الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس
أثر بنوك الحليب في انتشار المحرمية
دل كتاب الله تعالى على تحريم نكاح المرضعة بإطلاق؛ أيًّا كان طريق الإرضاع، وذلك في قول الحق جلَّ ذكره:{حُرِّمَّتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُّكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: 23]، وإلى جانب أدلة الكتاب العزيز، فقد كان هذا المبدأَ ظاهرًا في أقوال النبيِّ صلى الله عليه وسلم، واضحًا في أفعاله، فحين استأذن عمٌّ لحفصة من الرضاعة ليدخل في بيتها؛ استنكرت عائشة رضي الله عنهم، فقال:"الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة" متفق عليه
(1)
، وقال في بنت أبي سلمة رضي الله عنهم:"إنها لابنة - ولفظ مسلم: ابنة - أخي من الرضاعة؛ أرضعتني وأبا سلمة ثويبةُ، فلا تعرِضْنَ علي بناتِكن ولا أخواتِكن" متفق عليه
(2)
، ولما عرضت عليه
ابنة حمزة رضي الله عنه للزواج منها؛ قال: "إنها ابنة أخي من الرضاعة" متفق عليه
(3)
، ولما جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن على عائشة - وهو عمها من الرضاعة - بعد أن نزل الحجاب؛ أبت عائشة أن تأذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت، فأمرها أن تأذن له. متفق عليه
(4)
وفي رواية لمسلم في المتابعات: أن عائشة قالت بعد ذلك: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل؟ ! فقال رسول الله:"إنه عمك؛ فليلج عليك"
(5)
، وجاء في ذلك من الأخبار ما يبلغ مبلغ التواتر، حتى انعقد إجماع الأمة على أن الرضاع يثبِت من الحرمة ما يثبته النسب.
(6)
وتقريرات فقهاء المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في هذا متوافرة ومتكاثرة.
(7)
ولبيان أثر بنوك الحليب في انتشار المحرمية، أنتقل إلى دراسة المسائل الآتية:
المسألة الأولى: اختلاط الحليب بالدواء
.
اختلف الفقهاء في تعلق التحريم بحليب الأم المخلوط بدواءٍ على أقوال، هي:
القول الأول: إذا كان الحليب هو الغالب؛ تعلق به التحريم، وكذا إذا استويا.
وبه قال الحنفية
(8)
.
(1)
تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.
(2)
تقدم تخريجه في المطلب الرابع من المبحث الأول في الفصل الأول.
(3)
تقدم تخريجه في المطلب الرابع من المبحث الأول في الفصل الأول.
(4)
تقدم تخريجه في المطلب الرابع من المبحث الأول في الفصل الأول.
(5)
تقدم تخريجه في المطلب الرابع من المبحث الأول في الفصل الأول.
(6)
ينظر: محمد بن الحسن: المصدر السابق، (4/ 359). الترمذي:(المصدر السابق، 2/ 446). ابن المنذر: الإجماع (ص 41)، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف (8/ 548). ابن حزم: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات (ص 120). ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 35). ابن القطان الفاسي: الإقناع في مسائل الإجماع (3/ 1184، 1186). القرافي: الذخيرة (4/ 270). الشافعي: الأم (6/ 65). ابن حجر: فتح الباري (11/ 374). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 309). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 77). ابن قاسم: المصدر السابق، (34/ 31).
(7)
ينظر: الترمذي: المصدر السابق، (2/ 441 - 442). الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255). القدوري: المصدر السابق، (ص 230). القرافي: المصدر السابق، (4/ 280). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 575 - 577). الشافعي: المصدر السابق، (6/ 65). النووي: روضة الطالبين (9/ 16). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 309، 317). ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 3، 30).
(8)
ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 411 - 412). الميداني: اللباب في شرح الكتاب (4/ 83).
القول الثاني: إذا كان الحليب هو الغالب تعلق به التحريم، فإن صار مغلوبًا لم يحرم، ولم ينص أصحاب هذ القول - فيما اطلعت عليه - على حالة الاستواء.
وبه قال المالكية
(1)
، والشافعية في قول عندهم، ولو كان الدواء المخلوط نجسًا
(2)
، وابن حامد من الحنابلة
(3)
، وأبو الخطاب
(4)
، وأبو ثور، والمزني
(5)
.
القول الثالث: يحرم مطلقًا، ولو كان مغلوبًا.
وبه قال بعض المالكية؛ كمطرف
(6)
، وهو وجه عند الشافعية، ولو شرب بعض المخلوط فيما كان الحليب فيه مغلوبًا
(7)
؛ اختاره الصميري
(8)
، والقاضي أبي الطيب
(9)
، وبه قال النووي؛ إذا تحقق انتشاره في الخليط، وحصول بعضه في المشروب
(10)
، وعزاه للشافعي
(11)
، وهو الأصح من مذهب الحنابلة؛ إذا كانت صفات اللبن باقية
(12)
- وهي: اللون، والطعم، والريح -
(13)
، فأما إن صب في ماء كثير لم يتغير به؛ لم يثبت به التحريم عندهم
(14)
.
