الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح أنه يلزمهم ما غرمه الزوج، إلى جانب استحقاقهم التعزيز إن علم كذبهم أو تآمرهم؛ إزاء الآثار النفسية والاجتماعية والأضرار الأخرى على الزوج والزوجة.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:
1 -
نكح العبد صغيرة، فأرضعتها أمه، وانفسخ النكاح؛ فللصغيرة نصف المسمى في كسبه، ولسيده الرجوع على أم العبد بالغرم؛ لأنه بدل البضع، فكان للسيد كعوض الخلع.
(1)
2 -
حلب أجنبي لبن أم الزوج، أو كان محلوبًا، فأخذه، وأوجره الصغيرة؛ فالغرم على الأجنبي، وفي قدره الأقوال الأربعة.
(2)
ج ــ ثيوبة اللبن.
صورة المسألة: لو أن امرأة أرضعت، ولا يعرف لها زوج، ثم جاء رجل فادعى أنه كان نكحها نكاحًا؛ فهل يقبل منه؟ وماذا يترتب على ذلك؟
أثار الشافعي هذه المسألة، وقرر أنه إذا ادعى أنه نكحها نكاحًا صحيحًا، وأقر بولدها وأقرت له بالنكاح؛ فهو ابنها كما يكون الولد.
(3)
المطلب الخامس
توثيق حالات الرضاع في السجلات الرسمية لدى المحاكم
أشار إلى تدوين الرضاع وكتابته ابن عابدين إذ يقول فيما نقله
(4)
: والواجب على النساء أن لا يرضعن كل صبي من غير ضرورة، وإذا أرضعن؛ فليحفظن ذلك، وليشهرنه، ويكتبنه احتياطًا.
ويشهد لهذا المعنى ويندب إليه ما يأتي:
(1)
النووي: المصدر السابق، (9/ 21).
(2)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 21).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 85).
(4)
ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 402).
1 -
عموم قول الله جل شأنه وتبارك اسمه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [سورة الطلاق: 2].
2 -
عناية الشريعة ببيان المحرمات في النكاح في مثل آية النساء، وتوثيق الرضاع رسميًّا مما يعين على الاحتياط في هذا الباب وتحقيق مقصود الشارع في حفظ الأعراض وصيانتها؛ لأن للوسائل أحكامَ المقاصد.
وإذا كان الفقهاء يقررون أن الفرقة بين الزوجين المتراضعين لا تقع إلا بتفريق القاضي؛ لأنها تتضمن إبطال حق العبد، وهو: حل التمتع؛ فلا بد من القضاء
(1)
؛ فيحسن بولي أمر المسلمين أن يفتح في البلد الذي تولاه باب توثيق حالات التراضع في السجلات المعتمدة رسميًّا، كما هو الحال في تسجيل حالات الولادة وتوثيق عقود النكاح وصكوك الطلاق، وخصوصًا أنه قد تمخّض عن فساد الأزمنة المتأخرة كثرة دعاوي الرضاع والإدلاء بالشهادة في ذلك زورًا وبهتانًا لأدنى غرض يرغِّب المقر أو الشاهد في تخريب البيوت وتفكيك الأسرة
(2)
، وعناية الشريعة في حفظ الرابطة الأسرية معلومة إلى جانب تضييقها مواطن الفراق ودواعيه بين الزوجين.
(1)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 420 - 421). الميداني: المصدر السابق، (4/ 89).
(2)
ينظر: ابن القيم: الطرق الحكمية (1/ 379). فتاوى نور على الدرب لابن باز (23/ 203، وما بعدها)، ومن بين ما ورد من الأسئلة التي تبرز هذه المشكلة المعاصرة سؤالان:
السؤال الأول: تقول السائلة؛ أجبرني والدي على الزواج من ابن عمي وكنت مشمئزة ونافرة من ابن عمي، ولا أدري ماهو السبب، وتم الزواج وأنا قلبي نافر وأحس بضيق شديد وهموم وغموم ولم يكن لي أي نية موجهة إلى رجل آخر، ولم أجد مخرجًا من هذا الأمر، وقد أنجبت ثلاثة أولاد وكلهم بكم الألسنة صم الآذان، وقد قيل لي: إن السبب هو قد حصلت رضاعة بيني وبين ابن عمي المذكور، وقد سألت أمي وأفادت أنه قد حصل بيني وبينه عدة رضعات، وأفادت أنها أخبرت والدي أثناء زفافي على هذا الرجل، بل أثناء خطبتي عليه؛ فلم يصدقها، بل ظن أنها تريدني لرجل آخر، وأنا في حيرة؛ كيف أعمل الآن؟ ا. هـ
السؤال الثاني: الأخ إ. ع. ك. سوري الجنسية؛ يسأل، ويقول: تزوجت ابنة عمي وأنجبت لي ولدين ولله الحمد، ومن فترة سافرت إلى سوريا، واجتمعت العائلة عندي في البيت، وقالت لي عمتي والدةُ زوجتي: إن زوجتي رضعت من خالتي زوجةِ أبي أكثرَ من خمس رضعات، ومنذ ذلك اليوم ابتعدت عن فراش الزوجية، ولم أخبر زوجتي بذلك، وأنا في حيرة من أمري؛ ما هو المطلوب مني وفقكم الله؟ ا. هـ
ويمكن في ختام هذا الفصل أن أنتهي إلى النتائج الآتية:
أولًا: للمرضع أن تشهد على فعل نفسها فيمن أرضعته، ولا تجزئ شهادة المرأة الواحدة لإثبات الرضاع ولو كانت هي المرضع، ولا يعني عدم تأثير شهادتها على غيرها في إثبات الرضاع أنه لا يلزمها أثر إقرارها على نفسها، والأفضل أن لا يُبَادر بالشهادة على الرضاع عند عدم اكتمال النصاب أو وضوح الواقعة.
