الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
الفرق بين بنوك الحليب وغيرها
أنشئت مجموعة من البنوك إلى جانب بنك الحليب؛ مثل: بنوك الدم، وبنوك الجلد، وبنوك العيون، وبنوك القرنية، وبنوك المني، وبنوك الأجنة والبويضات الملقحة، وبنوك العظام، وبنوك الخلايا الجذعية، وبنوك الشعر، وبنوك الشحم، وبنوك زراعة سائر الأعضاء والمورثات.
ويمكن إجمال الفروق بين بنوك الحليب والبنوك الأخرى من خلال المعايير الآتية:
الأول: تاريخ الظهور.
تأخرت بنوك الحليب نسبيًّا في ظهورها عن البنوك الأخرى؛ غير أنها تزامنت نسبيًّا مع بنوك أخرى؛ كبنوك المني التي أنشئت وراجت في أوائل الثمانينات الميلادية
(1)
، وبنوك الأجنة التي كانت نشأتها في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات
(2)
.
الثاني: آلية العمل.
مدة الحفظ في بنوك الحليب أقل من البنوك الأخرى في الجملة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى سنوات طويلة؛ كبنوك المني التي تحتفظ بالمني لمدة تصل إلى عشرين سنة
(3)
، وبنوك الأجنة التي تصل في تجميد البويضات الملقحة لمدة خمس إلى عشر سنوات
(4)
، ويتصل بذلك تكاليف العمل، فعملية الحفظ في بنوك الحليب باهضة التكاليف، وطرق التعقيم فيها والمحافظة على الحليب معقدة.
الثالث: الوقوع العملي.
فشلت كثير من البنوك التي تستقطب الحليب بسبب ما يكتنف عملية التعقيم والحفظ من تكاليف وتعقيدات، مع صدور فتاوي إسلامية بتحريم إنشائه، ولذلك لا وجود له - يشكل ظاهرة - في العالم الإسلامي، وهذا على خلاف بنوك الأعضاء الأخرى التي تحتل أهمية كبرى وحاجة ماسة في العالم كله.
الرابع: الحكم الشرعي.
(1)
ينظر: عطا السنباطي: المصدر السابق، (ص 28 - 100). كارم غنيم: الاستنساخ والإنجاب (ص 254). د. محمد علي البار: التلقيح الصناعي (1/ 292). د. محمد عبد الجواد النتشة: المسائل الطبية المستجدة (1/ 199).
(2)
ينظر: عطا السنباطي: المصدر السابق، (ص 29 - 84). كارم غنيم: المصدر السابق، (ص 263). محمد زهرة: الإنجاب الصناعي (ص 108). سمير عباس: أعطني طفلاً بأي ثمن (ص 159). سعيد موفعة: المصدر السابق، (1/ 799).
(3)
د. محمد المدحجي: أحكام النوازل في الإنجاب (2/ 512).
(4)
ينظر: كارم غنيم: المصدر السابق، (ص 264). سعد الشويرخ: أحكام التلقيح غير الطبيعي (ص 588). سعيد موفعة: الموسوعة الفقهية للأجنة (1/ 805).
والفرق الرئيس بين بنوك الأجنة وبنوك المني؛ أن الأخيرة تحفظ النطفة الذكرية دون دمجها ببويضة المرأة، بخلاف الأولى. ينظر: حسين العبيدلي: الأحكام الفقهية لنوازل الإنجاب الطبية (ص 124)
أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي قراراً عام 1406 هـ برقم 6 (6/ 2)؛ منع فيه إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي، كما قرر فيه حرمة الرضاع منها
(1)
، في حين إن كثيراً من البنوك الأخرى لا تعاني من إشكالات ومحاذير شرعية؛ كبنوك الدم؛ التي لا يعرف من أهل العلم المعاصرين من قال بمنع نقل الدم منها
(2)
.
الخامس: التواجد القطري.
لما كان المسلمون يتحرزون من تلكم البنوك؛ سداً لذريعة اختلاط الأنساب، وذريعة تقاعس الأمهات القادرات على الرضاعة، وغيرها من المحاذير المذكورة في مبحث الحكم الشرعي، إلى جانب قوة الروابط الاجتماعية التي لا يحتاجون معها إلى بنوك للحليب؛ فقد تركّزت تلك البنوك لدى الأمم الغربية؛ كأوربا، والولايات المتحدة، والأمم الشرقية؛ كالصين.
ولا يمكن إهمال جانب كون كثير من الدولة الإسلامية نامية، مع استحضار ما تحتاجه تلك البنوك من عناية فائقة، وتكاليف باهضة.
(3)
السادس: وسيلة الحفظ.
يحفظ الحليب في بنك الحليب بطرق تختلف عن غيره من البنوك، ويتبين ذلك من خلال بيان الطرق الآتية لحفظ الحليب في بنوك الحليب:
(4)
1 -
تجفيف الحليب عن طريق تبخير الماء وغيره، أو بقائه على هيئته سائلًا درءًا لفقد مضادات الأجسام؛ حتى يصبح الحليب مسحوقًا، ويعود هذا المسحوق سائلًا بإضافة الماء إليه.
2 -
معالجة الحليب بالتبريد بعد وضعه في أوانٍ معقمة؛ تحت درجة حرارة 4 مئوية، ولمدة أقصاها 48 ساعة، وهي المدة المناسبة لحفظ مكونات اللبن الحيوية.
3 -
تجميد الحليب لمدة أطول 48 ساعة، وهذا الحليب من الناحية العلمية يحتوي على أغلب العناصر المهمة والواقية للمولود؛ إلا أنه عند تذويبه لا يصح تجميده مرة ثانية.
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي (ع 2، 1/ 383).
(2)
عصمت الله عناية الله: الانتفاع بأجزاء الآدمي في الفقه الإسلامي (ص 159). د. يوسف الأحمد: أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي (1/ 385). قال د. محمد بن عبد الجواد النتشة: نقل الدم جائز بدون خلاف بين المعاصرين، ومن نقل القول بالمنع فقد وهم، ثم قال في الحاشية:"نقل الدكتور عقيل العقيلي في كتابه (حكم نقل الأعضاء، ص 34) القول بالمنع عن محمد برهان السنبلي، وأشار إلى كتابه (قضايا فقهية معاصرة، ص 53). وبالتحقيق تبين وهم د. العقيلي، ووقوعه في التباس. والصحيح أنه مرخِّص به متبع للشيخ محمد شفيع ". (المسائل الطبية المستجدة 2/ 312).
(3)
الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة (4/ 18).
(4)
ينظر: د. محمد عبد الجواد النتشة: المصدر السابق، (2/ 407). أ. د. محمد البار: بنوك الحليب؛ ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي (ص 391). ملحق ثبت ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام (ص 459). د. إسماعيل مرحبا: المصدر السابق، (ص 325 - 326).