(1)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 575).
(2)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
(3)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 241).
(4)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 241).
(5)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241).
(6)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(7)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(8)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(9)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(10)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(11)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(12)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241 - 242). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 241). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 88).
(13)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 88).
(14)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242).
القول الرابع: يحرِّم ولو كان الدواء المخلوط نجسًا؛ إلا إذا كان الحليب مغلوبًا، فلا يقع التحريم؛ إلا أن يشرب جميع المخلوط.
وهو وجه للشافعية
(1)
؛ اختاره ابن سريج
(2)
، وأبو إسحاق
(3)
، والماوردي
(4)
.
القول الخامس: يثبت به التحريم، ولو كان من القلة بحيث لا تكون صفات اللبن باقية؛ بشرط شربه كله ولو في دفعات، وتكون رضعة واحدة.
وهو محكي عن الشافعي
(5)
، والقاضي من الحنابلة
(6)
.
القول السادس: لا يحرم شيئًا.
وهو رواية للحنابلة
(7)
، ووجه مخرج عندهم على منصوص أحمد
(8)
؛ قال بها من الأصحاب أبو بكر عبد العزيز غلام الخلال
(9)
، ومذهب داود وأصحابه
(10)
؛ كابن حزم
(11)
.
- الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
أولًا: الاستدلال على تعلق التحريم بالحليب المخلوط بالدواء إذا غلب الحليب:
1 -
إن الحليب يبقى مقصوداً فيه؛ إذ الدواء لتقويته على الوصول إلى ما لا يصل بانفراده.
(12)
(1)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 4، 5).
(2)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(3)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(4)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5).
(5)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242).
(6)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 242).
(7)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 241).
(8)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241).
(9)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 242).
(10)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
(11)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(12)
ينظر: الميداني: المصدر السابق، (4/ 83).
2 -
إن الحَكَم في الحكم للغالب.
(1)
ثانيًا: الاستدلال على تعلق التحريم بالحليب المخلوط بالدواء عند استوائهما كثرةً:
1 -
لأن لبنها غير مغلوب فلم يكن مستهلكاً.
(2)
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
أولًا: الاستدلال على وقوع التحريم بالحليب المخلوط بالدواء إذا كان الأخير مغلوبًا:
1 -
شرع الرضاع سببًا للتحريم؛ حكمةَ كونه يغذي حتى يصير جزءُ المرأة الذي هو لبنها جزءَ المرضع؛ كما صار منيُّها وطمثها جزءًا من الولد في النسب، فإذا حصلت المشاركة حصلت البنوة.
(3)
2 -
إن الحكم للأغلب.
(4)
ثانيًا: الاستدلال على عدم تعلق التحريم بالحليب المخلوط بالدواء إذا كان الحليب مغلوبًا:
1 -
إن اللبن المستهلك لا يغذي.
(5)
ونوقش بما يأتي: أ- عدم التسليم؛ لأن اللبن يحصُل به الغذاء مع ما خالطه في جوفه، وإن قلَّ، وكثر المخالط؛ كما قد كان قبُلًا في ثدي المرأة حين خرج من بين فرث ودم.
(6)
وأجيب عنه: بأن الحرمة لا تقع بدمها، ولا لحمها، وإن أغذيا الولد؛ إجماعًا، وأن الكبير يغذى باللبن، ولا يحرمه.
(7)
2 -
إن النقطة من الخمر لا يحد عليها إذا استهلكت مطلقًا، فكذا كل ما يستهلك في غيره.
(8)
(1)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(2)
ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 412).
(3)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(4)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241).
(5)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(6)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276 - 277).
(7)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 277).
(8)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276). النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
ونوقش بما يأتي: أ- إن النقطة من الخمر إذا اختلطت لا تسكر، ولا تصلح للإسكار مع أمثالها؛ فظهر الفرق
(1)
في أن عدم الإسكار لا يمنع حصول الاغتذاء.
ب - إن الحد منوط بالشدة المزيلة للعقل.
(2)
ويمكن أن يناقش بما يأتي: ج- إن البحث هنا في الخلط الذي يبقى معه عين المخلوط معه، فأما أن يستهلك المخلوط معه، فتلك صورة أخرى.
3 -
كالنجاسة المستهلكة في الماء الكثير؛ لا أثر لها.
(3)
ونوقش بما يأتي: أ- إن النجاسة تجنيب للاستقذار، وهو مندفع بالكثرة.
(4)
4 -
كالمحرم يأكل طعامًا استهلك فيه طيب؛ لا فدية عليه.
(5)
ونوقش بما يأتي: أ- إن المحرم ممنوع من التطيب، وليس هذا بتطيب؛ فعلى هذا إن شرب جميع المخلوط تعلق به التحريم.
