الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقبل الانتقال إلى الأدلة أشير إلى أن المقصود في هذه المسألة حكم الرضاع التكليفي على الأم فحسب، وليس ما يترتب عليه؛ كحكم إجبارها، وما يجب لها إزاء الرضاع، ونحو ذلك، أو ما يقع من العوارض؛ كخشية تلف المولود أو عدم قبوله للمراضع غيره؛ غير أن من تأول ظاهر الكتاب اضطر إلى الخوض في تفاصيل لزم الإشارة إليها وبسط ما ارتأوه فيها وقول من يقابلهم - عند الاقتضاء - من أصحاب الأقوال الأخرى إزاء تلك القضايا، وبيان أدلتهم فيها، حتى صار بين الأقوال عموم وخصوص مطلق أورثها تشابهًا.
- الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
أولًا: الاستدلال على وجوب الإرضاع على كل من أنجب الله لها ولدًا ودرَّ في ضرعها لبنًا:
1 -
قول الحق جل ذكره: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة: 233]
(1)
، وهو خبر يراد به الأمر المؤكد، والأصل في الأوامر الوجوب، وهو عام في كل والدة
(2)
، ولو مطلقة؛ لأن الرضاع لو كان على أبي الرضيع المطلقة أمه لذكر الله تعالى هذا الواجب عليه مع ما ذكره من رزقهن وكسوتهن في قوله:{وَعَلَى المَوْلُوْدِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [سورة البقرة: 233]
(3)
، وهذا العموم لا يحل لأحد أن يخص منه شيئًا إلا ما خصه نص ثابت، وإلا فهو كذبٌ على الله تعالى
(4)
، نظيره قول الله تبارك وتعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة: 228]
(5)
؛ إذ كان عامًّا في كل مطلقة تحيض، فوجب على الوالدة إرضاع مولودها بنص كتاب الله حولين بتمامهما متى استطاعت إلى ذلك
(1)
ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 430).
(2)
ينظر: الزمخشري: المصدر السابق، (ص 135). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 161، 172). القرافي: المصدر السابق، (4/ 270 - 271). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 429). الحمد: المصدر السابق، (25/ 67). ابن منظور: لسان العرب (5/ 223).
(3)
ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 172).
(4)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 129 - 130، 432).
(5)
ينظر: الزمخشري: المصدر السابق، (ص 135). السمين الحلبي: المصدر السابق (2/ 462).