناس حين يخرج الإِمام، من كتاب الجمعة. المصنف 3/ 208.
لأحَدٍ من الحاضِرِينَ، ونَهَى عن ذلك عثمانُ وابنُ عمرَ. وقال ابنُ مسعودٍ: إذا رَأيْتَه يَتَكَلَّمُ، والإِمامُ يَخْطُبُ، فَاقرَعْ رَأْسَهُ بالعَصَا. وكَرِهَ ذلك عَامَّةُ أهْلِ العِلْمِ، منهم: مالِكٌ، وأبو حنيفةَ، والأوْزَاعِىُّ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى؛ لَا يَحْرُمُ الكَلَامُ. وكان سَعِيدُ بن جُبَيرٍ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، وإبراهيمُ بن مُهَاجِرٍ، وأبو بُرْدَةَ يَتَكَلَّمُونَ والحَجَّاجُ يَخْطُبُ. وقال بعضُهم: إنَّا لم نُؤْمَرْ أنْ نُنْصِتَ لهذا. ولِلشَّافِعِىِّ قَوْلانِ، كالرِّوَايَتَيْنِ. واحْتَجَّ مَن أجازَ ذلك بما رَوَى أنَسٌ، قال: بينما النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إذْ قَامَ رَجُلٌ، فقال: يا رسولَ اللَّه، هَلَكَ الكُرَاعُ (7) وهَلَكَ الشَّاءُ (8)، فَادْعُ اللهَ أن يَسْقِيَنَا. وذَكَرَ الحَدِيثَ، إلى أن قال: ثم دَخَلَ رَجُلٌ مِن ذلك البابِ في الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائِمٌ يَخْطُبُ، فاسْتَقْبَلَهُ قائِمًا، فقال: يا رسولَ اللهِ، هَلَكَتِ الأمْوَالُ، [وانْقطَعتِ السُّبُلُ](9)، فَادْعُ اللهَ يَرْفَعُها عَنَّا. مُتَّفَقٌ عليه (10)، وَرُوِىَ أنَّ رَجُلًا قامَ، والنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فقال: يا رسولَ اللَّه، متى السَّاعَةُ؟ فأعْرَضَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، وأوْمَأَ النّاسُ إليه بالسُّكُوتِ، فلم يَقْبَلْ، وأعَادَ الكلامَ، فلمَّا كان في الثَّالِثَةِ، قال له النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"وَيْحَكَ، مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ". قال: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِه، قال:
(7) الكراع: جماعة الخيل.
(8)
الشاء: جمع شاة.
(9)
في أ، م:"وانقطع النسل". تحريف.
(10)
أخرجه البخاري، في: باب رفع اليدين في الخطبة، وباب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب الاستسقاء في المسجد الجامع، وباب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، وباب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح البخاري 2/ 15، 34، 35، 36. ومسلم، في: باب الدعاء في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح مسلم 2/ 612. كما أخرجه أبو داود، في: باب رفع اليدين في الاستسقاء، من كاب الاستسقاء. سنن أبي داود 2/ 267، 268. والنسائي، في: باب متى يستسقى الإِمام، وباب كيف يرفع، وباب ذكر الدعاء، من كتاب الاستسقاء. المجتبى 3/ 125، 129، 130، 131. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. الموطأ 1/ 191.
"إنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"(11). ولم يُنْكِرْ عليهم النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم كلامَهم، ولو حَرُمَ عليهم لأنْكَرَهُ عليهم. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ". مُتَّفَقٌ عليه (12)، وَرُوِىَ عن أُبَىِّ بن كَعْبٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ {تَبَارَكَ} فذكَّرنا بأيَّامِ اللهِ، وأبو الدَّرْدَاءِ أو أبو ذَرٍّ يَغْمِزُنِى. فقال (13): متي أُنْزِلَتْ هذه السُّورَةُ [، فإنِّى لم أسْمَعْها إلَّا الآنَ؟ فأشارَ إليه أن اسْكُتْ، فلما انْصَرَفُوا، قال: سَأَلْتُكَ متى أُنْزِلَتْ هذه](14) فلم تُخْبِرْنِى. قال أُبَىٌّ: ليس لك من صلاتِك اليومَ إلَّا ما لَغَوْتَ. فذهبَ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكرَ له وأَخْبَرَه بما قال أُبَىٌّ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ أُبَىٌّ". رَوَاهُ عبدُ اللهِ بن أحمدَ،
(11) أخرجه البخاري، في: باب مناقب عمر بن الخطاب، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب ما جاء في قول الرجل ويلك، وباب علامة حب اللَّه عز وجل، من كتاب الأدب، وفى: باب القضاء والفتيا في الطريق، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري 5/ 14، 8/ 48، 49، 9/ 81. ومسلم، في: باب المرء مع من أحب، من كتاب البر والصلة. صحيح مسلم 4/ 2032، 2033. والترمذي، في: باب ما جاء أن المرء مع من أحب، من أبواب الزهد. عارضة الأحوذى 9/ 232. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 104، 110، 165، 167، 168، 172، 173، 178، 192، 200، 202، 207، 208، 213، 226، 227، 228، 255، 276، 283، 288.
(12)
أخرجه البخاري، في: باب الإِنصات يوم الجمعة والإِمام يخطب، من كتاب الجمعة. صحيح البخارى 2/ 16. ومسلم، في: باب في الإِنصات يوم الجمعة في الخطبة، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 583. وأبو داود، في: باب الكلام والإِمام يخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 255. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الكلام والإِمام يخطب، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 300. والنسائي، في: باب الإِنصات للخطبة يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، وفى: باب الإنصات للخطبة، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 84، 85، 153. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإِنصات لها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 352. والدارمى، في: باب الاستماع يوم الجمعة عند الخطبة والإِنصات، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 364. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الإِنصات يوم الجمعة والإِمام يخطب، من كتاب الجمعة. الموطأ 1/ 103. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 244، 272، 280، 393، 396، 474، 485، 518، 532.
(13)
في م: "فقلت".
(14)
سقط من: أ.