(6)
كما يمكن أن يناقش بما يأتي: ب- إن هذا الطيب ذهب أثره بدليل أنه سمي طعامًا، كما لو استهلكت نقطة حليب في ماء كثير
(7)
، والبحث هنا فيما لا يزال مسمى الحليب باقيًا إطلاقه عليه.
5 -
إنه يزول بذلك الاسم والمعنى المراد به.
(8)
أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1 -
حصول الاغتذاء بتلك الأجزاء من الحليب، وإن اختلطت بغيرها.
(9)
2 -
وصول عين اللبن في الجوف، وذلك هو المعتبر، ولهذا يؤثر كثير اللبن وقليله.
(10)
(1)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(2)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
(3)
النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
(4)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
(5)
النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
(6)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 4 - 5).
(7)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 88).
(8)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241).
(9)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(10)
النووي: المصدر السابق، (9/ 4).
3 -
إن اللبن متى كان ظاهرًا فقد حصل شربه، ويحصل به إنبات اللحم وإنشاز العظم؛ فحرّم، كما لو كان غالبًا.
(1)
4 -
إن ما تعلق به الحكم لم يفرق بين خالصه ومشوبه؛ كالنجاسة في الماء، والنجاسة الخالصة.
(2)
أدلة القول الرابع: استدل أصحاب القول الرابع بما يأتي:
1 -
إننا لم نتحقق وصول اللبن إذا كان مغلوبًا.
(3)
2 -
قياس الحليب المغلوب على جب الماء؛ تقع فيه القطرة، فيشرب بعضه.
(4)
أدلة القول الخامس: استدل أصحاب القول الخامس بما يأتي:
1 -
إن أجزاء اللبن حصلت في بطنه، أشبه ما لو كان لونه ظاهرًا.
(5)
ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا ليس برضاع، ولا في معناه؛ فوجب ألا يثبت حكمه فيه.
(6)
أدلة القول السادس: استدل أصحاب القول السادس بما يأتي:
1 -
إنه وجور
(7)
، والوجور - عندهم - لا يحرم شيئًا.
2 -
إنه لا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع؛ يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا، ولا يسمى رضاعة، ولا إرضاعًا إلا أخذُ المرضع أو الرضيع بفيه الثديَ وامتصاصُه إياه؛ تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك؛ فلا يسمى شيء منه إرضاعًا، ولا رضاعة ولا رضاعًا؛ إنما هو حلب وطعام وسقاء، وشرب وأكل وبلع، وحقنة وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا.
(8)
(1)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241 - 242).
(2)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 88).
(3)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5)
(4)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 5)
(5)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242).
(6)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 242).
(7)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 241).
(8)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
ونوقش بما يأتي: أ- إنكم قستم ذلك على الرضاع والإرضاع.
(1)
وأجيب عنه: بأن القياس كله باطل، ولو كان القياس حقًّا لكان هذا منه عين الباطل، وبالضرورة يدري كل ذي فهم أن الرضاع من شاة يشبه الرضاع من امرأة؛ لأنهما جميعًا رضاع، والرضاع من الشاة يشبه الرضاع من المرأة أكثر من الرضاع بالحقنة، ومن الرضاع بالسعوط، وأنتم لا تحرمون بغير النساء؛ فلاح تناقضهم في قياسهم الفاسد، وشرعهم بذلك ما لم يأذن به الله عز وجل.
(2)
ويمكن أن يناقش الجواب: بقول الله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: 23]، وغير بني آدم لا يصير لبني آدم أمًّا، ولا أخًا في الجنس، فضلًا عن الرضاعة.
ب - إن قولكم هذا مخالف لما دلت عليه نصوص الشريعة التي تعتبر ما فتق الأمعاء من الألبان محرِّمًا؛ في مثل المرويات الآتية: "إنما الرضاع ما فتق الأمعاء" رواه أصحاب السنن
(3)
، "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه
(4)
، وهذا يوجد في اللبن الواصل إلى الجوف؛ صبًّا في الحلق، أو التقامًا للثدي، أو غير ذلك، ولعل رضاع سالم - كما في صحيح مسلم
(5)
- كان هكذا.
(6)
كما يمكن أن يناقش دليلهم بما يأتي:
ج- إن هذا تخصيص للحكم الشرعي بالعرف اللغوي، والعرف الشرعي يقدم عليه إذا تعارض معه.
- الترجيح: الراجح ثبوت التحريم من الحليب المخلوط بالدواء غالبًا كان أو مغلوبًا؛ إذا بقي مسمى الحليب بعد الخلط؛ لعموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية، ولأن الحليب المخلوط إذا وصل إلى الجوف فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع معه نشوز العظم
(1)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(2)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(3)
تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(4)
تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.
(5)
سيأتي تخريجه في المسألة السادسة من هذا المطلب.
(6)
ينظر: المازري: المعلم بفوائد مسلم (2/ 110). القاضي عياض: المصدر السابق، (4/ 640).