الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وهي الزوجة -، ومن رأى في الوطء مثيبًا للبن - وهم المالكية
(1)
-؛ ألحق بالزوج كل مرضع وطئها من زوجاته.
المسألة الثالثة: إذا نزل للرجل حليب، فأرضع به صبياً
.
يطلق بعض الفقهاء هذه المسألة: إرضاع الذكور
(2)
، وقد اختُلف في تصوّر هذه المسألة وقوعًا، فقال الشافعي: ولا أحسبه ينزل للرجل لبن ا. هـ
(3)
، ثم بين حكم المسألة إذا نزل.
القول الأول: إذا نزل للرجل لبن، فأرضع به صبياً؛ لم يتعلق به التحريم.
وهو قول عامة أهل العلم
(4)
؛ من الحنفية
(5)
، وأحد قولي مالك
(6)
، وقول الشافعي
(7)
، والصحيح عند الشافعية
(8)
، والصحيح من مذهب الحنابلة
(9)
.
على أن الشافعي كره للرجل وولده نكاح الصبية إذا ارتضعت منه، وتبعه المنتسبون إلى مذهبه.
(10)
القول الثاني: تقع الحرمة به.
وبه قال المالكية،
(11)
وبعض الشافعية؛ كالكرابيسي
(12)
.
(1)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272 - 273، 280).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 276).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99). غير أنه في دراسة أجراها أحد الباحثين؛ قام فيها بتحليل الحليب الذي خرج من رجل عمره 27 سنة بسبب زيادة هرمون البرولاكتين في الدم، ووجد أن معدل تركيز البروتين وسكر الحليب (اللاكتوز) والأملاح هو نفسه الموجود في حليب المرأة المرضعة ولبئها. ينظر:
Metabolism & The Journal of Clinical Endocrinology: Composition of breast fluid of a man with galactorrhea and hyperprolactinaemia (p 581 - 582).
(4)
شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 225).
(5)
ينظر: القدوري: المصدر السابق، (ص 232). الميداني: المصدر السابق، (4/ 86).
(6)
الرجراجي: مناهج التحصيل (4/ 86).
(7)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99 - 100).
(8)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 3).
(9)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 323). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 224). المرداوي: المرجع السابق، (24/ 225). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82).
(10)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99 - 100). النووي: المصدر السابق، (9/ 3).
(11)
الرجراجي: المصدر السابق، (4/ 86). القرافي: المصدر السابق، (4/ 270).
(12)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 3). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 225).
والكرابيسي هو الْحُسَيْن بن على بن يزِيد أَبُو علي الكرابيسي؛ كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا جَامعا بَين الْفِقْه والْحَدِيث؛ تفقه أَولًا على مَذْهَب أهل الرأي، ثمَّ تفقه للشافعي، وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن يزِيد بن هَارُون وَإِسْحَاق الْأَزْرَق وَيَعْقُوب بنِ إبْرَاهِيم وَغَيرهم، وَله مصنفات كَثِيرَة، وَقد أجَازه الشافعى؛ توفي في 248 هـ تقريبًا. ينظر: ابن السبكي: المصدر السابق، (2/ 117 - 126).
- الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1 -
إنه ليس بلبن على الحقيقة؛ لأن اللبن إنما يتصور ممن تتصور منه الولادة.
(1)
ونوقش بما يأتي: أ- إن ذلك محمول على الغالب.
(2)
2 -
إن الله تعالى ذكر رضاع الوالدات، والوالدات إناث، والوالدون غير الوالدات، وذكر الوالد بأن عليه مؤنة الرضاع، فقال سبحانه:{وَعَلَى المَوْلُوْدِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوْفِ} [سورة البقرة: 233]؛ فلم يجز أن يكون حكم الآباء حكم الأمهات، ولا حكم الأمهات حكم الآباء؛ وقد فرق الله عز وجل بين أحكامهم.
(3)
3 -
قول الحق تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [سورة النساء: 23].
(4)
4 -
إن تحريم الأخوّة فرع على تحريم الأمومة، ولا يثبت تحريم الأمومة بهذا الرضاع، فالأخوّة أولى.
(5)
5 -
إنه لم يخلق لغذاء المولود الآدمي، أشبه العظام.
(6)
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1 -
إن الحرمة إذا وقعت باللبن عن وطئه، فبِلَبنه أولى.
(7)
(1)
الميداني: المصدر السابق، (4/ 86).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 270).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99 - 100).
(4)
الميداني: المصدر السابق، (4/ 86).
(5)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82).
(6)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82).
(7)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 270).
2 -
إنه لبن آدمي؛ فأشبه لبن الآدمية.
(1)
- الترجيح: قد ظهر مما تقدم أن الراجح هو القول الأول، فإن قيل: قد حرمتم لبن البكر والغالب في مثلها عدم اللبن بحجة تحقق معنى التغذية؛ فكيف اضطرب ميزانكم هنا؟ قيل: إنه لما كان الغالب في النساء ظهور اللبن المغذي من أثدائهن عند سببه اعتبر جنسهن، وعلى العكس من ذلك الرجل في الغالب، والنادر لا حكم له.
- ثمرة الخلاف: ترتب على هذه المسألة أثر في فروع فقهية؛ منها:
1 -
توريث شبهة في نكاح من أرضعه الرجال من قبل المرضع أو ولده؛ حيث كرهه مالك
(2)
، والشافعي
(3)
.
2 -
إن نزل لرجل لبن فأرضع به مولودة، ثم نكحها؛ لم يفسخ النكاح؛ فيما صرح به الشافعي
(4)
، وهو مقتضى قول الجمهور في عدم اعتبار ما يثوب من الرجال محرمًا.
3 -
لو ارتضع اثنان من رجل؛ لم يصيرا أخوين، ولم تنتشر الحرمة فيما بينه وبينهما
(5)
في قول عامة أهل العلم
(6)
، خلافًا للكرابيسي
(7)
ومن معه، وتقدم خلافه.
4 -
إذا أقيمت عمليات على ذكر لمسخ جنسه إلى أنثى؛ بإخصائه، ثم إجراء عملية جراحية لإيجاد فرج ومهبل، ثم إعطائه هرمونات الأنوثة كي تنمو أثداؤه وينعم صوته، ويتوزع الدهن في جسمه على هيئة الأنثى
(8)
؛ فحيث كان الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن العبرة بالحقائق والمعاني؛ يخرج القولان الآنفان في رضاع الرجل على المتخنث في هذه المسألة المعاصرة، وقد تقدم أن عامة العلماء على عدم اعتبار حليب الرجل سببًا في
(1)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 323). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 225).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 270).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99).
(4)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 99).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 323).
(6)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 323).
(7)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 323).
(8)
ينظر: د. عادل الصاوي: المصدر السابق، (ص 428).