ثانيًا: يشترط لقبول الشهادة على الرضاع: التفصيل بذكر الوقت والعدد، والعدالة، والبلوغ، والإمكان عادة، وانتفاء العداوة، ومظان حكم الرضاع من العلامات تكفي للشهادة عليه؛ كالتقام الثدي، والامتصاص، والتجرع، فإذا ثبتت الحرمة الرضاعية بين زوجين؛ وجبت الفرقة ديانةً، ولا تقع في الحكم إلا بتفريق القاضي؛ فإن أصابها؛ فلها مهر مثلها، وإن لم يصبها؛ فلا نصف مهرٍ لها، ولا متعة.
ثالثًا: لا تقبل شهادة أبوي أحد الزوجين على الرضاع بعد النكاح مطلقًا؛ إذا كان يترتب على الشهادة الفرقة.
وأما قبل النكاح أو بعيده؛ فالأصل في شهادة الوالدين على الرضاع القبول ما لم تتطرق إليها التهمة، وكذلك الشأن في قبول شهادة الحواشي، وشهادة البنت على إقرار أمها.
رابعًا: الإقرار من وسائل الإثبات إذا كان صادرًا من رجلين، أو من واحد؛ إذا كان هو المقر على نفسه، ولا يقبل إلا مفسرًا مع الإمكان عادة والعدالة والبلوغ والعدد وانتفاء العداوة، ولا بد في التفسير من التعرض للوقت والعدد؛ بأن يقر أنها أرضعته أو ارتضع منها في الحولين خمس رضعات متفرقات، وتكون أكبر منه سنًّا في حال ثاب لها لبن فيه، ومظان حكم الرضاع من العلامات تكفي للإقرار بواقعة الرضاع من الثدي؛ كالالتقام، والامتصاص، والتجرع؛ من غير تعرض لوصول اللبن إلى الجوف، كما لا يشترط تصديق الطرف الرَّضاعيِّ الآخر لثبوت الإقرار بالرضاع، أو تسمية المرضع.
خامسًا: إذا وقع الإقرار بالرضاع مع الفروع أو الحواشي؛ ترتب على ذلك أحكام الرضاع بينهما؛ إن اتفقا على ذلك، ووجد الإمكان، وإن صدر من رجل إزاء مخطوبته قبل العقد؛ لم يحل له تزوجها؛ صدقته المرأة أو كذبته، ولو وقع العقد؛ اندفع النكاح ولو أنكرت المرأة. وإن صدر من المرأة؛ لم يجز لها نكاحه، وإن كذبها وخطبها. وإن صدر إقرار أحد أبوي الزوجين بذلك؛ لم يقبل بعد النكاح.
سادسًا: إذا صدر الإقرار من الزوج بالقرابة الرضاعية مع زوجته قبل الدخول أو بعده؛ فقد اتفق الفقهاء على حكم المفارقة، واختلفوا في توصيفه وما يتفرع عليه.
أما إن صدر من المرأة؛ فقد اتفق الفقهاء على عدم اعتبار إقرارها إذا أنكر الزوج، وكان النكاح قد جرى برضاها حين التعاقد.
فإن اتفق الزوجان على ثبوت الرضاع بينهما؛ فقد اجتمعت كلمة الفقهاء على اندفاع النكاح، ويستوي في ذلك كون الإقرار صدر منهما قبل الدخول أوبعده، واختلفوا في وجوب المهر، وما هو القدر الواجب فيه، كما اختلفوا في حكم قبول الرجوع عن الإقرار بكل ما تقدم.
سابعًا: من الوسائل التقليدية المستعملة في باب إثبات الرضاع إلى جانب الشهادة والإقرار: القرائن؛ كتردد المرأة ذات اللبن على المحل الذي فيه الصبية، أو سكنى المرأة ذات اللبن في المحل الذي فيه الصبية، واليمين، والنكول؛ كما لو أنكر الرضاع ونكل عن اليمين، أو وجدت قرينة تدل على صلة رضاع واقعة بين زوجين، ولم تنهض كبينة تثبت حكم التفرقة بينهما؛ فللزوجة أن تحلف الزوج.
ثامنًا: لا وسيلةَ حديثةٌ حتى تاريخ هذا البحث تثبت ارتضاع الطفل من مرضعته إذا كبر.
تاسعًا: لا تشترك القرابة الرضاعية مع القرابة النسبية في حكم رد الشهادة، وتنحية الحاكم؛ فللقاضي في النظام السعودي أن يحكم في قضيةٍ أحدُ أطراف النزاع فيها قريبه الرضاعيّ.
عاشرًا: لا يعتبر التقادم في الشريعة الإسلامية مؤثرًا في قبول الوسائل المثبتة لوقائع الرضاع.